المطراش … والطرطور …يديرون حلال المساهمين

قصة اقتصادية خيالية توعوية
يكتبها عادل العادل
رغم أنه رجل “أنون” وخبير بمواده ودهاليزه إلا أنه ترك كل الفرص التي تولدت أمامه في هذا المجال وفضل أن يعمل “مطراشاً” كون هذه المهنة تناسبه وتناسب شخصيته المطيعة المنفذة للأوامر والحافظ للولاء والطاعة العمياء بدقة متناهية.
مطراش مفرد وجمعها مطاريش، كان يستخدمها أهل البحر، وهذا يعني أنها كلمة برمائية، وهذه الكلمة عند أهل البحر تعني سفرة واحدة، لكن لها مقاصد عديدة متنوعة الأفعال والأعمال، والمقصود منها هو الخدمة أو العمل، في الزمن المراد تحصيل فعله ومفعوله وتأتي على صيغة أمر من الكبير إلى الصغير فينفذ أوامره حيث يقول الكبير طرشنا فلانا إلى فلان من الناس.
“عصومي ” شخصية كرتونية مطيعة توقع وتنفذ الأوامر دون نقاش وعليه تقع المسؤولية…مقابل المكافآت والمميزات والرزة المجتمعية، “الرئيس راح … الرئيس حل … الرئيس مشغول.. الرئيس في اجتماع ” ألقاب فخمة ووجاهة واستقبالات غير، آلاف الشركات تطلب وده، فالجميع أصابعهم تحت ” ضرسه” يميز من يشاء ويعاقب من يريد.
لأن معذبه من النوع “اللعوب” الذي يهوى “تلبيس القحافي” فيختار كل المحيطين به من هذا النوع فهو لا يريد رؤس تناقشه أو تكفه عن أخطائه ومغامراته فقط يهوى المصفقين والمنفذين.
المطراش كان أحد أجمل الهدايا لذلك مستمر فصولا طويلة، فهو متخصص في التوقيع وترتيب الأوراق أما الجوانب التشغيلية فلها من يقوم بها.
حال الشركة لا يسر تشغيليا، وسنويا ما بين خسارة طفيفة أو أداء معدوم يجعل الجميع يضرب كفاً بكف، كل هذه المبيعات والعمليات والأنشطة ولا ربح يذكر ولا توزيعات مرضية ولا حتى أداء يعوض حاملي السهم.
منافسيه الذين لا يحتكرون أراضي أملاك دولة مثله يربحون ثلاثة أضعافه برغم تواجدهم في نفس السوق ويؤجرون كل شيئ لكنهم مبدعون يعرفون كيف يخدمون العملاء ويوفرون لهم كل سبل الراحة.
شاخت الشركات بسبب التركيز على الربح الخاص وترك مصالح الشركاء وأمانتهم بلا أدنى اهتمام، “شهادة ” المطراش ربما باتت أهم من ماجستير إدارة أعمال من جامعة لندن بزنس سكول، فأن تجيد لغة الصمت وتنفذ التعليمات صح كانت أم خطأ فأنت وصلت وموضوعك عندنا.
البعض يستغرب من أداء هذه الشركة أو تلك لكن يذهب سريعاً إلى مبررات أخرى وشماعة المنافسة وظروف السوق والوضع الاقتصادي والحكومة مطلوب منها هذا وذاك، لكن لا أحد يلوم نفسه أو مجلس إدارته المركبة من مطراش ونادل، لما لا فليس بمستغرب أبداً أن رئيس إحدى الشركات، قبل تصفيتها، كان يعمل قبل عدة أعوام سكرتيراً، بدرجة مرافق و”شوفير”.
ربما المطراش عصام أهون الشرور من “الكارثة ” الأخرى الذي لا يفقه كثيراً سوى في لغة تضبيط “جناط” السفر والذهاب إلى المطار والمرافقة في واجبات العزاء.
كما هو حال ” الرقي ” من الخارج غير الداخل، فكل من الرئيسين يحمل الحصانة المجتمعية والوجاهة والرزة والبرستيج والحضور الإعلامي عبر شاشات التلفزة ووسائل الميديا الورقية لكن الوجه الخفي يعلمه ويطلع عليه قلة قليلة وهم من يعرفون حقيقة هذا الرئيس وذاك المطراش.
أما الأحاديث عن الاستراتيجيات التشغيلية والتوسعات الإقليمية والفرص الذهبية والوعود الوردية فهي ثرثرة إعلامية ومؤثرات موسيقية يتم العزف بها على الأوتار العاطفية التي ترسم صور غير واقعية وأحلام خيالية بعيدة عن الواقعية.
فما بين “المطراش والطرطور” علاقة وثيقة ومشتركة هي الطاعة العمياء والتنفيذ المحكم والإصغاء الجيد للتعليمات، ورعاية مصالح المعذب، لا نقاش ولا استفسار، وقع “وجب” والمسؤولية علينا مو عليك، جيوش جرارة تراجع قبل أن يأتيك الملف للتوقيع، فما في الميزانيات أعلى من قدرات المطراش والطرطور.
فمن باب النصيحة الصادقة إن رأيت مطراشاً أو طرطوراً في أي كيان كان حتى لوكان حتى ” أبل ” أو “إنفيديا” فلاتقترب من أسواره، واعلم علم اليقين أن الفخ كبير وأن هؤلاء ما هم إلا أدوات لتنفيذ المهمة، لكن قلة من هؤلاء الطراطير والمطاريش تكون حظوظهم أفضل من أشباههم فيتم ترقيتهم لاحقا لدرجة (…) ولا ينال هذا الشرف سوى الفريد من نوعه وفلتة زمانه.
…ومع قصة جديدة وعبرة متجددة.