مقالات

تباطؤ ونمو الطلب العالمي على النفط… ماذا يعني  للأسواق في 2025؟

بقلم – ليما راشد الملا

في أحدث تقاريرها لشهر أغسطس، كشفت وكالة الطاقة الدولية عن مؤشرات واضحة على حالة التذبذب  لنمو الطلب العالمي على النفط خلال عام 2025، في ظل ضعف الزخم الاقتصادي وتراجع وتيرة التسليمات في دول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (non-OECD).

ما الذي تكشفه الأرقام عن ملامح التحوّل في سوق النفط؟

تتوقع الوكالة أن ينخفض نمو الطلب السنوي إلى 680 ألف برميل يوميًا مقارنة بـ 860 ألف برميل يوميًا العام الماضي، وهو مستوى أدنى بـ 20 ألف برميل عن التقديرات السابقة. هذا التراجع يسلّط ليس ذو أهمية اقتصادية قصوى لكنه يسلط الضوء على إرتباطات نفسية  ذات صلة بالإقتصاد عموماً  والتحديات  التي تواجه الأسواق، خصوصًا في الدول الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل، حيث كشفت بيانات التوريد لشهري يونيو ويوليو عن أداء أقل من المتوقع.

اللافت أن هذه القوى الاقتصادية الثلاث، التي كانت محركًا رئيسيًا لنمو الطلب في 2024، تواجه الآن رياحًا معاكسة بفعل رسوم جمركية أمريكية تصل إلى 50% وقد تكون أقل لكنها عبئ جديد وإضافي ، ما يزيد من كلفة الواردات ويبطئ النشاط الصناعي والاستهلاكي. في المقابل، ظهرت نيجيريا كلاعب جديد على الساحة، مسجلة زيادة قدرها 100 ألف برميل يوميًا ويرجع ذلك لإصلاحات اقتصادية واسعة أعادت النشاط للسوق المحلي.

هل يخفي استقرار العرض تقلبات أعمق في ديناميكيات السوق؟

على صعيد المعروض، بقي الإنتاج العالمي في يوليو ثابتًا عند 105.6 مليون برميل يوميًا، إذ عوّضت زيادة إنتاج الدول خارج تحالف «أوبك+» بمقدار 230 ألف برميل يوميًا الانخفاض المماثل في إنتاج دول التحالف. وجاءت السعودية في صدارة التراجعات بفقدان 280 ألف برميل يوميًا مقارنة بشهر يونيو، بينما حققت إيران والإمارات أكبر الزيادات. أما على الصعيد الخارجي للتحالف، فقد أسهمت عودة إنتاج النفط الكندي الثقيل بعد أعمال الصيانة في دعم الإمدادات العالمية.

هل تمثل خطوة أوبك+ برفع الإنتاج بداية مرحلة جديدة أم مغامرة محفوفة بالمخاطر للأسواق؟

في خطوة مفاجئة، أعلن تحالف أوبك+ في 3 أغسطس رفع الإنتاج بـ 547 ألف برميل يوميًا في سبتمبر، مستكملاً إنهاء التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا التي تم الاتفاق عليها في نوفمبر 2023، مع منح الإمارات زيادة إضافية قدرها 300 ألف برميل.

هذا القرار يعني رفع إنتاج سبتمبر إلى 43.3 مليون برميل يوميًا، بزيادة 630 ألف برميل عن يوليو، منها 460 ألف برميل من السعودية وحدها. ورغم الإعلان عن إلغاء 1.4 مليون برميل يوميًا من التخفيضات بين أبريل ويوليو، لم يصل للأسواق فعليًا سوى 640 ألف برميل، وهذا ما يطرح علامات استفهام حول إمكانية التحالف مواصلة ضخ كميات أكبر دون التأثير سلبًا على الأسعار.

إلى أين تتجه أسواق النفط في المرحلة المقبلة؟

توازن العرض والطلب يبقى هشًا، إذ أن أي زيادة كبيرة في المعروض قد تضغط على الأسعار إذا لم يقابلها طلب قوي، خاصة في ظل تباطؤ القوى الاقتصادية الناشئة. ومع بقاء جولتين إضافيتين من قرارات التخفيضات قيد الإلغاء، قد يشهد النصف الثاني من 2025 وفرة في المعروض، ما يفرض على “أوبك+” إدارة الملف بحذر شديد.

ما الخلاصة التحليلية التي يمكن استخلاصها من المشهد النفطي الحالي؟

النفط يدخل مرحلة حساسة تتقاطع فيها السياسة والاقتصاد: رسوم جمركية أمريكية تكبح الطلب في بعض الأسواق الصاعدة، وأوبك+ ترفع الإنتاج بوتيرة أسرع من المتوقع، والاقتصاد العالمي يواجه أعباء تباطؤ النمو. السؤال الذي يفرض نفسه: هل ستنجح الأسواق في استيعاب هذه الزيادات دون الدخول في دوامة انخفاض الأسعار؟

يبدوا أن هناك مساعي من نوافذ أخرى لتخفيف الأعباء وذلك من نافذة خفض الفائدة لتحقيق توازن قدر الإمكان بين الكلفة والتحديات ذات الصلة بالنمو وسعر النفط .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى