خفض الفائدة في بريطانيا: ماذا يعني للمُقترضين والمدخرين؟

بقلم – ليما راشد الملا

في خطوة مفاجئة قرر البنك المركزي البريطاني خفض سعر الفائدة الأساسي من 4.25% إلى 4%، وهي المرة الخامسة خلال عام تُخفض فيها الفائدة، ما يعيد الأسعار إلى مستويات مارس 2023. هذا القرار يحمل تبعات مختلفة على الأسواق المالية، وبشكل خاص على القروض العقارية والمدخرات، ويطرح تساؤلات مهمة حول كيفية استفادة الأشخاص والمؤسسات.

هل ستصبح قروض الرهن العقاري أرخص؟

الإجابة ليست بسيطة. نحو 85% من المقترضين في بريطانيا – أي حوالي 7.1 مليون من أصل 8.4 مليون – لديهم قروض بفائدة ثابتة، ما يعني أن دفعاتهم الشهرية لن تتغير حالياً. أما نحو 590 ألف صاحب قرض عقاري بنظام “تتبع سعر الفائدة الأساسي” (tracker mortgage) فسيرون فوراً انخفاضاً في دفعاتهم الشهرية يتناسب مع خفض الفائدة، حيث يتوقع أن ينخفض متوسط الدفع الشهري لديهم بحوالي 29 جنيهًا إسترلينيًا.

أما الـ540 ألف مقترض على “معدل الفائدة المتغير القياسي” (SVR)، فستتوقف استفادتهم على قرار البنك المُقرض، فالبنوك ليست مُلزمة بخفض أسعارها، ومن المتوقع أن تكون التوفيرات لديهم أقل بقليل، حيث قد تنخفض دفعاتهم بحوالي 14 جنيهًا إذا تبنّى المقرضون خفض البنك بالكامل.

ومن الجدير بالذكر أن نحو 900 ألف عقد قرض ثابت سينتهي في النصف الثاني من العام، ما قد يؤدي إلى ارتفاع دفعاتهم إذا ما ارتفعت أسعار الفائدة مجددًا عند التمديد.

ماذا عن المدخرات؟

عادةً، لا ترتبط عوائد المدخرات بسعر الفائدة الأساسي مباشرة، لكن خفض سعر الفائدة سيؤدي إلى تقليل العوائد على حسابات التوفير ذات العوائد المتغيرة، خصوصًا حسابات الوصول السهل. قبل خفض الفائدة، كان متوسط العائد على هذه الحسابات حوالي 2.67%، لكن بعض الحسابات التنافسية – مثل تطبيق Chip وبنك Chase – كانت تقدم معدلات أعلى تصل إلى 5% أو أكثر بدعم من المكافآت.

بالنسبة للودائع الثابتة، مثل السندات الادخارية لمدة سنة، كانت الأسعار تتراوح حول 4%، مع عروض من بنوك مثل Union Bank of India وVanquis Bank تصل إلى 4.4%.

ماذا يعني خفض الفائدة لمشتري المنازل الجدد؟

في الأشهر الماضية، شهد السوق حرب أسعار بين البنوك التي قدمت عروض لقروض بفائدة أقل، خاصة للقروض الثابتة لمدة سنتين وخمس سنوات. متوسط سعر الفائدة لعقود الخمس سنوات هو الآن حوالي 5.01%، والأمر مشابه لعقود السنتين التي انخفضت إلى 5%.

الملاحظ أن أسعار الفائدة على العقود قصيرة الأجل (سنتين) انخفضت لأول مرة منذ سبتمبر 2022 إلى أقل من أسعار العقود الطويلة (خمس سنوات)، وهو مؤشر على عودة طبيعية لسوق القروض.

أي الخيارين أفضل: الفائدة الثابتة أم المتغيرة؟

مع توقعات انخفاضات أخرى لأسعار الفائدة خلال العام المقبل، يُفكر كثيرون في القروض المتغيرة التي تتيح الاستفادة من أي انخفاضات مستقبلية. لكن القروض الثابتة توفر الاستقرار، وغالبًا ما تكون بأسعار تنافسية في الوقت الحالي.

يقول الخبراء إن القرار ليس فقط بالاعتماد على توقيت السوق، بل على الخطط الشخصية والمالية لكل مقترض. فالمرونة في التخطيط المالي تأتي أولاً.

خفض البنك المركزي البريطاني لسعر الفائدة إلى 4% هو إشارة متجددة لتحسن الظروف الاقتصادية، لكنه يحمل آثاراً متفاوتة: بعض المقترضين سيرون تخفيفاً فورياً في دفعاتهم، في حين قد تتراجع عوائد المدخرين. وفي الوقت نفسه، يتشكل سوق الرهن العقاري بين عروض مغرية وأسعار متقلبة، وهذا ما يجعل من الحكمة دراسة الخيارات المالية بعناية قبل اتخاذ قرار بشأن القروض أو التوفير.