اختبار تاريخي: هل يُحاكم المدير التنفيذي لميتا بسبب انتهاكات الشركة؟
المساهمون يبحثون عن ثغرة لمحاسبة زوكربيرج شخصيًا

محاولات قانونية لإسقاط حصانة زوكربيرج في قضايا الانتهاكات
زوكربيرج ينجح بالفرار من المسؤولية الشخصية بدفع غرامات مليارية
قضية ميتا ومارك زوكربيرغ هو خلاف قانوني وسياسي؛ وتعتبر انعكاس لتحديات العصر الرقمي الذي نعيشه.
تسريب البيانات يعتبر خرق تقني؛ وضربة قوية لثقة المستخدمين في الشركات التقنية الكبرى.
القضية نقطة تحول في كيفية تعامل الشركات التقنية الكبرى مع بيانات المستخدمين وأثر ذلك على الديمقراطية والخصوصية.
بعد الكشف عن فضيحة “كامبريدج أناليتيكا”، انخفضت قيمة أسهم فيسبوك بنسبة 19% في يوم واحد فقط، مما أدى إلى خسارة تقدر بنحو 120 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة.
شركة “كامبريدج أناليتيكا” (Cambridge Analytica)، هي شركة استشارات سياسية، قد حصلت بشكل غير قانوني على بيانات أكثر من 87 مليون مستخدم من فيسبوك.
الدعوى تشير إلى أن الشركة فشلت في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تسريب البيانات الحساسة، مما سمح لجهات خارجية باستخدام هذه البيانات لأغراض سياسية.
دفعت هذه الحادثة العديد من الحكومات إلى تشديد القوانين المتعلقة بحماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي.
تظل قضية ميتا وتسريب البيانات التي استُخدمت لدعم حملة ترامب واحدة من أبرز الفضائح التي تسلط الضوء على أهمية الخصوصية في العصر الرقمي.
القوة الحقيقية للمساهمين تكمن في الجمع بين الضغط المؤسسي، واللجوء للأدوات القضائية الفعالة.
مساهمي الشركات الكبرى لديهم دور حقيقي في دفع عجلة التغيير القانوني والتنظيمي لحماية بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة.
النظام الأمريكي يمنح المساهمين سلطة استثنائية لمحاسبة الإدارة وضمان حماية مصالحهم حتى على أعلى المستويات التنفيذية.
كيف يمكن للمساهمين ممارسة السلطة؟
خلفية قضية ميتا ومارك زوكربيرغ: معركة قانونية وتسريب بيانات تهدد الخصوصية الرقمية
ميتا في دائرة الضوء
في السنوات الأخيرة، أصبحت شركة “ميتا” (Meta) – المعروفة سابقًا باسم “فيسبوك” – محور جدل كبير بسبب قضايا الخصوصية، التلاعب بالبيانات، والاتهامات التي تتعلق بتأثيرها على العمليات السياسية. واحدة من أبرز هذه القضايا هي الدعوى القضائية المرفوعة ضد الشركة من قبل مساهميها، والتي تسلط الضوء على تسريب البيانات الذي استُخدم لدعم حملة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. هذه القضية ليست مجرد نزاع قانوني عادي؛ بل إنها تمثل نقطة تحول في كيفية تعامل الشركات التقنية الكبرى مع بيانات المستخدمين وأثر ذلك على الديمقراطية والخصوصية.
الخلفية القانونية: المساهمون يرفعون دعوى ضد ميتا
في عام 2023، رفع مجموعة من المساهمين دعوى قضائية ضد ميتا ورئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ، متهمين الشركة بالتقصير في حماية بيانات المستخدمين. الدعوى تشير إلى أن الشركة فشلت في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تسريب البيانات الحساسة، مما سمح لجهات خارجية باستخدام هذه البيانات لأغراض سياسية.
الأرقام المثيرة للجدل
– قيمة الدعوى تقدر بنحو 5 مليارات دولار أمريكي
– المساهمون يطالبون بتعويضات عن الأضرار التي تعرضوا لها نتيجة انخفاض قيمة أسهم الشركة في السوق بعد الكشف عن الفضائح.
– بالإضافة إلى التعويضات، يطالب المدعون بفرض إصلاحات تنظيمية داخل الشركة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.
فضيحة تسريب البيانات: كيف ساعدت ميتا حملة ترامب؟
القضية تعود إلى عام 2016، عندما كشفت التحقيقات أن شركة “كامبريدج أناليتيكا” (Cambridge Analytica)، وهي شركة استشارات سياسية، قد حصلت بشكل غير قانوني على بيانات أكثر من 87 مليون مستخدم من فيسبوك. هذه البيانات استُخدمت لتحليل السلوكيات النفسية للمستخدمين وتصميم حملات إعلانية تستهدف الناخبين المؤيدين لدونالد ترامب.
كيف حدث التسريب؟
– قامت “كامبريدج أناليتيكا” بإنشاء تطبيق على فيسبوك يجمع بيانات المستخدمين الذين قاموا بتنزيله.
– لكن التطبيق لم يتوقف عند هذا الحد؛ بل جمع أيضًا بيانات أصدقاء هؤلاء المستخدمين دون موافقتهم الصريحة.
– كانت هذه البيانات تشمل المعلومات الشخصية، الاهتمامات، والموقع الجغرافي، مما سمح للشركة ببناء ملفات شخصية دقيقة للغاية.
التأثير السياسي
– ساعدت هذه البيانات حملة ترامب في تصميم رسائل موجهة بدقة لشرائح معينة من الناخبين.
– تشير التقديرات إلى أن الشركة أنفقت ما يقرب من 60 مليون دولار على الإعلانات الموجهة خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.
التداعيات على الخصوصية: هل نحن آمنون؟
تسريب البيانات يعتبر خرق تقني؛ وضربة قوية لثقة المستخدمين في الشركات التقنية الكبرى. أثارت هذه الحادثة تساؤلات حول مدى التزام ميتا بحماية بيانات مستخدميها، خاصة في ظل التقارير التي تشير إلى أن الشركة كانت على علم بالمخاطر المحتملة لكنها لم تتخذ الإجراءات المناسبة.
التأثير الاقتصادي
– بعد الكشف عن فضيحة “كامبريدج أناليتيكا”، انخفضت قيمة أسهم فيسبوك بنسبة 19% في يوم واحد فقط، مما أدى إلى خسارة تقدر بنحو 120 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة.
– فرضت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) غرامة باهظةى وقياسية على ميتا بلغت 5 مليارات دولار في عام 2019 بسبب انتهاكات الخصوصية.
التأثير الاجتماعي
– أثارت الفضيحة غضبًا واسع النطاق بين المستخدمين، حيث شعر الكثيرون بأن بياناتهم الخاصة أصبحت أداة للعبث بالديمقراطية.
– دفعت هذه الحادثة العديد من الحكومات إلى تشديد القوانين المتعلقة بحماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي.
رد ميتا: الدفاع والتبرير
في مواجهة هذه الاتهامات، حاولت ميتا تقديم تفسيرات وتبريرات لتصرفاتها:
– أكدت الشركة أنها قامت بتحديث سياسات الخصوصية وإدخال تحسينات كبيرة على نظام الأمان الخاص بها.
– دافع مارك زوكربيرغ عن موقفه قائلاً: “نحن نأخذ مسألة الخصوصية على محمل الجد، ونعمل باستمرار على تحسين طرق حماية بيانات المستخدمين.”
ومع ذلك، يبدو أن هذه الجهود لم تكن كافية لإعادة بناء الثقة، خاصة مع استمرار ظهور تقارير جديدة عن مشكلات الخصوصية داخل المنصة.
كيف استخدم المساهمون قوتهم لمحاسبة Meta على انتهاكات الخصوصية
استخدم المساهمون في شركة Meta (فيسبوك سابقًا) أدواتهم القانونية والمالية الفعالة لمحاسبة الإدارة على انتهاكات الخصوصية المتكررة وذلك عبر ما يُعرف في النظام الأمريكي بـ”دعوى المشتقات المساهمية” (Shareholder Derivative Lawsuit). إليك كيف جرت العملية وأهم آليات القوة التي استخدمها المساهمون:
1- ممارسة الحق في رفع الدعوى المشتقة
عندما يتبين للمساهمين أن الإدارة—ومعها المدير التنفيذي مثل مارك زوكربيرغ—أخلّت بواجباتها الائتمانية للشركة (مثل الإهمال في حماية بيانات المستخدمين)، يمكنهم رفع دعوى قضائية باسم الشركة ضد الإدارة، للمطالبة بتعويضها عن الخسائر الناتجة عن هذا الإهمال أو المخالفات القانونية.
في حالة Meta، استند المساهمون إلى سلسلة فضائح—أبرزها كامبريدج أناليتيكا—وما تلاها من غرامات ضخمة (5 مليارات دولار للجنة التجارة الفيدرالية و725 مليون دولار للمستخدمين)، ليطالبوا بالحساب والتعويض.
2- الاعتماد على الأوامر التنظيمية السابقة
استغل المساهمون حقيقة أن Meta كانت خاضعة منذ 2012 لأمر رقابي ملزم من لجنة التجارة الفيدرالية يفرض عليها إجراءات صارمة لحماية الخصوصية.
عند تكرار الانتهاكات، بات لديهم أرضية قانونية قوية لإثبات أن الإدارة تجاهلت بوضوح التزاماتها، ما شكل”إهمالًا متعمدًا أو خطأ جسيم”.
3- الضغط الإعلامي والمؤسساتي
المساهمون الكبار (من الصناديق الاستثمارية، وشركات التأمين، وصناديق التقاعد) غالبًا ما يملكون نفوذًا جماعيًا يمكّنهم من دفع مجلس الإدارة للرد على الشكاوى، أو إجراء تحقيقات داخلية، أو حتى التماس تغيير الإدارة لو اقتضت الحاجة.
في حالات كثيرة، يلوح المساهمون بمحاولات استبدال أعضاء مجلس الإدارة في الجمعية العمومية، أو بطلب تعيين مراقبين مستقلين للتحقيق في الإخفاقات.
4- فاعلية النظام القضائي الأمريكي
دعوى المشتقات المساهمية تمكن أي مساهم يملك أسهماً مؤهِّلة من المقاضاة دون الحاجة إلى موافقة مجلس الإدارة، شرط إثبات أن المجلس رفض اتخاذ إجراء أو تقاعس عن حماية مصالح الشركة.
في فضيحة Meta، وصلت القضية إلى المحكمة العليا في ديلاوير. وكان من المقرر أن يُمثُل مارك زوكربيرغ ومسؤولون آخرون أمام القضاء للشهادة تحت القسم، وهو سيناريو يمثل ضغطًا هائلًا على سمعة الشركة ومديريها.
5- التسوية قبل الوصول للمحكمة
غالبًا ما تنتهي هذه القضايا بالتسوية، كما حدث مع Meta، لتجنب الإضرار بالسمعة أو كشف تفاصيل إضافية.
التسوية عادةً تعني دفع الشركة لتعويضات أو التزامها بتعزيز إجراءات الحوكمة والرقابة مستقبلاً—وهو ما يعطي المساهمين انتصارًا جوهريًا ويضمن تحسين حماية الخصوصية.
القوة الحقيقية للمساهمين تكمن في الجمع بين الضغط المؤسسي، واللجوء للأدوات القضائية الفعالة مثل الدعوى المشتقة، ما أجبر Meta على الاعتراف بالتقصير والتسوية مع تفادي المزيد من الأضرار أمام القضاء والإعلام. هذه الآليات تُظهر أن النظام الأمريكي يمنح المساهمين سلطة استثنائية لمحاسبة الإدارة وضمان حماية مصالحهم حتى على أعلى المستويات التنفيذية.
هل يمكن لانتقادات المساهمين أن تغير قوانين حماية البيانات في الولايات المتحدة
نعم، انتقادات وتحركات المساهمين في الشركات الكبرى مثل Meta (فيسبوك) يمكن أن تلعب دورًا فعالًا في دفع التغيير القانوني والتنظيمي المتعلق بحماية البيانات في الولايات المتحدة، ولكن هذا التأثير غالبًا ما يكون غير مباشر ويعتمد على عدة عوامل:
كيف تؤثر انتقادات المساهمين على قوانين حماية البيانات؟
1- الضغط المؤسسي على الشركات الكبرى
* المساهمون، خصوصًا الكبار (صناديق التقاعد، الاستثمار، التأمين)، يمارسون ضغطًا قويًا على مجالس الإدارة لتقوية سياسات حماية البيانات والخصوصية، خشية الغرامات أو فقدان الثقة والسمعة.
* الاستجابة لهذا الضغط تؤدي غالبًا إلى تبني بروتوكولات صارمة تفوق الحد الأدنى للقوانين القائمة، وتضع معيارًا صناعيًا جديدًا تضطر شركات أخرى للسير على نهجه.
2- التأثير في الرأي العام والسياسيين
* عندما تثير انتقادات المساهمين قضايا الخصوصية في الإعلام واجتماعات الجمعيات العمومية، فإنها تزيد من اهتمام الرأي العام والهيئات التشريعية بهذه الثغرات.
* حالات الفضائح الكبرى (كامبريدج أناليتيكا وغيرها)، ضغط المساهمين والمستخدمين معًا دفع الكونغرس لتقديم مشاريع قوانين جديدة أو تعزيز الرقابة مثلما حدث مع لجنة التجارة الفيدرالية (FTC).
3- دعم المبادرات التشريعية
* بعض المساهمين الكبار يقدمون توصيات أو دعمًا علنيًا لمشاريع قوانين مثل “قانون خصوصية المستهلك الأمريكي” أو تشريعات مستوحاة من اللائحة الأوروبية (GDPR).
* قد يقومون بدعم حملات ضغط (لوبيينغ) مباشرة أو مشاركة في جلسات استماع برلمانية في مجلس الشيوخ والنواب الأمريكي.
4- سلاسل الدومينو التنظيمية
* عندما تجبر انتقادات المساهمين شركة كبرى على تشديد سياسات الخصوصية أو دفع غرامات قياسية، يضطر المنظمون الأمريكيون لمراجعة القوانين بهدف سد الثغرات وتطبيق معايير موحدة على الجميع.
* مثلًا: بعد غرامة FTC على Meta بقيمة 5 مليارات دولار، زاد النقاش حول تقنين خصوصية البيانات على المستوى الفيدرالي، رغم أن التشريع النهائي لا يزال متعثرًا حتى صيف 2025.
الخلاصة: دروس مستفادة وتحديات مستقبلية
قضية ميتا ومارك زوكربيرغ هو خلاف قانوني و سياسي؛ وتعتبر انعكاس لتحديات العصر الرقمي الذي نعيشه. مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا، أصبحت بيانات المستخدمين سلاحًا ذا حدين يمكن أن يُستخدم لتحسين الخدمات أو لتحقيق أهداف سياسية وتجارية مشبوهة. ويمكن القول أيضا إن مساهمي الشركات الكبرى مثل Meta لديهم دور حقيقي—ولو غير مباشر—في دفع عجلة التغيير القانوني والتنظيمي لحماية بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة.
الدروس المستفادة
1- أهمية الشفافية:يجب على الشركات التقنية أن تكون أكثر شفافية بشأن كيفية جمع البيانات واستخدامها.
2- تشديد القوانين: هناك حاجة إلى قوانين أكثر صرامة لضمان حماية خصوصية المستخدمين ومنع التلاعب بالبيانات.
3- التوعية الرقمية: يحتاج المستخدمون إلى تعزيز وعيهم حول كيفية حماية بياناتهم الشخصية.
التحديات المستقبلية
– كيف يمكن تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية الخصوصية؟
– هل ستتمكن الحكومات من فرض رقابة فعالة على الشركات التقنية الكبرى؟
الخاتمة: ميتا في مواجهة التغيير
في النهاية، تظل قضية ميتا وتسريب البيانات التي استُخدمت لدعم حملة ترامب واحدة من أبرز الفضائح التي تسلط الضوء على أهمية الخصوصية في العصر الرقمي. بينما تستمر الشركة في مواجهة التحديات القانونية والاجتماعية، فإنها تقدم درسًا مهمًا للشركات التقنية الأخرى حول أهمية وضع الخصوصية في قلب استراتيجياتها.
سؤال يبقى مفتوحًا: هل ستتعلم ميتا من أخطائها، أم أننا نتجه نحو المزيد من الفضائح في المستقبل؟