قصة الأحدمنوعات

تطريز الفرص وبساط التفاؤل المفرط

قصة، وقضية في آن واحد، سائدة في كل الأسواق حول العالم، وهو ملف التقييمات أو الاستشارات الأولية التي تحمل آراء وتوصيات تسبق القرار النهائي، والداعمة لمشاريع استثمارية مختلفة،  مثل الاستحواذ والسيطرة والتصفية والدمج والتأسيس والتجزئة والشراكة، وغيرها من الممارسات المالية المتعارف عليها.

في المشاريع الاستراتيجية يتم حشد بيوت الخبرة من كل حدب وصوب، وتعقد ورش العمل ومئات الاجتماعات، وتمر كافة الإجراءات في المسارات الطبيعية، ثم تعرض الأرقام على الجمعيات العمومية وتحصل على الموافقات اللازمة.

لكن بعد إغلاق “الديل” غالباً ما تظهر اختلافات، وتتبدل الأرقام، وتختلف المراكز والمواقف، وكأن كل قوى الدفع كانت تستهدف فقط اتمام العملية، وما يليها ” يصير خير”.

التساؤلات أمام هكذا ملفات وسيناريوهات كثيرة، وهي:

1- هل النتائج والأرقام التي تخرج بها بيوت الإسناد تتم على أرقام ووقائع وسيناريوهات متفائلة بشكل زائد عن الحد، وتتم وفق رؤى متفائلة لا تأخذ في الاعتبار تحديات وعقبات ومصاعب تشغيلية ليست سهلة أو على بساط التفاؤل المفرط؟

2- هل يمكن لجهات تقدم خدمة، هي عبارة عن رأي مقابل “ملايين الدولارات” في شكل رسوم مقابل استشارة، أن تصدر هذا الرأي ضد مصالح الجهات التي استعانت بها؟ أم أن الرأي يصدر بالتنسيق والتشاور وفي اتجاه رغبة من سيقوم بسداد فاتورة الرسوم؟

3- كيف يمكن للمساهمين والأقليات الرجوع على هذا الكم من “بيوت الاستشارات” التي تم حشدها، وكل جهة قالت برأي في نقطة من مفاصل المشروع، فلا توجد جهة واحدة تتحمل المسؤولية المطلقة بالكامل، بل يأتي الرأي كرأي مجمع مشترك لعشرات الجهات؟

4- ماذا يحدث في نهاية الصفقة لو كانت الأرقام والنتائج على أرض الواقع مختلفة ومغايرة لما تم تسويقه وترويجه؟ في الوقت الذي يكون أمامنا فريقين، فريق حقق أهدافه بربح وعوائد باهظة وقياسية واستثنائية، وفريق آخر لحقت به أضرار وخسائر آنية، وعلى المدى البعيد تأثر الاستثمار وتراجعت قيمته وقوته، وفقد الكثير من ملائته، وتراجعت مستويات الأمان التي كان يتميز بها، أي أن الخسائر مركبة للفريق الثاني.

5- هل ما يحدث في معظم الحالات يكون سوء إدارة من الفريق المدير؟ أم أن الأرقام أساساً مضللة وغير واقعية؟ وكل فرصة يمكن تغليفها بغلاف من الإيجابية وتطريزها بمستقبل مشرق مزدهر وفقاً لمعطيات ومبررات وتنبؤات وتوقعات مدعمة بالمعطيات التي لا يمكن الاعتراض عليها لأنها استشراف للمستقبل ووعود.

5- ما هي مسؤوليات مجالس الإدارات التي تعمل بكل قوة وعزم على تمرير مثل هذه الملفات، وتقر ما جاء من نتائج وتوصيات على اعتبار أنها صادرة عن عباقرة ورموز المال والأعمال وأباطرة الاستشارات وملوك الاستراتيجيات؟

7- هل قدرات أي جهات إشرافية في أي سوق في العالم تتفوق على قدرات وإمكانيات الكم الهائل من بيوت الخبرة والاستشارات التي يتم حشدها؟ وهل يمكنها التفوق عليها أو رفض أرائها وتوصياتها؟ وهل تضطلع بمسؤولية تجاه النتائج أم أن المسؤولية يتحملها المساهم؟

8- لماذا لا تعلن حجم الرسوم وقيمة المبالغ الاستشارية التي يتم إنفاقها على الدراسات والاستشارات ومختلف الخدمات الفنية التي تتم في الصفقات العملاقة حول العالم؟

9- من المفارقات والملاحظات العامة أن الفرق الاستشارية والفنية الضخمة التي تتكون لمراجعة مشروع تكون متوافقة بنسبة 100%، ولم تنشق أي جهة أو تعتذر أو تستقيل من المهمة، هل ذلك التوافق دليل على نزاهة التقييمات وسلامتها أم العكس؟

10- من الجاني في هكذا ملفات؟ ومن العقل المدبر؟ فكل الصفقات مكوناتها عبارة عن طرفين، طرف رابح “بنهم” وطرف متأثر أو خاسر، هل التفاوت من سمات هكذا تعامل، وحتمياً هناك طرف مستفيد أكثر من طرف؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى