قصة الأحدمنوعات

الانتهازي والجمبازي

“الانتهازي” هو الذي يستغل الظروف لتحقيق مصالحه الشخصية، وغالبًا ما يتجاهل المبادئ الأخلاقية أو تأثير ذلك على الآخرين.

والانتهازية تعني استغلال الفرص لتحقيق مكاسب شخصية، حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين أو من خلال سلوك غير أخلاقي، وما أكثر هؤلاء الانتهازيين عديمي الأخلاق الذين يحللون تلك الممارسة بأنها ذكاء أو نباهة أو احترافية، لكنها في الواقع والتوصيف غير ذلك. فيمكنك ببساطة أن تلبث الحق بالباطل وأن تمضي في إنجاز صفقة أو إتمام عملية تجارية اقتصادية وفق الأطر ويتم توفيقها بدرجة 100%، لكنها في الجوهر ممارسة غير سليمة ولا أخلاقية، فيها تعدي أو هدر لحقوق الآخرين، والمتمعن فيما حوله يتلمس ذلك بوضوح، فكم من الأصول تم التهامها، وحشدت بشأنها آلاف الدراسات والتوصيات والموافقات والتصنيفات، وتم شراء أصوات أجنبية وإقليمية ودولية توصي بنجاحها وإتمامها، وأنه من دون إتمامها سينهار العالم أجمع لأنها عامود الخيمة والقوى الضاربة، لكن بمجرد انقشاع الغيوم وهدوء الرياح التي ساهمت في أن يطير الجميع، تكشفت الحقائق، لكن بعد أن أصبح طريق العودة مستحيل، فقد تعقدت الحبال.

أما “الجمبازي” فهو الشخص الماكر المخادع البهلواني، يوظف الحيل بأشكالها وألوانها في تعاملاته لتحقيق مكاسب بطرق ملتوية. نقطة الالتقاء والتلاقي واحدة، تصب في النهاية عند نقطة الحيلة والاحتيال.

لكن الأسوأ من هذا وذاك هو من يمارس الانتهازية والجمبزة بالنيابة عن الآخرين، فهناك “جمبازي وانتهازي” وتحته آلاف المنفذين، يمارس الجمبزة والانتهازية بأيادي الآخرين ليبقى هو متفرغ لجني الأرباح وتضخيم أرصدته.

هؤلاء الثلة من الجمبازية وفريق الانتهازية لحساب الغير، ربما ينطبق عليهم ما قاله الخليفة الزاهد العادل عمر بن عبد العزيز: “ألا أنبئكم بأحمق الناس؟” قالوا: “بلى يا أمير المؤمنين”. قال: “رجل باع آخرته بدنيا غيره”. أي أن أحمق الناس ليس من باع آخرته بدنياه فحسب، بل الأحمق الأشد حماقة هو من باع آخرته بدنيا غيره.

“الانتهازية والجمبازية” درجات ورتب ومدارس، بعضها بات يمارس في العلن، وبعضها يملك قليلاً من الحياء الاجتماعي، لكنها تلتقي جميعاً في نقطة ممارسة أعلى درجات الانتهازية والجمبزة.

الأعجب والأغرب هي موجة التفريخ العارمة التي تعيد حقبة تفريخ الشركات الورقية والبلونية والقيادات البهلوانية التي ملأت الدنيا وعوداً، رهانا على ذاكرة السمك.

لكن بعض الجمبازية الذين ابتلعوا أصول أو كيانات وراهنوا على هضمها وراهنوا على ذاكرة السمك، تورطوا ولم يقدروا على هضمها لأنها كانت كبيرة عليهم، والبلع دون مضغ يأتي نتيجة السرعة والتسرع، وحتما تأتي المضاعفات لاحقاً. على عكس الهادئ الواثق المتريث الخلوق الذي يعمل للجميع وليس لشخص أو مجموعة أشخاص انتهازيين لا يشبعون ولا يكتفون، حالهم كما هو حال جهنم وبئس المصير حينما تُسأل “يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ.”

“الجمبازية والانتهازية” تبقى ممارسة مؤقتة عابرة، وسيزولون حتماً لأنهم استثناء وقلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى