منوعات

الترزي الشيطان

 

في إحدى القرى القديمة نشأ ترزي في بيت ترزي فتشرب منه الخبرات، لكن هذه الخبرات بدل أن تكون ذات قيمة نافعة لعموم البشر تحولت إلى نقمة، وتم توظيفها في الشر والتدليس والكذب والنفاق والتلفيق والتزييف والبهتان.

هذه النوعية المعجونة بمياه الشر والخيانة والنفاق والكذب من أجل الدنيا، لا رادع لها إلا أن يسلط الله عليها جنوده ورسائله، فهم يحسبون أنهم فوق البشر وفوق القانون وأنهم مقدسون وأن ممارساتهم ذكاء أو شطارة وتدليسهم نباهة.

تلك الحفنة، التي تمثل أقلية، هي شر لا بد منه، لكن للخالق حكمة في وجود هذه النوعية السيئة السلبية عدوة النجاح، كما أن له حكمة في خلق الكثير من الكائنات السيئة والحشرات الضارة والحيوانات المسعورة والمتوحشة. حتى وإن كان الكثيرون لا يعلمون الحكمة من خلق مثل هذه الكائنات، فلا شك أن لوجودها سبب، رغم أن فيها سم قاتل مثل الثعابين والحيات المتنوعة الأشكال والألوان، والتي مثلها مثل بعض البشر من عينة “الترزي الشيطان”.
قلة هم الأنقياء أصحاب الحكمة والرزانة والرأي الراجح والمتزن، ولقيمة الحكمة قال الله تعالى ” ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ ٌ﴾، وعطاء الله هبة يختص بها من يشاء، وعطاؤه منحة لا تضاهيها قيمة، ولذلك فالحكمة لها أهلها، وقليل من يُختص بها لأنها صفة ثمينة، صفة اختص الخالق بها بعض الصالحين فقط. والحكمة تعني الصواب والرأي الراجح، والحِكْمَة هي العلم المتَّصف بالأحكام، المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى، المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النَّفس، وتحقيق الحقِّ، والعمل به، والصدِّ عن اتِّباع الهوى والباطل، والحَكِيم من له تلك الصفات. الحكيم هو شخصٌ عاقل يرجح الأمور نحو الصواب بما امتلكه من خبرات عبر تجاربه في الحياة، وهو على العكس تماما من ذلك الترزي الشيطان الوضيع كالدخان يعلوا على طبقات الجو وهو وضيع.

نوعية هذا الترزي الشيطان التي قد تراها أو تصادفها، رغم أنها أقلية لكن شرها وسمها القاتل وتأثيره الفتاك قد يضخمها، فالسيئون قليلون والأنقياء كثر. لكن تلك الفئة السامة فكرياً والتي تبيع مبادئها مقابل حفنة أموال أو ترقية أو إرضاء مدير أو مسؤول، يجب أن يكون التعامل معها نابعاً ومستمداً من قول الحق تبارك وتعالى “فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث” أي إن تحمل عليه بدابتك أو برجلك يلهث أو تتركه يلهث.

لكن على كل “ترزي شيطان” يظن أنه راجح العقل أو قوي السطوة والبأس، ذلك الذي يصور له عقله الصغير وفكره الضيق أنه في مأمن في هذه الدنيا، عليه أن يتوقف عند قول الله تعالى: ﴿أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُون﴾.

لا يمكن لأقلية أو حفنة وزمرة مدلسة فاسدة عديمة الضمير تكيل بمكاييل عديدة، ولا ترى غير الظلام والشر، ولا تعلم للحق طريق، لا يمكن لها أن تتحكم أو ترهب أو تدفع أحد عن طريق الحق، حتى وإن كانت المظاهر توحي بأنهم كثرة يتبعهم ضعاف العقول والمغيبون، فيجب على الحكماء والعقلاء كشف زيفهم والثبات على الحق، وكما قال الإمام علي كرم الله وجهه “لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه”، فمهما دلس الترزي الشيطان نجد أن هناك حكماء عقلاء أنقياء أذكياء يميزون بين الغث والسمين، قادرون على ردع أمثال الترزي الشيطان الذي حتماً سينقرض وستنتهي هذه البذرة السيئة من كل أرجاء الأرض المعمورة.

لذلك ستعيش صعلوكا وستنتهي صعلوكاً، وستظل بدرجة ترزي شيطان ذو وجهين شئت أم أبيت، وستظل سيرتك السيئة الذميمة وتاريخك الأسود من ممارساتك هي الدروس والعبر لمن يريد العظة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى