ذئب المحاسبة ….. نصاب ما يشبع والجشع طبعه

قصة – عادل العادل
……………………
أم الكوارث هي حالة الجشع التي تتملك البعض ممن تتاح لهم فرصة النهب وممارسة اللصوصية وفق صحيح القانون المالي، ووفق هندسة الأرقام وتضبيطها وترتيبها وتزينها ورصها كالبنيان المرصوص، وبموافقة ومباركة كل الشهود من مجالس الإدارات والأجهزة التنفيذية والمدققين والمراقبين وكل الجهات الأخرى التي توافق مسبقاً أو لاحقاً.
كم كيان بسبب ذلك الـ “جشِع” ذاب “كحبة الملح في الماء”؟ كم مختلِس تسبب في تبديد الملايين وتركوه للجمعية العمومية تحاسبه، فإذا به يستقيل ويكلف من ينوب عنه، أو يغادر إلى العمرة ويتفرغ للعبادة والتقوى ويسلك دروب الخير، ولا الجمعية حاسبته ولا أحد حاسبه. الأدلة بالعشرات والتاريخ لا ينسى، واسألوا أهل الاستثمار منذ أيام ركة “البطاريات”، إن كان أحد من ناهبي الأموال طاله حساب عسير يوازي حرقة أصحاب المال الحلال من الذين تبددت وتبخرت رؤوس أموالهم أمام أعينهم.
كبيرهم الذي علمهم سحر “المحاسبة”، السحر الحلال، ملك ملوك أفريقيا في تفخيخ الميزانيات، يقوم بحياكة ونسج أكبر أفلام الموسم باحترافية شديدة.
ملك في تلبيس “القحافي”، ولعبة تبديل “القواطي”، وقريباً سينتهي من إنتاج فيلم الموسم الذي كتب مشاهده بعناية وأخرجه بشياكة وأنتجه مجانا على حساب المستثمرين والمضاربين وصغار المتعاملين.
الذئب الشرس المتأهب، المتربص بضحاياه الذين يختارهم بعناية، تراه حمل وديع في المقابلات واللقاءات العامة، وفي غرف المفاوضات خافت الصوت تعلو محياه الابتسامة الخفيفة الصفراء التي يأسر بها ضحاياه، فيشعرهم بأقصى درجات الأمان، ويمنيهم بالملايين السهلة من خلال “أوراقه” التي لا يجيد غيرها في كل مسيرته. “لبس هذا لذاك”، وبع هاذي على تلك، واقترض من ديج لذاك، وهاك ورقة دين، وشفط هالملايين لها الشركة، ثم ادمج هاذي مع ذاك واستحوذ على تلك، وهكذا. وهذه الشرباكة هي أحد أسرار المهنة التي ينسج بها “شبكة خيوط عنكبوتية” لا أحد يعرف أن يفك طلاسمها، ولا يمكن لكائن من كان أن يفهم لهذه الخلطة والتركيبة بداية من نهاية، وهذا ما يجعل الجميع يتمسك به ويخشى عليه من “نسمة العليل”، لأن الجميع سيغرق…كيف لا وهو من نسج “استثماراته العنكبوتية” وشركاته الورقية بدهاء، ويعلم متى يسحب الفتيل وينهي هذه الكيانات التي تعتبر مثل مشاريع قطع التركيب، التي في حالة “الجشع” هي أوهن من بيت العنكبوت الذي وصفها الحق في قوله “وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ”.
النصاب الجشع يمدحه الجميع، ويشهدون له بالذكاء الحاد، لكن هذا الذكاء لا يستخدمه أبداً في خير، بل يستثمره ويوظفه أينما حلت مصلحته. وما يؤسف له أنه يجد الكثير ممن يمهدون له ويوفرون له ويشجعونه ويحفزونه، لأن “أفكاره” الشيطانية تجعل لعاب من يسمع له يسيل… لكن في نهاية المطاف يضربك الضربة لا يمكنك أن تفيق منها بسهولة، لأنها تأكل الأخضر واليابس، وتتركك صفر اليدين. والعبر كثيرة وعديدة، وضحيته الثالثة على الأبواب. إنها مجرد أيام وساعات، فللأسف وقت النجاة قد “فات”، والورطة حتمية للضحية الثالثة على التوالي.
لكن أحداث “الفيلم” تؤشر إلى أنه فيما يبدوا قد ضاق زرعاً من الشريك الحالي وأشقاءه، فقرر أن يبيعهم على قارعة الطريق ويستبدلهم بحلفاء جدد.
لسان حاله يقول للضحية الثالثة، كفاك ما جنيته، ودعنا ندور “دولاب” الحظ مع حلفاء جدد من الطامحين الباحثين عن الثراء ونشوة الشركاء في كيانات مترامية الأطراف متعددة الأوجه والمسميات.
هو شخص لا يمكن الوثوق به، فتاريخه مع كل من تعامل معه أو شاركه في أعمال وأنشطة يشهد له بكفاءة التغرير والتزييف وتهكير الاستثمارات وتغيير كل القرارات لصالحه، أليس ذلك قمة الجشع!!
وإلى لقاء قريب مع واقعة جديدة وقصة أليمة من أعالي البحار وعالم ما وراء الأنهار.