مقالات

قطر.. بين الأصالة والتقدم

حمائم يوم السلام.. جوارح يوم الفداء

ساءنا ما يقوم به الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين وغزة، إلى أن تعدى الأمر حدوده ليقوم بضرب دولة قطر – أمس في ال ٩ من سبتمبر ٢٠٢٥. وبعيداً عن الاستنكارات والشجب، جاءت فكره اظهار الأصول التاريخية التي تعتمد عليها في مواجهة الصعاب والتحديات الحالية والمستقبلية.

 

الكنعانيين والحضارة

تبدأ الحكاية باكتشاف بعض القطع الأثرية والنقوش على الفخار، في مناطق متعددة من أراضي شبه الجزيرة- قطر، والتي تبين وجود حياة بشرية منذ الألف الرابعة ق م. فقد ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوتس، أن أول من سكن شبه الجزيرة – قطر هم القبائل الكنعانية التي اشتهرت بفنون الملاحة والتجارة البحرية. كما أن عالم الجغرافيا الإغريقي بطليموس ضمّن خريطته المسماة بلاد العرب ما أسماه قطرا وهو ما يعتقد أنه إشارة إلى شهرة مدينة الزبارة التي كانت قديماً من أهم الموانئ التجارية في منطقة الخليج، والتي اصبحت فيما بعد من أشهر مغاصات صيد اللؤلؤ، كما ذكرته مصادر ومستندات شركة الهند الشرقية. ومروراً بتلك الحقبة من التاريخ، جاءت الحضارة العبيدية، والتي قامت على اساس الزراعة والري، وامتدّت من جنوب العراق – اليوم إلى سواحل الخليج العربي. فقد قامت تلك الحضارة والتي تسمى كذلك إريدو، في حدود عام ٥٠٠٠ ق م، والتي ارتبطت بثقافة سامراء. كما تميزت هذه الحضارة بالتطوّر الواسع لشبكة القنوات من المستوطنات للري والزراعة، فكان لأرض شبه الجزيرة وسكانها نصيب منها. كما انها كانت ارض مجاورة لحضارة دلمون، ما ساهم في التطور السريع لشعبها. ومروراً بالعديد من الأحداث وظروف الحياة القاسية التي مرت على شبه الجزيرة، جاء ذكر كتارا ضمن خرائط الفيلسوف الروماني كلوديوس بطليموس في عام ١٥٠ من ميلاد المسيح عليه السلام.

 

العمارة والدولة العباسية

كان لأرض شبه الجزيرة دوراً في مرحلة الرخاء الاقتصادي للدولة العباسية، وذلك في حدود عام ٩٠٠ م، ويستدل على ذلك من المدونات المكتوبة في قلعة مروب الموجودة على الساحل الغربي والتي تمثل الطابع المعماري العباسي. فقد شارك سكانها في تجهيز أول أسطول بحري لنقل الجيوش خلال الفتوحات الإسلامية.

 

آل ثاني من تميم

في حدود عام ١٦٩٠ م، تحالف القطريون والأتراك لطرد البرتغاليين، ثم خضعت كل المناطق في الجزيرة العربية بما في ذلك شبه الجزيرة – قطر لحكم الدولة العثمانية واستمر ذلك لحوالي أربعة قرون متوالية غير أن السيطرة العثمانية كانت إسمية، حيث كانت إدارة شئون المنطقة في حكامها من شيوخ القبائل. أما عن أسرة الحكم، فهم من آل ثاني، التي استقرت حول واحة جبرين في جنوبي نجد، قبل ارتحالها إلى قطر في أوائل القرن الثامن عشر. وقد استقرت بادئ الأمر في شمال شبه الجزيرة القطرية، ثم انتقلت إلى الدوحة بعد ذلك. وكما هو معلوم فإن آل ثاني يعودون في نسبهم إلى قبيلة تميم المضرية العدنانية.

 

نواة قطر

وكان أول إشارة لقطر، ضمن ملفات المقيم السياسي في بوشهر، حول التنافس بين سكان الزُبارة والبحرين، وذلك في عام ١٧٨٢ م. كما كان ان أجرى الأسطول البحري الهندي البريطاني في عام ١٨٢٢ م، أكبر مسح شامل للمياه الساحلية، والتي وصلة سفينة ديسكفري وسايكي، قبالة الساحل الشرقي لقطر لإجراء مسح لمدينة البدع ومياهها. ويعد الرسم التخطيطي الناتج عن هذا المسح والذي أعدّه الرسام التخطيطي الملازم هاوتون، أوَّل عرضٍ مرئي معروف لقطر. كما تضمنت هذه الوثائق، وصف لمدينة البدع، على شكل مجموعات من المنازل التي تتجمع على نحو متقارب حول حِصنيَن.

 

تأسيس الدولة

يمكن التأريخ لدولة قطر الحديثة في القرن الثامن عشر، بتوحد القبائل القطرية تحت راية واحدة بقيادة الشيخ محمد بن ثاني عام ١٨٥١ م، وبموجب معاهدة حماية وقعها المقيم السياسي البريطاني بالخليج العقيد لويس بيلي في ١٢ سبتمبر ١٨٦٨ م – اي قبل ١٥٧ سنه- تم الاعتراف باستقلالية قطر وزعامة الشيخ محمد بن ثاني كأول حاكم للبلاد، إلا أن المعاهدة لم تصمد طويلا بفعل النفوذ العثماني. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وسقوط الدولة العثمانية في ١٩١٦ م وقعت قطر في عهد الحاكم الثالث الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني معاهدة حماية جديدة مع بريطانيا. والجدير بالذكر بأن التحفظ على بعض بنودها من قبل الشيخ عبدالله، كانت على البنود مثل، السماح لرعايا بريطانيا بمنافسة السكان في تجارة اللؤلؤ، تعيين مقيم بريطاني في قطر، والسماح لبريطانيا بإنشاء مكتب للبريد والبرق في البلاد.

 

اكتشاف النفط والغاز

لم يكن العام ١٩٣٩ م، عاماً عادياً، والذي نقل قطر نقلة نوعيه، وذلك عندما اكتشف النفط في غرب أراضيها. فقد كان النفط بوابة قطر للتعرف العميق على دول العالم، ففي عام ١٩٦٥ م، انضمت قطر لمنظمة اليونيسكو، ومنظمة الصحة العالمية. وفي ٣ من سبتمبر ١٩٧١ م، أنهى الحاكم السادس الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني معاهدة الحماية مع بريطانيا، معلناً استقلال قطر، لتنضم إلى جامعة الدول العربية، ومنظمة الأمم المتحدة، وبقية المحافل الدولية.

 

عن دولة قطر

تقع دولة قطر في الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية، بمساحة قدرها ١١.٥ كم مربع. ويبلغ عدد سكان دولة قطر حوالي ٣.١ مليون نسمة. ومن جانب متصل، تحتفل دولة قطر في ١٨ ديسمبر من كل عام باليوم الوطني، والذي يوافق ذكرى تأسيس الدولة على يد الشيخ جاسم بن محمد ال ثاني. وتعتبر دولة قطر اليوم، من اهم دول العالم على المستوى الاقتصادي. كونها تمتلك ١٣٪؜ من احتياطي دول العالم من الغاز. وقد بلغ الناتج القومي المحلي GDP حوالي ٢٣٧ مليار دولار، بمعدل نمو سنوي ٤.٨٪؜. ومن أبرز المدن في قطر، الدوحة، الشمال، الخور، أم صلال، الضعاين، الريان، الوكرة، الشحانية. ومن أبرز المعالم السياحية اليوم في قطر، سوق واجف التقليدي، الكورنيش، مدينة الزبارة التاريخية، الحي الثقافي كتارا، وغيرها.

 

الدولة الحديثة

استطاعت دولة قطر وضع موطأ قدم لها في العديد من المحافل العالمية والدولية، خصوصاً في السنوات القليلة الماضية، كونها تحمل رؤية واضحة ورسالة سامية تسعى لبلوغها. فقد دشنت قناة الجزيرة الإخبارية، والتي سرعان ما تطورت لتغطي كافة الألعاب الرياضية والأحداث والأخبار العالمية. كما قامت قطر بفعل ادارتها الاحترافية بالاستثمار في قطاع الصحة والتعليم، فأوجدت أمهر المستشفيات واعرق المدارس والجامعات في أراضيها. كما توجت جهودها باستضافة أهم حدث رياضي، وتنظيم بطولة مونديال كأس العالم ٢٠٢٢، في ظروف صحية صعبة – كوفيد١٩. وتسعى دولة قطر اليوم لصنع مستقبل مشرق، يليق بتاريخها المجيد، وذلك من خلال تبني المشاريع والمبادرات الرائدة، ذات القيمة المضافة، وتسعى لتتويج ذلك بالنهوض بالإنسان القطري، وذلك إدراكاً منها بأهمية هذا العنصر في البقاء والحفاظ على الدولة والهوية الوطنية.

 

 

المصادر

مكتبة قطر الوطنية – الأرشيف البريطاني

الديوان الأميري – دولة قطر

وزارة الخارجية- دولة قطر

قناة الجزيرة

مكتبة قطر

 

Nayef A. Bastaki

EXCPR Founder & MD

Consultancy and Business Management Co.

Qatar © Reference: 391.9.2025

+965 600-EXCPR (600-39277)

 

https://whatsapp.com/channel/0029VagLWiW0bIdkMhDByG3Q/107

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى