دور الضريبة في المجتمعات

الضريبة هي أساس تكوين المجتمعات والدول. والضريبة أو الجباية هي مبلغ مالي تتقاضاه الدولة من الأشخاص والمؤسسات بهدف تمويل نفقاتها، أي بهدف تمويل كل القطاعات التي تصرف عليها الدولة كالتعليم والوزارات ورواتب موظفيها وصولا إلى أعمال النظافة الحكومية، والسياسات الاقتصادية ودعم السلع لقطاعات معينة أو الصرف على البنية التحتية والتأمين على البطالة.
وفي الأنظمة الديمقراطية يتم تحديد قيمة الضريبة بقوانين يتم المصادقة عليها من ممثلي الشعب، وعادة يعهد إلى وزارة المالية جمع الضرائب وتوزيعها على القطاعات بعد تحديد الميزانيات، وبذلك تعتبر الضريبة هي المورد الرئيسي للدخل. والضرائب متنوعة على حسب موقعها، فهناك ضريبة على القيمة المضافة، وهي غير مباشرة على السلع، والضريبة على الدخل وهي على الأفراد والشركات من دخلهم الشهري وربحية الشركات، وهناك الضريبة على الثروة، والضريبة على المستوردات.
هذا تعريف مهم للضريبة كجباية وتحصيل موارد للصرف على خدمات الدولة المختلفة، أما الموضوع المهم فهو أن الأمر لا يقتصر على دور الضريبة في عملية التحصيل للمال، بل إن هناك أهدافاً عدة للضرائب، ومنها على سبيل المثال:
1 – تحقيق العدالة الاجتماعية.
2 – تنظيم تداول بعض السلع والحد من التوسع في استهلاكها.
3 – تمويل الإنفاق الحكومي في الاستثمار.
وإذا كان فرض الضريبة لأهداف تخدم المجتمع، فإن الأمر يتطلب التدخل المستمر من جانب الدولة لتنظيم الحياة الاقتصادية للدفع بعجلة التنمية.
كما أن السجل الضريبي المستمر للأفراد والشركات للدخل والصرف يحدد شرائح المجتمع، بحيث يحدد مكونات المجتمع من قليلي الدخل ومتوسطي الدخل وعالي الدخل، وهذا يخدم واضعي السياسات الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، كذلك يحد من كثير من عمليات غسيل الأموال عن طريق الرقابة على السجل الضريبي للدخل والصرف.
هذه مقدمة مهمة للدخول للوضع الكويتي من الضريبة وصعوبة الإيمان بها من المجتمع، وخاصة لعدم الترشيد في الصرف من الدولة على القطاعات والخدمات وما بها من ملابسات غير مطمئنة، وخصوصا أن مدخول النفط هو المورد الوحيد تقريبا للصرف على نفقات الدولة. إذن ماذا نريد في الكويت للتخطيط للمستقبل، لأن النفط مورد لن يستمر إلى الأبد، بل إن هناك دراسات عن احتمال نفاده في المستقبل وهناك دراسات في جميع دول العالم للبحث عن بدائل للنفط من الطاقة الشمسية أو الهوائية أو المائية.
لذلك على الدولة في الكويت أن تبدأ تدريجيا في إحلال الضريبة محل النفط بحيث نبدأ بإنشاء هيئة الضريبة ووضع الأسس لها كما هو موجود في دول العالم، على أن تكون من دون ضريبة ومن دون جباية أو أي كلفة من الأفراد أو الشركات ولمدة عشر سنوات، بل يكون دور هيئة الضريبة الإعداد للمستقبل من تقارير ملزمة من الأفراد والشركات عن دخلها وصرفها السنوي، وتكون هذه التقارير سرية لا يطلع عليها غير هيئة الضريبة، وهذه التقارير تساعد على وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية للتنمية في مسارها الصحيح.
وهذه البداية الضرورية تجعلنا مستعدين لأي مفاجآت غير سارة في المتغيرات للمستقبل من حيث قصور الدخل الحالي للنفط في أن يلبي المصاريف أو احتياجات الدولة للصرف على الرواتب والخدمات والمصروفات الثابتة.
لذلك يجب أن نفكر وبجد قبل فوات الأوان حتى لا نقع في المحظور، والله المستعان….
حامد السيف.