مقالات

إعادة التمويل بالعجز… والربح بالاستثمار: لماذا أسهم العقار هي الورقة الرابحة؟

بقلم/ عبد الله النصر الله

عودة الكويت إلى أسواق الدين

في ظل ضغوط أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية، عادت الكويت إلى أسواق الدين بعد ثماني سنوات من الانقطاع عبر قانون الدين العام الجديد الصادر في مارس 2025، والذي وضع سقفًا قدره 30 مليار دينار.

هذه الخطوة ليست مجرد اقتراض لسد عجز الموازنة، بل هي منظومة مالية متكاملة تفتح الباب أمام دورة جديدة من الاستثمار والفرص.

كيف تعمل الآلية؟

* تقوم الدولة بإصدار سندات وصكوك للبنوك المحلية والدولية بالعملتين الدينار والدولار.

* الكويت تقترض بضمانتها السيادية، بينما تحصل البنوك على أوراق مالية مضمونة العائد.

* البنوك المحلية تحوّل الأموال إلى خزينة الدولة مقابل سندات يمكن استخدامها كضمان للاقتراض.

* رغم أنها ليست “كاش” مباشر، إلا أنها تُسجَّل كأصول سائلة عالية الجودة (بمثابة النقد)، ما يعزز قوة ميزانيات البنوك.

أين ستذهب الأموال؟

وفق تقديرات الحكومة، لن يتجاوز الاقتراض الإجمالي 30 مليار دينار، ومنه 2.7 مليار دينار قيد التوزيع في 2025 و2026. هذه المبالغ ستوجَّه إلى:

1. الرواتب – لضمان استقرار الدورة الاقتصادية وتعزيز القدرة الشرائية للأفراد.

2. مشاريع البنية التحتية – من طرق وجسور وخدمات عامة، لتحسين جودة الحياة وخلق فرص عمل.

3. استثمارات استراتيجية – تهدف إلى تنويع الاقتصاد وزيادة الإيرادات غير النفطية.

هذا التوزيع يعني أن التدفقات لن تقتصر على “العملاء المفضلين” للبنوك، بل ستصل إلى قطاعات أوسع في الاقتصاد، وهو ما يخلق دورة ثروة جديدة تعزز فرص من يعمل بذكاء واجتهاد.

من المستفيد؟

– البنوك: تحقق ربحًا مزدوجًا؛ الأول من الفوائد على السندات الحكومية، والثاني من توسع محفظة القروض خاصة العقارية، والتي تمثل تاريخيًا نحو 45% من إجمالي الائتمان وفق بيانات بنك الكويت المركزي خلال السنوات العشر الماضية.

– العقار: هو الرابح الأكبر على المدى الطويل، لأن مشاريع البنية التحتية ترفع قيمة المناطق وتزيد جاذبية الأصول العقارية وتدعم ارتفاع العوائد الإيجارية.

ولماذا العقار بالذات؟

مع ضخ السيولة في النظام المالي، من الطبيعي أن يرتفع مستوى التضخم. وفي مثل هذه البيئات، يُعد العقار أفضل وسيلة للتحوّط، لأنه يحافظ على القوة الشرائية للأموال، ويمنح فرصة لتحقيق زيادة في رأس المال بمرور الوقت. وبذلك يتحول الاستثمار العقاري إلى أداة مزدوجة: حماية من التضخم وعائد تصاعدي على المدى الطويل.

العقار مكلف… فما الحل؟

الاستثمار المباشر في العقارات ليس في متناول الجميع. هنا تبرز الأسهم العقارية المدرجة كخيار عملي لأنها:

* تمنح المستثمر دخولًا وخروجًا سريعًا.

* يمكن رهنها مقابل قروض لإعادة استثمارها.

* توفر توزيعات سنوية ودخلًا ثابتًا.

* تمنح احتمال ارتفاع القيمة السوقية مع تحسن بيئة التمويل.

معايير اختيار السهم المناسب

السهم العقاري الجيد في الظروف الحالية يتميز بأنه:

1. منخفض السعر.

2. عالي السيولة والتداول اليومي.

3. يوزع أرباحًا سنوية.

4. تقليدي حاليًا لكنه مرشح للتحول إلى إسلامي.

5. له استثمارات في البنوك، بما يعزز استفادته من قوة القطاع المالي.

لماذا “إسلامي”؟ لأن المنصات الإسلامية في نمو متسارع، وإذا أُدرج السهم فيها فسيُفتح أمامه سوق جديد من المستثمرين، ما يزيد الطلب على تداوله.

وماذا عن المواطن؟

قد يتساءل القارئ: كيف تنعكس هذه الدورة المالية عليّ كمواطن؟

الإجابة أن الأثر مباشر وغير مباشر في آن واحد:

* الرواتب ستبقى منتظمة بفضل التمويل الحكومي، مما يحافظ على الاستقرار المالي للأسر.

* الخدمات العامة ستتحسن عبر مشاريع البنية التحتية، من طرق وجسور إلى مرافق جديدة ترفع جودة الحياة اليومية.

* فرص العمل ستتوسع في المقاولات والخدمات المساندة للمشاريع.

* العقار سيزداد جاذبية مع تحسين الأحياء، ما يرفع قيمة العقارات التي يملكها الأفراد.

* وحتى من لا يملك عقارًا يمكنه المشاركة عبر الأسهم العقارية المدرجة بمبالغ بسيطة، والاستفادة من التوزيعات السنوية وإمكانية ارتفاع الأسعار.

وهكذا يصبح المواطن جزءًا من الحلقة: مستفيد من الأمان الوظيفي والخدمات المطورة، ومشارك في فرص الاستثمار التي أتاحها الدين العام.

الخلاصة

ما بدأ كخطوة حكومية لتمويل العجز، تحوّل إلى فرصة سوقية متكاملة:

* البنوك أصبحت أقوى وأكثر قدرة على الإقراض.

* العقار التجاري هو الفائز الأكبر، خصوصًا مع دوره كوسيلة للتحوّط ضد التضخم.

* الأسهم العقارية المدرجة تمنح المستثمرين — صغارًا وكبارًا — طريقًا آمنًا ومرنًا للاستفادة من هذه الدورة المالية الجديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى