
في عالم المال والأعمال ليس كل من صنع أو كون ثروة يعتبر قدوة أو نموذج يقتدى به، فقليلون جداً من يمكن اعتبارهم نماذج ناجحة أو عصامية أو من رواد المال والأعمال.
هناك البعض ممن تسللوا خفية إلى عالم المال والأعمال، دون أي تاريخ أو رصيد أو مصدر معروف، بل إنه بالتدقيق في مسارات نمو تلك الثروة تكتشف بعض التجاوزات وبعض المواربات والكثير من الالتفافات.
ليس المهم حجم المبلغ الذي بدأت به لتكون مضرباً للمثل، فصغر حجم رأس المال ثم نموه الكبير فجأة أو بعد سنوات ليس دليل على العبقرية لدى البعض، وإنما الأمر مرتبط بممارسات ممجوجة مرفوضة في بعض الحالات.
زيادة الثروة ودخول البعض في نادي الأثرياء يولد لدى قاعدة من الجماهير حالة من التقديس والترويج والدعاية والتمجيد والتعظيم، وهو ما قد يرقى في واقع الأمر إلى درجة الجريمة غير المباشرة في حق من قد يتأثر بهذه الدعاية، وخصوصاً النشء والأجيال القادمة، حيث أن هذه الدعاية يقصد منها بطريق غير مباشر تحسين الصورة السيئة والسلبية التي ارتسمت لدى قاعدة واسعة عن هذه الفئة من الأثرياء.
لكن التاريخ لا يُمحى ولا يتغير ولا يتبدل، وتبقى الممارسات الأولى هي العلامة المميزة التي تلوح في الأفق وتسبق أي ألقاب مجانية يتم المبالغة في وصفه بها، والتي تكون في كثير من الأحيان محل سخرية أو تهكم أو تندر عندما يذكر هذا المليونير أو الملياردير.
وليس سراً أن بعض رجال الأعمال الحقيقيين الشرفاء، أصحاب النزاهة والأخلاق والصفات الحميدة، باتوا يخجلون من ذلك اللقب في كثير من الأحيان، بعد أن أصبح يمنح بالمجان لمن يستحق ولمن لا يستحق، بالرغم من أن له مواصفات وقيم وأعراف ومحددات لا تليق إلا بأصحابها الحقيقيين.
رجل الأعمال الحقيقي له مواصفات كثيرة، أرقى درجاتها وأهمها وأثمنها قيمة، والتي لا يمكن شراؤها بكنوز الدنيا لأنها ممارسة تغلف كل السلوك، هي “الأخلاق”.
لا تروجوا للنكرات، أصحاب السلوك السيئ وأصحاب الممارسات الأسوأ، أصحاب التاريخ المليئ بالمطبات والمنحنيات، من يتلذذون بالإضرار بالآخرين وخداعهم والتغرير والتنكيل بهم، والتربح على ظهورهم بالحيل الكاذبة والروايات الباطلة.
لا تدفعوا ثمن عمليات التجميل الخادعة، فألف قناع لا يمكن أن يغير الوجه الحقيقي، ومئات الملايين لن ترفع رجال الأعمال المزيفين، رجال الأعمال الورقيين، رجال الأعمال المتسللين لهذا النادي الراقي، الذين اقتحموه دون استئذان ودون مبرر، ونسبوا أنفسهم بمقياس الثروة لا بمقياس الأخلاق والنفع والبصمة الإيجابية وعمارة الأرض والمساهمة في نفع البشر والآخرين.
من فسد وأفسد ولا يزال يفسد لا يستحق هذا اللقب، وليس من حقه إضافته قبل اسمه، ولا من حق الآخرين استخدامه أو مناداته به.
سلب الآخرين حقوقهم وممتلكاتهم أو التغرير بهم ليس ذكاء، ولا يمكن تسميته لاحقاً صناعة ثروة. التضليل وخداع الآخرين وتحقيق الأرباح على حساب الغير ليس له علاقة بأنك من شريحة رجال الأعمال أو من المبدعين أو من المخلدين أو من الأساطير.
السمعة الطيبة تعتبر أغلى وأكثر قيمة من المال، فالمال قد يزول أو يضيع، بينما السمعة الطيبة تبقى وتتوارث، تنشأ المكانة من المنصب، بينما تنشأ السمعة من أفعال سابقة، فالمرء بالأخلاق يسمو ذكره ويوقرُ.
تذكر دائماً أن السمعة هي الباقية وأطول عمراً من الثروة.