
من الطبيعي والمسلم به أن يعمل مجلس الإدارة في أي كيان تجاري في العالم لمصلحة المساهمين. في الكيانات الخاصة يتم العمل على تنمية الأموال وتعظيم الثروات، وفي الكيانات التشاركية المساهمة يجب أن تكون هي نفس الفلسفة، وليس الهدف أبداً من المشاركة أن يتم استخدام واستغلال أموال الغير.
بعض النماذج من المجالس غير المحوكمة، المجالس الانتقائية، المجالس الورقية، المأمورة، المغلوبة على أمرها، التي لا رأي لها ولا قرار ولا حضور، فقط لها المكافآت والمميزات، تلك المجالس هي من تمكن العراب الخفي من استغلال أموال الغير، بل وحتى استخدامها في غير محلها، والمغامرة بها والمخاطرة بها، إن صابت فخيراً وإن تضررت وتصدعت وتبخرت “فبالطقاق”.
بعض النماذج تحكم السيطرة المطلقة على ذراع واحد بنسب أغلبية، وتكون كل الكيكة والدسم فيها. هذه الذراع تكون بمثابة مقبض تتشعب منه أذرع ووحدات مختلفة متفاوتة الأهمية، لكن هذه الوحدات محل استغلال، ومهمتها “التخديم” على كيان واحد أو منظومة واحدة، وخدمة هدف واحد لأهداف مستقبلية، فيتم استغلال رؤوس أموالها في الدخول في فرص ثم تبديل المواقع والمراكز لاحقاً والتهام الفرص أو الأصل الناجح والجيد بربح وهمي، مع الحرص على الشكل الإجرائي في إتمام العملية.
الملامة والمسؤولية “والشرهة” ليست على العراب الخفي، بل على كل عضو في المجلس الذي يقبل أن يؤدي مهمة ودور “الناطور”، ويقوم بتسهيل استغلال الأموال التي هي للغير.
هذه الممارسات غير مسموح إطلاقاً بممارستها في التجارة الخاصة وفي الشركات الخلفية التي تحوي الثروة الخاصة جداً، كما أن ذات الأعضاء غير مسموح لهم الاقتراب من الكيانات الخاصة التي تمثل “التاج” بالنسبة للعراب.
ويمكن لأي متمعن ومراقب للأسواق في العالم، المتمحص في العبر والمتابع للقضايا التجارية الاقتصادية، وما أكثرها، أن يتلمس ويتساءل: لماذا نفس القائد أو المدير أو “العراب” ناجح في تجارته العائلية، وشركاته العائلية ناجحة وساطعة ونامية وتتوسع وتحقق أرباحاً باهظة، في حين أن الكيانات التشاركية أو المساهمة التي تحت إدارة نفس الشخص فاشلة خاسرة منهكة، لا أداء ولا أرباح ولا توزيعات منذ 25 عاماً، ولا نمو للسعر السوقي للسهم؟ إنها حلقة مفرغة ومجرد رخصة قائمة، بل هي أشبه بمحرقة لأموال المغامرين غير القارئين للأرقام، غير المتعظين من ماضي الشركة ومسؤوليها، غير المستشرفين لمستقبل الشركة، المخدوعين بوعود وقتية لا فائدة منها، فكل الفائدة تذهب في اتجاه واحد، وتصب في مخباة شخص واحد… فالحذر من مجالس الشخص الواحد ووعودها.
التاريخ مليء بالعبر والدروس، وشتى أنواع “المجازر” المالية من الانهيارات والإفلاسات وجمود الأموال وتخدير الصغار والأفراد بالوعود لعقود… حتى تذوب المطالبات وتذهب هباءً منثوراً، ويخرج “العراب” من بين الحطام سالماً غانماً ملتهماً حقوق الغير.