مقالات

الحرب التجارية بين الأسباب والحلول والمصير المجهول

بقلم – ليما راشد الملا

 

أولًا: الأسباب الكامنة وراء التصعيد

 

منذ توليه منصب الرئاسة، اعتمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسة اقتصادية قائمة على الحمائية التجارية، مستخدمًا التعريفات الجمركية كسلاح ضغط سياسي واقتصادي في آن واحد.

 

الأسباب الرئيسة لهذا التصعيد تشمل:

 

1- الضغط على الشركاء التجاريين مثل المكسيك وكندا لتقديم تنازلات في ملفات الهجرة والأمن الحدودي.

 

2- التصدي للمنافسة الصينية، لا سيما في قضايا نقل التكنولوجيا، الملكية الفكرية، وتدفق المواد المحظورة كالفنتانيل.

 

3- حماية الصناعات الأميركية التقليدية مثل الصلب والألومنيوم وصناعة السيارات، عبر فرض رسوم مرتفعة للحد من الواردات.

 

4- إعادة صياغة موازين التجارة العالمية لصالح الولايات المتحدة، حتى على حساب النظام التجاري الدولي القائم.

 

ثانيًا: الحلول المطروحة لاحتواء الأزمة

 

في ظل التصعيد المستمر، هناك عدة مسارات لحل الأزمة أو على الأقل تخفيف آثارها:

 

1- المفاوضات الثنائية المباشرة ، كما حدث مع كندا والمكسيك، لإيجاد صيغة وسط تحفظ المصالح المشتركة.

 

2- اتفاقات تهدئة مؤقتة، مثل الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين لخفض الرسوم بشكل متبادل.

 

3- الاستعانة بالمنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية (WTO) كوسيط لحل النزاعات.

 

4- تنويع سلاسل الإمداد العالمية للشركات الكبرى، لتقليل الاعتماد على الأسواق المعرضة للعقوبات الجمركية.

 

ثالثًا: المصير إذا فشلت الحلول

 

في حال استمرار التصعيد وفشل محاولات التهدئة، قد يواجه العالم عدة سيناريوهات سلبية:

 

1- ركود اقتصادي عالمي نتيجة تباطؤ التجارة الدولية وارتفاع تكاليف الإنتاج والاستهلاك.

 

2- تفكك النظام التجاري متعدد الأطراف، وتحول العلاقات الاقتصادية إلى صفقات ثنائية غير مستقرة.

 

3- ارتفاع معدلات البطالة في الصناعات المرتبطة بالتصدير والاستيراد.

 

4- حروب تجارية متبادلة بين القوى الاقتصادية الكبرى، تزيد من حدة الانقسام السياسي والاقتصادي عالميًا.

 

رابعًا: العواقب على الدول العربية

 

الدول العربية، سواء كانت منتجة للطاقة أو تعتمد على الاستيراد الصناعي، لن تكون بمعزل عن التداعيات بنسبة 100%:

 

1- تذبذب أسعار النفط نتيجة تباطؤ النمو العالمي، وهذا الأمر سيؤثر على إيرادات وبالتبعية موازنات الدول المصدّرة.

 

2- ارتفاع تكلفة الواردات، خاصة في الدول المعتمدة على السلع الأساسية والتقنيات المستوردة من أميركا أو الصين أو أوروبا.

 

3- إعادة رسم مسارات التجارة، حيث قد تتاح فرص لبعض الدول العربية كمراكز بديلة للتصنيع أو إعادة التصدير، لكن ذلك يتطلب استثمارًا سريعًا في البنية التحتية والقدرات اللوجستية.

 

4- تراجع الاستثمارات الأجنبية بسبب عدم استقرار الأسواق العالمية، ما يبطئ خطط التنمية الاقتصادية.

 

حرب ترامب التجارية هي ليست مجرد نزاع اقتصادي، بل معركة على قيادة النظام الاقتصادي العالمي ، بيد أن  نجاح الحلول يعتمد على إرادة سياسية مشتركة بين القوى الكبرى، بينما الفشل قد يفتح الباب أمام مرحلة من الفوضى الاقتصادية العالمية، يكون أثرها على الدول العربية مزدوجًا بين المخاطر والفرص، وفقًا لقدرتها على التكيف السريع مع المشهد الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى