منوعات

عندما يطبق الرئيس قاعدة “مال عمك…ما يهمك”

الإهمال أحد أوجه الفساد، وهو وجه سيئ وقبيح، فعندما تكون مؤتمن وتهمل فهي جريمة مركبة لأن الأمانة لها مكانة عظيمة وذات حمل ثقيل، وليس كل من تقلد موقع أهلاً له، فالممارسات تكشف الكثيرين من المدعيين ومصدري الوهم بأنهم أصحاب كفاءة ونزاهة وأمانة.

يقول الحق في محكم التنزيل ( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )، لعظم الأمانة وثقلها ومسؤوليتها، ولكونها ليست وعد أو مجرد كلمة عابرة أو محل للتفريط، أبت  السماوات والأرض أن يحملنها،  ومن يتأمل إعراض السماوات عن حمل الأمانة ربما يتدبر جزء من ثقلها، ولا يمكن أن يحيط العقل البشري بتلك الأمانة التي أبت أن تحملها السماوات التي تحمل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

في المقابل تجد الرئيس الغائب التائه عن مسؤولياته، من خلفه تستشري النار في أركان الكيان وهو غائب عن المشهد، متفرغ لاستثماراته الجديدة ونزواته السلطوية الديكتاتورية، رغم أنه مؤتمن على كيان يحوي أموال مساهمين ومستثمرين وأصحاب حلال، ربما يعيشون على إيرادات وأرباح وعوائد الاستثمار سنوياً.

المشهد الحالي لسيناريو قصة تدور أحداثها الدرامية حول   نار خامدة تحت الرماد، بسبب قيادي مدعوم من عضو مجلس إدارة، هذا القيادي المدعوم غائب عن الهيكل والمشهد، ونائم طيلة العام في منزله وترقياته مستمرة، بل أفضل ممن يحضرون ويكافحون ويحفرون في الصخر، في تجسيد حقيقي وعملي لما قاله الفنان محمد صبحي، “تشتغل كتير.. تغلط كتير… ” تترفد” … تشتغل نص نص.. تغلط نص نص.. “تتجازى ” ،  ماتشتغلش خالص.. ماتغلطش خالص.. تترقى”، هذا الواقع الحالي القائم بنسبة 100%، مكافآت وبونصات سنوية وراتب كامل شهرياً، والأكثر من ذلك حصل القيادي المستريح في منزله وهو على قوة الكيان على ترقية “بالجاوية واللاوية” وبالغصب عن مسؤوله ومديره المباشر، تخطاه وحصل على الترقية، لأنه مدعوم من العضو السوبر، العضو “البج بوس” ،الذي لا يشق له غبار ولا يرد له قرار،  ما دفع بالمدير المباشر أن يفرض عليه الدوام الرسمي يومياً بعد أن كان غارقاً في الفراش، ولا يعرف للبصمة أو الدوام أو الالتزام طريقاً.

لكن ليت القصة الدرامية تتوقف عند القيادي المستريح الذي يحصل على المكافآت والترقيات غصباً عن الجميع بدعم العضو السوبر، بل هناك فجأة إنهاء خدمات لقيادات ناجحة، ثم تعينات لقيادات جديدة في مناصب مهمة وضمن الهيكل، ما يفترض أن يكون الرئيس على دراية أو علم، ولو كان على علم وتماس مباشر لما كانت هذه المشاكل والأجواء ساخنة وحارة.

واضح من سيناريو الفيلم الدرامي أن بطل القصة “الرئيس” بات من أصحاب وأرباب الثروات الضخمة جداً طالما بدأ يستثمر في قطاعات الرفاهية والتهريج ويعبث بالأموال ضمن تحالفات لا يشبهها ولا تشبهه، في قطاعات مفلسة ومفرمة للثروات، فيما يبدوا أنه انتقى قطاعات مطاطية تتسم بالأرقام الخيالية والقياسية غير الخاضعة لأي أسس واقعية.

ولهذه الأسباب فمشهد النيران الخامدة والصراعات الدائرة في الكيان بين الأركان ليس مستغرباً، فهو يعتمد قاعدة، في الأسفل فخار يكسر بعضه، وفي الأعلى يدير مصالحه ومصالح من ذرعه، لأن القاعدة البديهية تنص وتقول “من ذرع حصد ” أليس كذلك.

عندما تشعر بأنك لست أهلاً للمنصب وللمكان وللمسؤولية غادر بهدوء وأفسح الطريق لغيرك، فالكفاءات لا تنضب أبداً وهناك من هو أكفأ منك ألف مرة.

في الكيانات الكبرى كل مالك وكل مساهم وكل مستثمر أمانة ومسؤولية، كل فلس أمانة ومسؤولية، ليست الأوضاع والأمور ببساطة من يتصورها من غير الجادين ومن لا يقدرون عٍظم الأمانة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى