معالجة أزمة بنك الخليج ستظل بصمة راسخة في ذاكرة التاريخ الاقتصادي

مهما تعاقبت السنوات، ومرت العقود والأزمنة، ستظل بصمة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية الأسبق، الشيخ سالم العبد العزيز الصباح، عندما كان محافظاً للبنك المركزي، بصمة راسخة في ذاكرة التاريخ الاقتصادي، فقد كان قرار المعالجة قرار استراتيجي حكيم وعميق وذكي وعنقودي الأثر.
هذا القرار حوّل بنك الخليج من بنك خاسر لرأس المال بالكامل خلال أسبوع إلى بنك قائم، وجميع المساهمين والمستثمرين المكتتبين خرجوا رابحين، تتقدمهم الهيئة العامة للاستثمار التي غطت نسبة 16% من الاكتتاب، فلا بأس إن تم توصيف العملية بأن حكمة المعالجة حولت الرمال إلى ألماس.
لمن لم يعايش حقبة أزمة بنك الخليج، خسر البنك ما يعادل رأسماله كاملاً، حيث قدرت خسارة أزمة عقود المشتقات وقتها بنحو 359.5 مليون دينار كويتي، ما يعادل وقتها 1.241 مليار دولار. ولمعالجة تلك الأزمة قام البنك المركزي بوضع رقيب مؤقت على البنك، وتغيير مجلس الإدارة، مع ضمان الودائع وزيادة رأس المال بنسبة 100% بمشاركة هيئة الاستثمار في 2 ديسمبر 2008، وتم انتخاب مجلس إدارة جديد، واعتماد التقرير المالي في 11 إبريل. فقد أصدر البنك المركزي بقيادة المحافظ الشيخ سالم العبد العزيز الصباح أوامر بزيادة رأس المال 100% بسعر 100 فلساً قيمة إسمية و200 فلساً علاوة إصدار، دون انتظار لأي معوقات أو عقبات أو نشرات اكتتاب، وفي نهاية المعالجة خرج الجميع رابحاً من تلك الأزمة، وهو ما يحسب لمهندس واحد فقط اتخذ القرارات المناسبة بالقدر المناسب والتوقيت المناسب، حيث جمع البنك من الزيادة 376.2 مليون دينار، وخرج بنك الخليج من الأزمة شامخاً، وظل محل إقبال من المستثمرين، حتى أنه تم مؤخراً بيع حصة 32.75% منه بقيمة 498.2 مليون دينار، وهي حصة أقلية، حيث يتبقى 67.25% لمساهمين مختلفين.
خرج الجميع رابحين من هذه الأزمة التي كانت كفيلة أن تعصف بكيان مصرفي وضلع مهم في المنظومة، وذلك لحكمة التصرف وسرعة اتخاذ القرار، وإصدار أوامر رقابية نافذة، وهو ما يجب أن يدرس ويعاد إحياؤه كدرس في إدارة الأزمات المالية والاقتصادية وحماية المساهمين وودائعهم وأموالهم.




