“ناظر” مدرسة الوهم

قصة يكتبها: عادل العادل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصدير الوهم أحد المدارس التي اعتنقها لسنوات طويلة كبيرهم الذي علمهم السحر. اعتنقها لعقود من الزمن والمثير أنها نالت الإعجاب وتوسعت وباتت محل تقليد من الآخرين.
تصدير الوهم في لغة الأرقام والاقتصاد مدرسة مآلها للفشل، لأنك ببساطة تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس طول الوقت! وكثير من الدلائل والشواهد تؤكد ذلك، فكم من “جمبازي” انكشف وطارت ورقة التوت التي كانت تستر “خرابيطه” السوقية والتدليسية ذات الصلة بتفخيخ الميزانية.
“ناظر” مدرسة تصدير الوهم سقط فجأة على يد جيل الشباب، بعد أن تعثرت لغة التواصل فيما بينهم، فما كان يمارسه على الرعيل الأول لم يتمكن من ممارسته مع مدارس حديثة متطورة مسلحة بكل أنواع الإمكانات الفنية والعلمية والمهارات العملية، لذلك انكشف سريعاً ولم يصمد مع منظومة التطبيل ومشهد “ارفع وأنا أكبس” من المسرحية المالية الهزلية.
“الناظر” أحاط نفسه بفرقة الأدوات، وأطلق بالون الاختبار ونجح، فكانت تلك البادرة حجر الأساس “لمدرسة” تصدير الوهم التي كان من ضحاياها طابور طويل من الأفراد بمختلف مشاربهم. الأغرب أن من بينهم “رجال أعمال” وجهاء وتجار حكماء، ورجال أعمال من النوع الفاخر والثقيل، فاتت عليهم وانطلت ألاعيب “الناظر” الشقي، الذي برع في اصطناع الأوهام التي كانت تدر عليه الكثير من الأعمال، وتجلب له العديد من الزبائن والعملاء.
كل رأسماله أنه “مايسترو” الفرقة، مصدر التوجيهات، “ملك” الضلال وضرب الأسافين وترويج الشائعات ضد الآخرين والتجسس على معلوماتهم ونشاطاتهم ليستفيد هو من المضي بقارب “الوهم”.
المؤسف أن هذه المدرسة لا تزال مستمرة، لكنها تقليد أعمى غير محترف، وتكرار لبيع الوهم من جانب بعض أصحاب البطولات الورقية والإنجازات الصورية الوهمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع في عالم الأرقام الذي لا يملك غير لغة واحدة لا تكذب، قد يتم تجميلها لكنها تظل مكشوفة.
“ناظر” مدرسة تصدير الوهم اعتمد على ضعف المنافسين وقلة حيلتهم، أدار “أبواق” تنتقد الآخرين ولا تنتقد ممارساته ولا كيانه التجاري، حصل على ما لا يستحقه على الخارطة، فكان يستهدف كل من يرفع رأسه أو يفكر في الظهور أو يكون مشروع نجاح قادم، ليبقى هو الوحيد، رغم أن السوق يستوعب الجميع، لكنه “الجحود” و”ضيقة العين” و “الحسد” وحب السيطرة والتفرد، والضعف والخوف من المنافسة الشريفة.
بناء النجاحات على آلام الآخرين أو على حسابهم لا يمت للمنافسة الشريفة بشيئ… نسج المكائد والدسائس، ونصب الأفخاخ والمناورات، وضرب صفقات الآخرين والمزايدة السلبية عليهم ليست منافسة بناءة، فللمنافسة أصول وركائز غير التي مارسها “ناظر” مدرسة الوهم الذي نجح في تصدير سلعته الفاسدة لما يقارب الـ 50 عاماً وورثها الصعلوك الأبيض، الذي يمارس نفس السلوك المشين حاليا.
يلتقون جميعهم في نهاية المطاف في نقطة التزييف والتدليس والخداع التي فضح الله عز وجل كل من يمارس هذا الفعل المشين الشائن الوضيع، وذلك في قوله تعالى ” (قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ).
فكان الانكشاف العظيم لمن خدع البصر وصدر الوهم وأوحى بغير الواقع والحق، فهكذا يدحض الله كل أفاك أثيم كما جاء في كتابه… ” ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ ، وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ) .
فالنتيجة الحتمية لكل مدلس مصدر للوهم يجمل الأرقام بخدع مطاطية، أن تكون نهايته كما كانت نهاية “الناظر العجوز” الذي أفلت شمسه الساطعة بنهاية لم تخطر له على بال، وخرج من الباب الصغير، صغيراً لا يذكره أحد، فقط يقلدون ألاعيبه وممارساته، فهل تتعظ السوسة البيضاء؟