مقالات

كرة القدم: الجسر الذي يربط بين الثقافات

ملاعب كرة القدم منصات للتقارب الإنساني تجمع الناس من مختلف الجنسيات تحت شعار واحد هو حب اللعبة.

الاستثمار في المجال الرياضي يمكن أن يكون أداة فعالة لتعزيز قيم التسامح والتفاهم المشترك بين الأمم.

كرة القدم لغة عالمية تتفوق على حواجز اللغة والحدود والاستثمار فيها استثمار في التواصل الإنساني.

يساهم وجود لاعبين من خلفيات متنوعة في الأندية في كسر الصور النمطية وبناء جسور من الاحترام المتبادل بين الشعوب.

المنافسات الكروية فرصة للتعريف بالثقافات المختلفة وتعزيز قيم التعايش والتفاهم بين الجماهير المختلفة.

لم يعد النادي الكروي يمثل مدينة أو دولة واحدة، بل أصبح كيانًا عالميًا يجمع تحت رايته ملايين المشجعين من مختلف أنحاء العالم.

تجمع كرة القدم الشعوب معًا، وهو ما تفشل فيه الدبلوماسية التقليدية في كثير من الأحيان.

تُعلم المنافسة الرياضية الشباب قيم الإنصاف والعمل الجماعي والاحترام، وهي قيم أساسية لبناء مجتمعات متماسكة.

تخلق الشراكات بين الأندية من دول مختلفة فرصًا للتبادل الرياضي والثقافي، مما يعمق العلاقات بين الشعوب.

في عصر العولمة، أصبحت الرياضة عاملًا رئيسيًا في تشكيل العلاقات الدولية وتعزيز التفاهم المتبادل بين الحضارات.

يعكس النادي الناجح صورة مصغرة عن المجتمع العالمي المتناغم الذي نطمح إليه.

 

 

تشهد الساحة العالمية اليوم سباقًا استثماريًا غير مسبوق نحو الأندية الكروية، ويحمل هذا التوجه دلالات تتجاوز حدود الربح المالي لتلامس قضايا أعمق مثل السعادة الجماعية ووحدة المجتمعات. لماذا إذًا يهرع كبار المستثمرين ويتسابقون للاستحواذ على أسهم الأندية الرياضية، وكيف يمكن أن تتحول هذه الاستثمارات إلى طفرة في الرفاه الاجتماعي والتنمية الاقتصادية؟

استثمار في الحلم… لا في الأرقام فقط

عندما يختار المستثمرون دخول قطاع كرة القدم، فهم يضعون أموالهم في أكثر من مجرد منشآت ولاعبين وصفقات، حيث يستثمرون في الحلم الجماعي الذي تحمله هذه الرياضة. فالملايين يتابعون مباريات أنديتهم المفضلة، ويجدون في الانتصارات لحظات فرح موحّدة تتجاوز كل الانقسامات. لذا، يرتبط الاستحواذ على الأندية الكروية بازدياد قوة العلامة التجارية واتساع قاعدة الجماهير، وهو ما يجذب الشركات الكبرى التي تدرك أن الرياضة فضاء لصناعة الانتماء والذاكرة والثقة.

اقتصاد المشاعر والتسويق الذكي

كرة القدم ليس مجرد رياضة.  لقد أصبحت سوقًا للمشاعر والاستثمار في الولاء والانتماء. فكل هدف يُسجل، وكل كأس يُرفع لم يعد في نظر المستثمرين مجرد حدث رياضي، بل مناسبة اقتصادية وتجارية سوقية ضخمة، تدفع بعجلة التسويق والرعايات وحقوق البث إلى أرقام فلكية. وتعرف العلامات العالمية أن ظهور شعارها على قميص نادٍ عريق يعني الوصول إلى مئات الملايين، ويؤسس لحضور دائم في الثقافة الشعبية والوعي الجمعي.

الاستثمار في الوحدة… والأثر الاجتماعي

الاستثمار في الأندية الكروية أصبح استثمارًا في وحدة الشعوب. مدرجات الملاعب مساحة لقاء بين الآلاف، وأحيانًا الملايين من خلف الشاشات، يجمعهم عشق مشترك ينتصر على الفوارق. يدرك المستثمر المبتكر أن مفاتيح النجاح تتجاوز الحسابات الضيقة لترتكز على إحياء حس الانتماء، وتحريك مشاعر الفخر والانتصار وأحيانًا حتى المواساة، وهو ما يسهم في تعزيز التلاحم المجتمعي وتخفيف الاحتقان.

التنمية المستدامة وفرص اقتصادية متجددة

تطوير الأندية الرياضية حديثًا لا ينعكس على مالية النادي فقط، بل يتحول إلى محرك للاقتصاد المحلي:

ينشأ عن الاستثمار في الأندية آلاف الوظائف (إدارية، فنية، إعلامية)، ويحرك قطاعات متكاملة مثل السياحة، والبناء، والتقنية، والإعلام، والتسويق الرقمي.   التجارب الأوروبية والكويتية والسعودية تثبت أن كل عملية استحواذ ناجحة للأندية ترفع من مساهمة القطاع الرياضي في الناتج المحلي، وتوسّع قاعدة الشركات الناشئة والابتكارات التكنولوجية حول هذا القطاع.   الاستثمار الذكي في كرة القدم يسهم كذلك في دعم المواهب الشابة وتوفير منصات لصقل طاقاتهم وإعدادهم لقيادة المستقبل، وبذلك يتحول النادي من مجرد منشأة رياضية إلى مصنع للريادة والتنمية.  علي سبل المثال:

تحالف مستثمرين كويتيين بقيادة فهد الغانم يستحوذ على نادي ميلتون كينز دونز الإنجليزي:

تحالف مستثمرين كويتيين بقيادة رجل الأعمال فهد علي الغانم في 09 أغسطس 2024 بالاستحواذ الكامل 100% من النادي الإنجليزي ميلتون كينز دونز الإنجليزي. وتمت الصفقة بكامل السلاسة مع مالك النادي السابق بيتر ونكلمن.  والصفقة تشمل أصول النادي، وهي فندق هيلتون ميلتون كينز وصالة كبيرة متعددة الاستخدام، ومواقف سيارات، وبعض الأصول العقارية الأخرى. وأصبح مجلس الإدارة للنادي كالتالي: فهد علي الغانم رئيس مجلس الإدارة، حمد عبدالمحسن المرزوق نائب الرئيس، مشعل جاسم المرزوق عضوا، كريم كرم عضوا.  وبهذه الخطوة سوف يعزز الاستقرار المالي للنادي ودعم تطوره على المدى الطويل.  وقد أعرب فهد الغانم عن سعادته بهذه الخطوة قائلا: «نحن متحمسون لبدء هذه الرحلة مع نادي ميلتون كينز دونز، وقد وقع اختيارنا على النادي لما يمتلكه من بنية تحتية مميزة تسهل علينا الوصول إلى طموحنا وطموح جماهيره وهو الصعود إلى مراكز متقدمة في المسابقات الانجليزية، وملتزمون بدعمه لتحقيق هذا الطموح».  وفي تعليق له، قال نائب الرئيس حمد المرزوق: «نحن ندرك أن هذا الاستحواذ يمثل بداية جديدة وفرصة كبيرة لنادي ميلتون كينز دونز. سنعمل بجد لتحقيق الطموح ودعم الفريق بكل السبل الممكنة لضمان تطور المستوى الفني للنادي».  ويعد هذا الاستحواذ بداية جديدة لنادي ميلتون كينز دونز، وتشير التوقعات إلى مزيد من النجاح والتميز في المواسم القادمة.

مانشستر سيتي (إنجلترا – الإمارات)

* مجموعة أبوظبي الإماراتية استحوذت عام 2008 على النادي مقابل 360 مليون دولار، وبلغت القيمة التجارية للفريق اليوم أكثر من 4.43 مليار دولار (5.16 مليار دولار وفق بعض التقارير)، وصعدت العلامة التجارية للنادي إلى أكثر من 1.5 مليار يورو.​

* النادي استثمر فوق 2.3 مليار يورو في التعاقدات منذ 2008، ليصبح الأعلى قيمة سوقية للاعبين في العالم بأكثر من مليار يورو.​

* خصص النادي 300 مليون جنيه إسترليني لتطوير ملعب الاتحاد ومنشآت جماهيرية وتوسعة السعة، ليصل مجمل الاستثمار البنيوي إلى مليار جنيه إسترليني.​

نيوكاسل يونايتد (إنجلترا – السعودية)

* صندوق الاستثمارات العامة السعودي استحوذ على النادي عام 2021 مقابل 305 ملايين جنيه إسترليني، وبلغ إجمالي الاستثمارات بعد التحديثات 1.035 مليار دولار في أقل من أربعة أعوام.​

* الدعم السعودي عزز التدفق النقدي، وخصص نحو 111.5 مليون جنيه مؤخراً لفريق الرجال والسيدات، ويجري بحث إنشاء ملعب جديد بتكلفة قد تصل إلى مليار جنيه إسترليني.​

* الاستراتيجية السعودية تهدف لبناء فريق منافس وزيادة جاذبية الدوري الإنجليزي وإثراء محفظة الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل الوطني.​

باريس سان جيرمان (فرنسا – قطر)

* قطر للاستثمارات الرياضية استحوذت على النادي عام 2011، وضخت نحو 2.28 مليار يورو في عقود اللاعبين والتطوير، مقابل إيرادات بيع لاعبين بلغت 865 مليون يورو.​

* ارتفعت القيمة السوقية للفريق من 137 مليون يورو في 2012 إلى 1.05 مليار يورو في 2024، وسجل النادي إيرادات قياسية للموسم الأخير بلغت 837 مليون يورو.​

* الاستثمارات القطرية حولت النادي إلى منصّة عالمية تروّج لعلامات تجارية وسياحة وثقافة دولة قطر.​

الأندية السعودية ونمو القطاع الرياضي

* ارتفعت القيمة السوقية للأندية السعودية بعد مشروع التخصيص الرياضي بنسبة 207% خلال عام واحد لتصل إلى 1.01 مليار يورو.​

* نادي الهلال وحده قفزت قيمته السوقية بنسبة 350% خلال عام ليبلغ 178.5 مليون يورو، مقابل 39.6 مليون يورو فقط في يونيو 2023، بينما نادي النصر وصلت قيمته إلى 175.6 مليون يورو.​

* القطاع الرياضي السعودي حقق إيرادات غير حكومية تجاوزت 1.8 مليار دولار خلال عامين وزادت مساهمته في الناتج المحلي إلى 6.5 مليار ريال سعودي، بنسبة نمو 170%.

هذه الأمثلة واقعية وتوضح كيف أن الاستثمار الرياضي بات لدى المستثمرين شريانًا اقتصاديًا يتجاوز الأرباح المالية ليكون بوابة للسعادة الجماعية ووحدة الشعوب وقوة اقتصادية دافعة للتنمية الوطنية والدولية.

الاستثمار في السعادة… مشروع عالمي الطابع

 

إنفانتينو: كرة القدم تصنع السعادة وتوحد الشعوب

أكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، السويسري جياني إنفانتينو، أن كرة القدم لم تعد مجرد لعبة، بل أصبحت «استثماراً في السعادة» وقوة توحد الشعوب وتبث الأمل في المجتمعات.  ففي كلمته خلال مشاركته في مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض، قدّم إنفانتينو تهنئته للمنتخب السعودي بمناسبة تأهله إلى كأس العالم 2026، مشيداً بلاعبي الأخضر الذين «جعلوا دولة كاملة تشعر بالفخر والسعادة»، على حد وصفه «هذه ليست مجرد كرة، بل أداة تواصل سحرية تجمع الناس وتجعلهم يبتسمون ويحلمون ويفكرون بإيجابية».  كما شدد إنفانتينو على أهمية الاستثمار في المشاعر الإنسانية جنباً إلى جنب مع الاستثمار الاقتصادي وأن كرة القدم تمنح الناس لحظات من الفرح الجماعي تنسيهم هموم الحياة، وتعيد إليهم الإحساس بالوحدة والانتماء.  فبالنهاية، يجب على المستثمرين وهم يخططون لمحافظهم الاستثمارية الجديدة ألا يكتفوا بقراءة الجداول والأرقام. فالغد ليس فقط لمن يملك أحدث التقنيات، بل أيضًا لمن يدرك أن الاستثمار في كرة القدم استثمار في السعادة البشرية الجماعية، وفي لحظة التواصل الاجتماعي الخالصة. حينها يصبح النادي مشروعًا لصناعة الفرح، وإرثًا يخلّد في ذاكرة الشعوب، وليس مجرد ورقة في سوق المال.   لهذا، لم تعد الأندية الكروية مجرد حقول تقدير مالي، بل مشاريع ملهمة تعكس تداخل المصالح الاقتصادية مع السعادة الجماعية والروح الإنسانية، ويصبح المستثمر العصري جزءًا من صناعة الأمل وتوحيد المجتمعات من نافذة الرياضة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى