مقالات

“خرافة المنتج الوطني”

بقلم المهندس: مشعل الملحم

هل يصنف المنتج الوطني أنه منتجاً وطنياً لمجرد أن مالك المصنع مواطن؟ وكيف يغدو ذلك وطنياً والوطن لا يناله منفعة طالما أنها تقتصر على صاحب المصنع؟ وما الفرق في هذه الحالة بين وكيل السيارات اليابانية وصاحب المصنع، فالاثنين يعملان لمصالحهم التجارية، فهل حينها ستغدو وكالة السيارات منتجاً وطنياً؟
..
في سنة 1999 كانت هناك حملة وطنية لدعم المنتجات الوطنية في الأسواق المركزية، وكل ما دخلت جمعية تعاونية وجدت تلك المنتجات الوطنية في مقدمة الأرفف، وتحيطها شعارات وطنية تحث الناس على الشراء منها، فشدني الفضول أن أسأل، هل هذه المنتجات فعلاً وطنية، وما تعريف المنتج الوطني، وهل المنفعة المطلقة للتاجر المحلي تعتبر منفعة وطنية؟ خاصة إذا لم تتعدى المنفعة مصلحته الشخصية إلى المصلحة العامة، فقررت أن أزور إحدى تلك المصانع الوطنية التي كانت الدولة تدعم منتجاتها في الجمعيات وأقدم لها خدماتي في تصميم مواقع الإنترنت، وكنت حينها شاباً صغير يعيل أسرته، أدير مشروعي الصغير بعد أن تركت الوظيفة الحكومية، أي أنني باختصار منتج وطني يحتاج الدعم.
وصلت المصنع، ودخلت في مرافقه العظيمة فلم أ جد سوى عمالة هندية ومكائن صينية، كل شيء فيه كان مستورداً، فطلبت مقابلة صاحب المصنع، وكنت محظوظاً بتواجده فقابلته، وقلت له أنا شاب كويتي أدير شركة صغيرة لتصميم مواقع الإنترنت، وببحث بسيط وجدت أنكم لا تملكون موقع على الإنترنت، وأنا جاي أقدم لكم عرض لتصميم موقع الإنترنت، فقال لي وكم تأخذ على تصميم موقع الإنترنت؟ فقلت: هذا الأمر يعتمد على معايير كثيرة ولكني أتوقع أن 600 دينار كويتي ستكون كافية لتصميم موقع تعريفي. فضحك وقال: بس أنا أقدر أجيب واحد أسيوي يسويلياه ب 300 دينار، ليش أسويه معاك؟ فقلت له: أنا منتج وطني! فنظر لي بصمت استمر لمدة دقيقة ولم يتكلم. ثم قال: لا أنا بسوية مع الهندي. وحينها زادت شكوكي في مفاهيم المنتج الوطني.
الغريب أن المصنع شيد على أرض الدولة بأجرة سنوية رمزية، والكهرباء حصل عليها بخفض خاص، ومنحته الدولة تسهيلات مالية وقروض ميسرة، وتأشيرات مفتوحة لاستيراد عمالته الدولية، كل شيء كان بدعم وطني، سوى أن المنفعة لم تكن وطنية، بل شخصية!

كيف يكون وطنياً؟
أؤيد وبقوة دعم المنتج الوطني، شريطة أن يكون وطنياً بالفعل، ولكي يكون وطنياً عليه أن يقدم التالي:

  1. تعيين كوادر وطنية بنسب عالية مقارنة بالعمالة الأجنبية، وبالتالي يساهم في خلق فرص عمل، وتشغيل الكوادر المحلية.
  2. طرح أسهم الشركة للإدراج، في سوق الأسهم، وبالتالي يمنح كافة المواطنين الفرصة لامتلاك جزء من المنفعة.
  3. استخدام مواد أولية من السوق المحلية، وهذا من شأنه تحريك الاقتصاد المحلي، وتشغيل القطاعات كافة وخلق سيولة في السوق.
  4. دفع ضرائب للدولة، وهذا من شأنه تحقيق إيرادات للخزينة القومية، بما يكفل تنويع مصادر الدخل، وتعزيز الإيرادات الوطنية.

ما هو دور الوطن تجاهه؟
حين يكون المصنع وطنياً بمساهماته الفعالة في العجلة الاقتصادية المحلية حينها يترتب على الدولة والمواطنين دعمه عبر مجموعة من الامتيازات، ومنها تفضيله في الشراء وتبني تسويقه كمنتج وطني محلياً ودولياً، وتقديم امتيازات له في استيراد العمالة، وأفضلية في الفوز بمناقصات الدولة، والحصول على إعفاءات ضريبية، وتخفيضات في الرسوم الجمركية، ومنحه تسهيلات ائتمانية تنافسية، وتخفيض رسوم الكهرباء والماء عليه…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى