تقارير وأبحاث

تراجع أسعار النفط مع ارتفاع الدولار وضعف المؤشرات من الصين

تقرير كامكو إنفست حول أداء أسواق النفط العالمية

• الصين: خطة بقيمة 1.4 تريليون دولار أمريكي لإنقاذ الاقتصاد
• تركيز على إعادة هيكلة ديون الحكومات المحلية المثقلة بالديون
• إنتاج النفط الأمريكي بلغ مستوى قياسي بواقع 13.5 مليون برميل يومياً
• أسعار النفط الخام بدرجاته سجلت مكاسب هامشية في أكتوبر 2024
• زيادة إنتاج النفط الصخري قد تضر بالقطاع النفطي مستقبلاً

تداولت أسعار النفط الخام في حدود 72 دولار أمريكي للبرميل، بعدما انخفضت من مستويات الذروة التي بلغت نحو 76 دولار أمريكي، متأثرة بشكل رئيسي بارتفاع الدولار الأمريكي وتباين مؤشرات الطلب القادمة من الصين، والتي أظهرت ضعفاً مستمراً في الطلب على المدى القريب. في ذات الوقت، أثارت التغييرات الحكومية في الولايات المتحدة تساؤلات حول احتمالات زيادة الإنتاج النفطي للدولة. من جهة اخرى، ساهم إغلاق وحدات إنتاج النفط والغاز في خليج المكسيك نتيجة العاصفة الاستوائية رافائيل في تعزيز أسعار النفط مؤقتاً. وقد عطلت العاصفة انتاج 449.5 ألف برميل يومياً من النفط الخام، أي ما يعادل نسبة 25.7 في المائة من إنتاج المنطقة، وفقاً لبيان صادر عن مكتب السلامة وإنفاذ لوائح البيئة الأمريكي (BSEE)، نقلاً عن وكالة بلومبرج. كما ساهمت توقعات بأن تشهد أوروبا شتاءً أكثر برودة خلال الأسابيع القادمة في دعم الأسعار.

في المقابل، أشارت المؤشرات الاقتصادية التي اعقبت الانتخابات الأمريكية إلى إمكانية تحسن الاداء الاقتصادي نسبياً في الولايات المتحدة، بفضل السياسات الجديدة المقترحة من قبل إدارة ترامب، والتي تشمل التعهد بخفض الضرائب وفرض التعريفات التجارية. نتيجة لذلك، من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، بينما يتوقع أن تظل معدلات التضخم أعلى من التوقعات السابقة. وقد ساهم هذا الوضع في ارتفاع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته المسجلة في أربعة أشهر مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى. ويؤثر ارتفاع الدولار في زيادة تكلفة النفط بالنسبة للمستوردين، مما ينعكس سلباً على الطلب.
على صعيد الطلب، أعلنت الصين عن طرحها لخطة بقيمة 1.4 تريليون دولار أمريكي لإنقاذ الاقتصاد، مع التركيز بصفة رئيسية على إعادة هيكلة ديون الحكومات المحلية المثقلة بالديون. إلا أن هذا الإعلان شكل خيبة أمل لمراقبي سوق السلع الذين كانوا يأملون في الإعلان عن تدابير تهدف إلى تعزيز الاستهلاك المحلي وزيادة الطلب. من جهة أخرى، يرى بعض الاقتصاديين أن الحكومة الصينية قد تتجه إلى الحفاظ على هوامش أمان وتأجيل أي إجراءات تحفيزية كبيرة في محاولة للاستعداد لحرب تجارية محتملة مع الولايات المتحدة، خاصة بعد تولي الحكومة الأمريكية الجديدة السلطة العام المقبل. في هذا السياق، تعهد وزير المالية الصيني بتعزيز قوة السياسة المالية العام المقبل، من أجل مواجهة السياسات التجارية المتوقعة من الإدارة الأمريكية الجديدة. وتوقع المحللون أن تعتمد الصين المزيد من المبادرات التحفيزية لتعزيز الاقتصاد، ودعم قطاع التصنيع، وقد تسمح حتى بتخفيض قيمة اليوان الصيني للحد من الآثار السلبية المتوقعة من السياسات الأمريكية على الاقتصاد الصيني.
أما على صعيد العرض، سجل إنتاج النفط في الولايات المتحدة مستوى قياسي جديد بلغ 13.5 مليون برميل يومياً، وظل مرتفعاً خلال الأسابيع الأربعة الماضية، رغم انخفاض عدد منصات الحفر النفطي التي بقيت دون مستويات ما قبل الجائحة. وفي تصريح حديث، أشار المدير المالي لشركة Diamondback Energy إلى أن زيادة إنتاج النفط الصخري قد تضر بالقطاع، حيث يواجه المنتجون صعوبة في مراقبة التدفقات النقدية. من جهة أخرى، شهد إنتاج الأوبك من النفط نمواً ملحوظاً خلال شهر أكتوبر 2024، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى زيادة إنتاج ليبيا بنحو 500 ألف برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق، بالإضافة إلى رفع مستوى الإنتاج في نيجيريا، الأمر الذي ساهم في تعويض انخفاض الإنتاج من معظم منتجي المجموعة الآخرين.

الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
ظلت أسعار النفط الخام تشهد تقلبات ملحوظة خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد الهجمات التي استهدفت إيران. وأسهمت الاستجابة الضعيفة التي تجنبت استهداف المنشآت النفطية الرئيسية في تراجع الأسعار بأكثر من نسبة 6 في المائة في 28 أكتوبر 2024، حيث انخفضت علاوة المخاطر المتعلقة بانقطاع الإمدادات النفطية بشكل كبير عقب الهجمات الأخيرة. إلا أن صدور عدد من التقارير التي أشارت إلى انخفاض مخزونات النفط الخام والبنزين في الولايات المتحدة ساهم في تعزيز التفاؤل بشأن استمرار قوة الطلب في السوق الأمريكية، مما ساعد في دعم الأسعار بنهاية الشهر. كما ساهمت التقارير المتعلقة بالهجمات الانتقامية من قبل إيران في توفير دعماً اضافياً لأسعار النفط الخام. بالإضافة إلى ذلك، أسهم قرار الأوبك وحلفائها بتأجيل إلغاء تخفيضات الإنتاج حتى العام المقبل في دعم استقرار الأسعار.
وبلغت أسعار العقود الآجلة لمزيج خام برنت ذروتها، متخطية 76 دولار أمريكي للبرميل في الأسبوع الأول من نوفمبر 2024، إلا أن الأسعار تراجعت خلال الأسبوع الثاني لتنخفض إلى ما دون 72 دولار أمريكي للبرميل في 11 نوفمبر 2024. وكان ارتفاع الدولار الأمريكي من أبرز الأسباب الرئيسية التي ساهمت في انخفاض الأسعار خلال الأسبوع الماضي.
أما من حيث الاتجاهات الشهرية للأسعار، سجلت أسعار جميع درجات النفط الخام تقريباً مكاسب هامشية خلال شهر أكتوبر 2024 مدفوعة بارتفاع الأسعار خاصة في بداية الشهر. إذ ارتفع متوسط سعر العقود الفورية لمزيج خام برنت بنسبة 1.8 في المائة ليصل إلى 75.6 دولار أمريكي للبرميل في أكتوبر 2024 مقارنة بمتوسط 74.3 دولار أمريكي للبرميل في شهر سبتمبر 2024. من جهة أخرى، ارتفع سعر سلة الأوبك المرجعية بنسبة 1.2 في المائة ليصل إلى 74.5 دولار أمريكي للبرميل، في حين كانت أسعار خام التصدير الكويتي ثابتة مقارنة بالشهر الماضي، إذ استقرت عند 74.9 دولار أمريكي للبرميل في أكتوبر 2024. في ذات الوقت، أشارت تقديرات الإجماع إلى تراجع سعر مزيج خام برنت مرة أخرى خلال الستة أرباع المقبلة. إذ تم خفض توقعات الربع الرابع من العام 2024 بمقدار 1.5 دولار أمريكي للبرميل إلى 77.0 دولار أمريكي للبرميل، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج.

الطلب العالمي على النفط
وفقاً لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن الأوبك، قامت الأوبك مرة أخرى بخفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط للعام 2024، وذلك للشهر الرابع على التوالي. إذ خفضت الوكالة توقعاتها بمقدار 107 ألف برميل يومياً وتتوقع الآن أن يصل الطلب على النفط إلى 104.03 مليون برميل يومياً خلال العام، بزيادة قدرها 1.82 مليون برميل يومياً مقارنة بالعام 2023. وتعكس المراجعة الهبوطية التعديلات المتعلقة ببيانات الطلب الفعلي على النفط للأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي. كما تعكس هذه المراجعة انخفاض توقعات الطلب على النفط في الصين والهند وآسيا الأخرى وأفريقيا ودول أوروبا الاسيوية الأخرى مدعومة ببيانات فعلية. في مقابل هذه المراجعات الهبوطية، تم رفع توقعات الطلب للدول الأمريكية والدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وعدد من الدول غير الأعضاء في المنظمة.

كما خفضت الأوبك توقعاتها للعام 2025 بمقدار 103 ألف برميل يومياً، ليصل بذلك معدل النمو إلى 1.5 مليون برميل يومياً. وتتوقع الأوبك أن يصل الطلب على النفط إلى 105.6 مليون برميل يومياً العام المقبل. كما تشير التوقعات إلى مساهمة تزايد الطلب على السفر الجوي وتحسن التنقل على الطرق في تعزيز الطلب العام المقبل، خاصة فيما يتعلق بالديزل الخاص بالمركبات وشاحنات النقل. كما تتوقع الأوبك تحسن الأنشطة الصناعية والإنشائية والزراعية في الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

العرض من خارج الأوبك
أبقت الأوبك مرة أخرى على توقعاتها لنمو إمدادات النفط للدول غير المشاركة في ميثاق التعاون المشترك دون تغيير لهذا العام مقارنة بتوقعاتها السابقة. ومن المتوقع أن ينمو العرض الخاص بهذه الدول بمقدار 1.23 مليون برميل يومياً في العام 2024 ليصل في المتوسط إلى 53.07 مليون برميل يومياً خلال العام. وأظهرت التعديلات التي طرأت على بيانات العرض للفترات ربع السنوية ارتفاع العرض بمقدار 53.2 مليون برميل يومياً خلال الربع الثالث من العام 2024 مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 53.1 مليون برميل يومياً. وقد قابل ذلك مراجعة هبوطية بنفس المستوى لبيانات العرض الخاصة بالربع الرابع من العام 2024 والتي من المتوقع الآن أن تصل إلى 53.4 مليون برميل يومياً في المتوسط مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 53.5 مليون برميل يومياً. وقد طرأت هذه التعديلات بصفة رئيسية على بيانات العرض الخاصة بالدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في المنطقة. وتشير التغييرات إلى مراجعة تصاعدية لبيانات الولايات المتحدة في الربع الثالث من العام 2024 بمقدار 0.17 مليون برميل يومياً والتي قابلها جزئيا مراجعة هبوطية لبيانات العرض الخاصة بالدول الأوربية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 0.06 مليون برميل يومياً. وبالمثل، بالنسبة للربع الرابع من العام 2024، قامت الأوبك برفع توقعاتها لمستويات العرض الخاصة بالولايات المتحدة ودول آسيا والمحيط الهادئ التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. إلا أن هذه المراجعة قابلها خفض توقعات العرض الخاصة بالدول الأمريكية والأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما تم خفض توقعات العرض لأمريكا اللاتينية بمقدار 0.08 مليون برميل يومياً.

كما أبقت الأوبك على توقعاتها لإمدادات النفط من الدول غير المشاركة في ميثاق التعاون المشترك دون تغيير للعام 2025. وتتوقع الوكالة أن تنمو تلك الإمدادات بمقدار 1.11 مليون برميل يومياً لتصل إلى 54.17 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال العام 2025. أما على الصعيد الإقليمي، رفعت الأوبك توقعاتها لبيانات العرض الخاصة بالدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. في المقابل، تم خفض توقعات العرض للدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

إنتاج الأوبك من النفط الخام
شهد إنتاج الأوبك من النفط الخام أعلى معدل نمو شهري في ستة وعشرين شهراً في أكتوبر 2024 ليبلغ في المتوسط 26.9 مليون برميل يومياً. ووفقاً لوكالة بلومبرج، يعزى نمو متوسط الإنتاج بمقدار 370 ألف برميل يومياً بصفة رئيسية إلى زيادة إنتاج ليبيا. وساهمت هذه الزيادة في تعويض انخفاض الإنتاج من قبل معظم المنتجين الآخرين من أعضاء المجموعة. في ذات الوقت، كشفت البيانات الصادرة عن مصادر الأوبك الثانوية عن زيادة الإنتاج الشهري للمجموعة بمعدلات أكثر حدة بلغت نحو 0.5 مليون برميل يومياً ليصل متوسط الإنتاج إلى 26.54 مليون برميل يوميا خلال الشهر. وأظهرت بيانات الإنتاج عن تراجع حاد في انتاج كلا من العراق وإيران خلال الشهر بمقدار 90 ألف برميل يومياً و40 ألف برميل يومياً، على التوالي، وفقاً لوكالة بلومبرج، في حين كشفت بيانات الأوبك عن تراجع الإنتاج بمقدار 66 ألف برميل يومياً و68 ألف برميل يومياً، على التوالي.
وخلال الشهر، قرر منتجو الأوبك وحلفاؤها مرة أخرى تأجيل الموعد النهائي لإلغاء تخفيضات الإنتاج الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً. ويتوقع المنتجون الآن زيادة الإنتاج بدءاً من العام المقبل ومن المتوقع أن تستمر السياسة الحالية حتى نهاية العام. ويعكس التمديد تراجع أساسيات سوق النفط، حيث لم نشهد زيادة طلب الصين بعد، بينما وصل انتاج الولايات المتحدة إلى معدلات قياسية.

من جهة أخرى، شهد إنتاج النفط في ليبيا انتعاشاً ملحوظاً في أكتوبر 2024، ليتجاوز مستوى مليون برميل يومياً، بعد تراجع حدة الأزمة السياسية التي كانت قد أثرت سلباً على إنتاج النفط في البلاد. ووفقاً للتقارير، بلغ إنتاج النفط 1.3 مليون برميل يومياً ببداية الشهر، بينما سجلت الصادرات نحو 1.12 مليون برميل يومياً بفضل الشحنات الإضافية من الموانئ الثلاثة. ومن المتوقع أيضاً أن يكون برنامج التحميل لشهر نوفمبر 2024 أكثر نجاحاً مقارنة ببرنامج أكتوبر 2024. في المقابل، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا تأجيل إطلاق أول جولة تراخيص للنفط والغاز في البلاد منذ 15 عاماً إلى العام 2025.
وظل إنتاج النفط في الكويت مستقراً عند 2.4 مليون برميل يومياً في أكتوبر 2024، بانخفاض هامشي قدره 10 آلاف برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق، وفقاً لتقرير وكالة بلومبرج. وفي إطار مساعيها لتعزيز الإنتاج، تخطط الكويت لزيادة الإنتاج في حقل الخفجي النفطي خلال العامين المقبلين. وأكدت الشركة الكويتية لنفط الخليج عزمها رفع إنتاجية الحقل بمقدار 50 ألف برميل يومياً لتصل إلى 350 ألف برميل يومياً.

كامكو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى