منوعات

المال السايب يحفز على السرقة!

المال السايب يشجع على السرقة، يحفز على الاحتيال، يحرض على تهريب الأصول والتعدي عليها، يفتح الباب مشرعاً أمام التلاعبات. ما سبق سواء كان مثل أو حكمة أو مقولة فهي قاعدة صحيحة تنطبق على شريحة وقاعدة كبيرة من المساهمين غير المهتمين بحضور الجمعيات العمومية، وغير المهتمين بمحاسبة مجالس الإدارات، وغير المهتمين بتوجيه الأسئلة والاستفسار أو المشاركة في النقاش السنوي، أو على أقل تقدير قراءة البيانات المالية.

لذلك ليس مستغرباً أن تتفشى التلاعبات والتعديات على الأصول، والمجاملات من رئيس لا يملك، بل هو معين لتنفيذ أوامر وأجندات، فيوجه بالتملك في هذا الكيان لمجاملة العضو هذا أو التحالف ذاك.

رئيس يعمل لمصلحة فئة وأقلية، فيما الأغلبية لا يعرفها سوى وقت جمع التوكيلات للنصاب القانوني فقط.

رئيس يعين تعينات بارشوتية بمبالغ خيالية لتربيط عصاعص مصلحية، حتى لو لم يكن الكيان في حاجة لهذا وذاك.

يستأثر بأسهم خيارات الموظفين، ينثر عليهم الفتات ويستأثر بالأغلبية الساحقة الماحقة، ويربي لنفسه الثروة الموازية ولا حسيب أو رقيب من المساهمين، وهذه نتيجة الغياب عن المشهد وانتظار فتات التوزيعات والإعلانات الفصلية الرنانة التي تغطي في بعض الأحيان على أداء سلبي أو خسائر هنا وهناك، أو تغطي على تراجع أداء تشغيلي معالج بتخارجات غطت وسترت العورات.

والمساهمون يفرطون في حقوقهم عبر منح الوكالات والتفويضات لصالح التحالفات التي تدير استراتيجيات وأجندات خاصة على حساب الأكثرية المتفرقة، وتوجه الكيانات لمصالحها الخاصة أولاً ثم للبقية إن تذكروهم، فمن يفرط بحقه هنا لا يلومن إلا نفسه.

من يخاف من تشكيل التحالفات وإعلان مصلحة مشتركة عبر إفصاح رسمي للتصويت لعضو مجلس إدارة ويخشى من المسائلة لا يلومن إلا نفسه ولا “يتحلطم”، ولا يحق له أن يحمل غيره المسؤولية إذا كان هو نفسه صاحب الشأن والشريك في الحلال لكنه يتجنب المسؤولية عن ممارسة عضو مجلس إدارة يمكن أن يصوت له من خلال تحالف معلن.

الهروب من المسؤولية ومن المواجهة هي شراكة غير مباشرة في الخلل والفساد، إن وجد، وهي دعم غير مباشر ومباركة للتمادي في التعديات على أموال المساهمين، وهي تغطية ورضا عن الممارسات التي تتم، وهي منح صك الاستدامة في هذا الطريق … لأنه قيل في الأمثال “من أمَرَكْ؟! … قال: ومن نِهانِي؟!“، فالمَثَل يُلخِّص حواراً بين مُنْكِرٍ على آخرَ ارتكابَ فعلٍ سيِّىءٍ…فيردُّ بأنَّه لم يجد من يَرْدَعُه عنه.
ما يؤكد على أنَّ الخطأ أو العمل السيِّىء الذي يقوم به شخصٌ ما، سبَبُه أنَّه لم يجد من ينهاه عنه؛ فالخطأ ليس خطأه وحده، وإنْ كان كذلك… بل هو أيضاً  خطأ من غض الطرف عنه، ومن صمت عن محاسبته، ومن تراخى في ممارسة حقه في ظل قوانين ضامنة حافظة للحقوق.

مالك وحلالك يجب أن تكون أول المدافعين عنه أولاً وقبل الجميع، هذه هي المسؤولية، وهذا هو واقع الممارسات المالية والتجارية والاقتصادية.

لا يستوحشن أحد طريق الحق، فصوت الحق أعلى من صوت الباطل، ولا ينتظرن أحد أن يستقيم متلاعب أو متهاون أو متخاذل أو غير أمين، لأن الاستقامة أصعب وأثقل، ويستمد هذا الثقل من الحديث الشريف عن  أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر” وذلك بسبب كثرة الفتن والفساد والمغريات وقلة الأعوان على الطاعة ولمشقة التمسك بالدين.

شارك وتابع وكن في قلب الحدث، لا تهمل وتطالب غيرك بالجد والنشاط، غياب الرقابة الذاتية والشخصية بوابة الانفلات والفساد والإفساد، وتربية وتنمية للوحوش التي أول من تلتهم تلتهمك أنت.

بلّغ وقاوم وحاول وكرر المحاولة مهما حاولوا إسكاتك أو طمس سؤالك أو تغييبه، فالعالم بات سماء مفتوحة لا أحد يستطيع أن يحجب رأي أحد أو يمنع صوت أحد أو يتحكم في إيصال رسالتك.

القوانين في صالحك وتحمي حقوقك، ومع القليل من الجهد في الاطلاع وزيادة المعرفة والتوعية مع متابعة بسيطة سيتشكل رأي عام واعي مطلع يملك ثقافة مالية واستثمارية واقتصادية، على أقل تقدير ستقلل انتشار البروباغاندا الفارغة والتافهة والسطحية التي تروج ليل نهار عن الأعظم والأكثر جوائز وتتويجاً وتكريماً، في حين أن أرقام النمو هي الأساس وهي المحور والمرتكز الذي سيستفيد منه المستثمر والمساهم، فكل جوائز العالم لن يستفيد منها المساهم آخر العام، وهي غير قابلة للتوزيع نقداً أو منحة. فاتحاد الوعي من القانون يقضى على شر من به شر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى