هيئة الصناعة: الصناعات الكويتية تعاني منافسة من منتجات خارجية أقل جودة
“الاقتصادية “تنشر تفاصيل الاستراتيجية الصناعية الوطنية لدولة الكويت 2035(55)

الحاجة ملحة لتطبيق برامج حماية المنتج المحلي
مطلوب زيادة المحتوى المحلي لرعاية المنتجات الحالية
الصناعة تعاني من مشاكل الرسوم المرتفعة
أولوية المنتج الوطني نشاط يعتمد بالدرجة الأولى على الدعم الحكومي
يجب تبني الحكومة أدوات وسياسات وتشريعات تهدف إلى لتوفير بيئة تنافسية عادلة
مطلوب تقليل العوائق التجارية وتنظيم المنافسة وتشجيع الابتكار وحماية حقوق الملكية الفكرية
الدعم المالي للشركات المحلية ضروري عبر توفير قروض بفائدة منخفضة أو الاستثمار المباشر
كتب خالد السهل:
تواصل “الاقتصادية ” نشر الاستراتيجية الوطنية لدولة الكويت التي أنجزتها الهيئة العامة للصناعة وأقرها مجلس إدارة “الهيئة” والتي تحوي العديد من المفاصل والمرتكزات الاستراتيجية الحديثة التي تغطي قطاعات جديدة، وأخرى تأخذ في الحسبان تحقيق الأمن الغذائي والدوائي وتطرقت لأول مرة إلى أنشطة المشتقات البتروكيماوية والمعرفة وغيرها من القطاعات المستقبلية الطموحة.
المتصفح للاستراتيجية يمكنه أن يتفاءل بمستقبل القطاع الصناعي لكن أهل القطاع الحقيقيين ” وأصحاب المهنة ” غير متفائلين خصوصا وأن لهم تجارب مريرة أبسطها في ملف توزيع القسائم المتعثر منذ سنوات، وخير دليل ملف منطقة الشدادية الصناعية التي زارها أكثر من 5 وزراء ولم يتحلحل هذا الملف.
باختصار، القطاع الصناعي يعد أهم قطاع اقتصادي يمكن البناء عليه ليكون الرديف القوي الآمن للنفط الذي يشكل أكثر من 90% من ميزانية الدولة، فالصناعة قطاع منتج مدر للسيولة ويحقق قوة اقتصادية ومالية في آن واحد.
ومن مميزات السوق الكويتي أن الخبرة الصناعية متوافرة والطموح كبير ورأس المال وفير، لكن كل ما يحتاجه الصناعيين توفير بيئة مرنة سهلة لممارسة أعمالهم وتوفير الأراضي للجادين.
طبيعة المرحلة المقبلة دعت الصناعيين للمطالبة بنفضة شاملة لهذا القطاع بقوة 10 درجات على مقياس ريختر، لتجديد دماء القطاع وتشكيل فريق أو مجلس صناعي مختصر العدد، مسؤول، تتم محاسبته بشكل سنوي على أرض الواقع وفقا للإنجازات الفعلية وليس الشعارات الورقية المكتوبة.
وتعميما للفائدة لرواد القطاع الصناعي، تنشر ” الاقتصادية ” الاستراتيجية الصناعية التي أنجزتها “الهيئة” وذلك على حلقات مغلفة بالأمل أن تجد هذه الاستراتيجية طريقها نحو التنفيذ لدعم رؤية التحول الاستراتيجي للاقتصاد، وفيما يلي التفاصيل:
تعزيز أولوية المنتج الكويتي محليا
تعزيز أولوية المنتج الصناعي الوطني يعني منحه اهتمام ودعم خاص لتعزيز تنافسيته وتداوله بشكل أفضل في السوق المحلية، ويتم ذلك من خلال زيادة قدرته على التنافس في السوق المحلية مقارنة بالمنتجات المشابهة المستوردة من الخارج.
إن أولوية المنتج الوطني هو نشاط يعتمد بالدرجة الأولى على الدعم الحكومي من خلال أدوات عديدة مثل تبني الحكومة سياسات وتشريعات تهدف إلى توفير بيئة تنافسية عادلة ومواتية للمنتج الوطني كتقليل العوائق التجارية، وتنظيم المنافسة، وتشجيع الابتكار وحماية حقوق الملكية الفكرية. فضلًا عن الدعم المالي للشركات المحلية، سواء كان ذلك من خلال توفير قروض بفائدة منخفضة، أو الاستثمار المباشر، أو توفير التأمين التجاري، مما يساعد على تحسين التنافسية وتوسيع نطاق الإنتاج.
بالإضافة إلى تطبيق برنامج المحتوى المحلي وهو برنامج يعتمد على مفهوم القيمة المضافة، والذي يعبر عن الفارق بين قيمة المنتج النهائي وقيمة المدخلات المستخدمة في إنتاجه، ويسعى إلى تعزيز التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال زيادة القيمة المضافة للسلع والخدمات التي تنتج محليًا.
إن زيادة نسبة المكونات المحلية في العملية الإنتاجية تشمل المواد الخام المستخدمة في الإنتاج، والعمالة المحلية، والتكنولوجيا المحلية، والمعرفة والخبرة المحلية. فضلًا عن تمكين المنتجين المحليين وتفضيلهم في العقود الحكومية، واتباع سياسة حماية المنتج المحلي وزيادة حصته السوقية.
تحليل أولوية المنتج الكويتي محليا
تقوم دولة الكويت بجهود ملموسة لدعم وتعزيز أولوية المنتج الكويتي محليا من خلال عدة جوانب مثل إنشاء الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو صندوق يستهدف تمويل عملية إنتاج المنتج المحلي من المنشآت الصغيرة والمتوسطة المحددة وفق ا للقانون الكويتي، وهو تمويل مقرون بفترات سماح تمتد من سنة وحتى ثلاث سنوات. كما وضح قانون رقم 74 لسنة 2019 تعريف المنتج المحلي وأساليب منح الأفضلية للمنتج المحلي والوطني والمقاول المحلي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كما تنص اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات الكويتي على الترسية على العطاءات المقدمة من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة متى ما كانت مطابقة للمواصفات والشروط وكانت الأسعار المقدم بها لا تزيد عن 20 ٪ من أقل العطاءات المقبولة.
ولعل نقطة البداية من الوضع الراهن في الكويت هي وضع برنامج كويتي للقيمة المضافة المحلية أسوة بدول الخليج التي قطعت شوط ا في هذا المجال. ولعل أهم النشاطات المطلوب توفرها لدى الكويت في هذا الخصوص لزيادة المحتوى المحلي من منتجات وخدمات ضمن السوق الكويتي هي إنشاء لجنة وطنية للقيمة المحلية لتنسيق وتطوير خطة مفصلة لمشتريات القطاع العام.
بالإضافة إلى تشجيع الشركات المحلية على الاستثمار في الموردين من المستوى التالي أو الأعمال التكميلية “للشركات الصناعية المساندة”، وتطبيق الحوافز المالية لتشجيع المشتريات المحلية. فضلًا عن تسهيل التجارة الإلكترونية للشركات الصغيرة والمتوسطة داخل الكويت، وتسهيل العمل المنسق بين الشركات الصناعية المساندة والموردين من خلال برامج تطوير البائعين، وإنشاء بنية تحتية تجارية (مناطق البيع بالتجزئة) في مواقع تجارية جذابة للشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية من أجل تسهيل الوصول إلى الأسواق. كما يجب أن يتم اعتماد شعار منتج وطني على المنتجات المصنعة محليا وذلك لخلق الولاء للمنتج الكويتي في السوق المحلي وتوجيه المستهلك نحو المنتج الوطني. بالإضافة إلى حماية المنتجات المحلية من المنافسة داخل السوق الكويتي عبر استخدام آليات الحماية لمكافحة الممارسات الضارة، ورفع الرسوم الجمركية للحد من استيراد البضائع المشابهة، وفرض المتطلبات النوعية التي تشكل حاجزًا أمام دخول المنتجات الأجنبية المشابهة للمنتج المحلي الذي يراد تنميته.
لدى دولة الكويت قصص نجاح لصناعات وطنية ومنتج وطني متميز ومنافس محليا وخارجيا ضمن قطاعات مثل الصناعات الغذائية والمشروبات وقطاع صناعات المعادن والألمنيوم وغيرها، وقد لوحظ من خلال التحليل وورش العمل مع الجهات ذات العلاقة ومجموعات التركيز التي تم عقدها مع ممثلي تلك الصناعات أنها تعاني من عدة مشاكل تتمثل في رسوم مرتفعة فيما يتعلق ببعض الإجراءات والفحوصات المطلوبة، أو منافسة داخل السوق المحلي من منتجات خارجية أقل جودة كالمنتجات الصينية مثلًا، أو من
منتجات خليجية مماثلة للمنتج الكويتي، ولكنها بأسعار أقل لكونها تستفيد من اقتصاديات الحجم في الإنتاج مما يضر المنتج الوطني داخل سوقة. والأمثلة عديدة ومتنوعة تصل جميعها لنتيجة واحدة وهي أن هناك حاجة ملحة لتطبيق برامج حماية المنتج المحلي وزيادة المحتوى المحلي في دولة الكويت لرعاية المنتجات الحالية وافساح المجال لدخول منتجات كويتية جديدة للسوق المحلي من خلال خلق جدوى اقتصادية لإنتاجها وحمايتها من المنافسة.
تحليل أولوية المنتج الكويتي محليا
التجارب الناجحة:
الصين:
تعتبر الصين واحدة من الدول الرائدة في تنفيذ سياسة الاهتمام بالمنتجات المصنعة محليًا. فقد قدمت الحكومة الصينية العديد من الحوافز والتسهيلات للشركات المحلية، مثل التخفيضات الضريبية وتوفير الدعم المالي وتسهيلات الائتمان، وهو ما ساهم في تعزيز القطاع الصناعي المحلي وتحسين تكنولوجيا الإنتاج.
الإمارات العربية المتحدة:
برنامج محتوى محلي متطور يترأسه وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة من خلال اللجنة الوطنية للقيمة المحلية المضافة، وتضم أعضاء من الهيئات الحكومية الرئيسية، ويهدف إلى تنسيق الجهود، وضمان تنفيذ برنامج القيمة المحلية المضافة بطريقة متكاملة، بما في ذلك الشركات الوطنية ال 12 الكبرى. كما عينت اللجنة الوطنية لجنة فنية للبرنامج لمتابعة وتقييم البرنامج وإدخال تحسينات عليه.
المملكة العربية السعودية:
أنشأت هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، التي تضم أعضاء من جميع السلطات العامة ذات الصلة إلى جانب ممثلين من القطاع الخاص لضمان استشارة القطاع الخاص بشكل مناسب. وتعمل الهيئة على تنمية المحتوى المحلي من خلال إشراك وتشجيع القطاع الخاص ووضع الآليات لحساب وتقييم وقياس المحتوى المحلي ومساهمة المشتريات الحكومية فيها. بالإضافة إلى مسؤوليتها عن برامج التوازن الاقتصادي واتفاقيات التوطين وبرنامج صنع في السعودية.
الهند:
قامت الهند بتطبيق سياسة “صنع في الهند” لتعزيز الصناعات المحلية، وقد قدمت الحكومة مجموعة واسعة من الحوافز للشركات الوطنية والأجنبية التي تنوي توسيع نشاطاتها في الهند. نتيجة لذلك، شهدت الهند نموًا ملحوظًا في قطاعات مثل السيارات والإلكترونيات والملابس والمجوهرات والمواد الغذائية المصنعة محليًا.
المغرب:
قام المغرب بتنفيذ سياسة الاهتمام بالمنتجات المصنعة محليًا لتعزيز الصناعات المحلية وخلق فرص العمل، حيث توفر الحكومة الدعم المالي والتقني والتدريب للشركات المحلية، وتشجع على التعاون بين الشركات المحلية والأجنبية والتعاون بين القطاعين العام والخاص لتحسين التصنيع المحلي وتوفير فرص عمل لتحقيق التحول الصناعي وتطوير القطاعات الحيوية مثل السيارات والملابس والصناعات الغذائية.