الناطور والطمبور

قصة يكتبها عادل العادل:
إذا نام الناطور عاث الثعلب في العنب. هذا حال بعض القياديين، وما أكثرهم، الذين يتخذون من مناصبهم فرصة للوجاهة ليس إلا، ويتركون “الثعلب” يعيث فساداً في حقوق المساهمين والمستثمرين.
هذا الناطور الذي دوره في الأساس حارس أمين يتحول إلى طنبور ما يدري “شيء عن أي شيء”، والثعالب تتربص، كيف لا ومن صفات الثعلب المكر ومراقبة السلوك البشري والتنبؤ به والقدرة على تحديد الفريسة، وما أكثر الثعالب وأكثر النواطير الطنابير الذين لا فائدة منهم سوى أنهم يزيدون الطين بلة ويتحولون إلى عبء على كاهل المساهمين.
الطنابير كثيرة لكنهم يختبئون خلف المناصب البراقة، وبالرغم من ذلك يمكنك اكتشاف المزيد منهم يومياً عبر تصرفاتهم، فكما قيل المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر. وهكذا هم، تحسبهم أيقاظاً وهم ركود، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، تحسبهم وجهاء وهم جبناء، تحسبهم أمناء وهم سفهاء، تحسبهم رؤوس وهم أذناب، تحسبهم علماء وهم جهلاء، تحسبهم من بني الإنسان وهم “أبالسة”.
كم كيان تدمر وانتهى بأموال وحلال الصغار والأفراد؟! كم من الأماني تحطمت والأحلام تبخرت، والطموحات تهدمت، والآمال تبعثرت بسبب حفنة قليلة قال الحق تبارك وتعالى فيهم “كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً “.
فتجد ناطور أو طمبور أسير لمن يحركه يمينا ويسارا ويقلبه كما يقلب القنوات عبر الريموت.
تجد فاسداً يستولى على أموال شركة ويطلب منهم الصمت وعدم المطالبة بحقهم أو يثير الغبار عليهم ويرهقهم بالشكاوى.
تجد طنبور غائب عن الوعي يضيق صدره حرجاً من النقد ولا يريد لناصح أن يتكلم أو يعلق أو يصحح.
تداخل الصلاحيات وتشابكها ليس مستغرباً في سوق الثعالب والنواطير الطنابير، فصارت خليطاً من كل هؤلاء وفوقهم حفنة من المضاربين الأنذال، كما قال فيهم أحدهم “الشريف فيهم مثل “جيس الفحم” النتيجة واحدة طحت عليه أم طاح عليك”.
هذه العقليات يجب اجتثاثها كما تقتلع “النخلة من جذعها”، فهي عقليات لا تبني مؤسسات ولا كيانات، بل إن البناء هو آخر همها ومرتجاها، فنظرتهم قاصرة يبحثون عن مزايا شخصية ومكاسب آنية، ليس من طباعهم التضحية أو الوفاء، بل كل همهم الاستفادة وتعبئة الأرصدة والجيوب، وعندما تخرب وتنضب يفر مهرولاً ويمهر الاستقالة بأسباب شخصية والجميع يبلعها ولا يعقب.
الناطور الذي يفترض فيها أنه حارس أمين على مؤسسات وكيانات وشركات، طموحه محدود لم يعد يفكر أو يتجدد أو يبدع، بل تبلد وتجمد وتردد وترك الخيط والمخيط في يد أذناب محدثة الخبرة كالأرعن بيده سلاح يصوبه كيفما شاء.
لكن مهلاً مهلاً، التجارب والشواهد كثيرة، فمهما حدث لا يصح إلا الصحيح، والعبر والدروس كثيرة يميناً ويساراً، ومن تجاوز في تطبيق القانون أو الالتزام به سيلقى عقابه وحسابه، وأموال المساهمين والمستثمرين ليست للعبث، فمن دخل السوق قاصداً الربح وهادفاً للكسب الحلال ليس جزاءه أن تتبخر أمواله ويتحول من مشروع مستثمر إلى مشروع مدعي يحلم ليل نهار بمسار قضيته ومتى ستنتهي.
أو أن يتحول من مشروع متقاعد يريد أن ينمي أمواله ليؤمن له ولأولاده حياة كريمة، إلى شخص يقضي ما تبقى من عمره في أروقة المحاكم بسبب (…).
ساعة الحساب اقتربت وتطل برأسها، وقريبا ستشرق أملاً، فالقائمة امتلأت والجداول طفحت والروائح الكريهة فاحت وانتشرت، والطنبور تائه في مصلحته الشخصية وتارك الثعالب تمرح، لكن لن تفرح كثيرا، فقريباً سيأتيك الحساب من كل حدب وصوب!!
كل من عبث، كل من صمت، كل من بصم وضلل، كل من تخاذل وأهمل سيطاله الحساب.
…………………..
• سلسلة قصص وروايات خيالية أسبوعية
لأهداف توعوية لأبطال وشخصيات كرتونية
من عالم ما وراء البحار والأنهار لكسر حدة جمود الأرقام