الهروب إلى الهاوية

الهروب إلى الهاوية يختلف عن السقوط في الهاوية، فالهروب اختياري وبسبب أفعال وتصرفات غير حكيمة وغير حصيفة وغير مهنية، وهو من سوء الأفعال وسوء التقدير والتدبير، يهرب فاعل الفعلة ومهندس الكذبة وعراب “الخمطة” من أفعاله محاولاً التجديد كما يدعي ويسوّق ويروّج، فيهرب ويهرول دون بصر أو بصيرة وكأن عصا الحساب تلاحقه!
بالرغم من أن السقوط في الهاوية قد يحدث نتاج تراكمات وسوء أفعال، وهو يأتي أيضا كفرض واستحقاق، لكنه يأتي فجأة بفعل الظروف، فتسقط حين تهدأ الرياح التي تستغلها لتطير مع محترفي الطير.
من يهرب إلى الهاوية للسقوط المدوي هو ربان سفينة مضبوط بجرم التلاعبات سابقاً ومعاقب من أحد رؤسائه السابقين الذي قادته الظروف لمزاملته حالياً. الهارب للهاوية ليس أهلاً لها لكنه فرد من مجموعة من العرابين الذين يحركونهم كما يتم تحريك الدمي.! لكنه يتقن الدور جيداً.
عندما تعبث بالثوابت، وتعبث بإرث، وتعبث برمز، وتعبث بنهج، وتعبث بمصير، وتعبث بتاريخ، وتعبث ببركة، وتعبث بحقوق، فانتظر عقاب السماء. فالتمادي له سقف وحدود، والجريمة لا يمكن محوها أو طمس معالمها بتغيير الشكل أو الألوان أو بتحريك زوايا الكيان.
عمليات التجميل لا يمكن أن تغير من كيان “اللص”، أو تمحو آثار جريمة، أو تغسل عار عملية مضمونها غسل أموال، حتى لو كانت في الشكل غير !!، لذلك مهما عبثت بالإرث أو غيرت في التاريخ، لن ينسى الناس والمساهمين سوء التصرف وجريمة التعدي الكبرى على أموالهم وخلط الخاص بالعام والعاطل بالباطل والرديء بالخنين.
إعادة تصميم الوجه على يد أعتى أطباء التجميل القادمين من بلاد الفرنجة لن تمحوا الآثار، فالجريمة تعادل أزمتي المناخ والغزو في قوة الأثر والتأثير، وفي تشابه الخسائر الناجمة عن الحدثين…فرغم وقوع أزمة المناخ قبل 43 عاماً، في ،1982 لكنها لا تزال حاضرة وكأنها بالأمس، تتناقلها الأجيال وترى فصولها ودروبها وزواريبها الوعرة!
الجريمة المالية الممنهجة تمضي دون رادع، من شخصية بدرجة “أداة” تنفذ مخطط وتوجه كان واضحاً منذ البداية، استخدمت فيه كل أنواع الأسلحة، وأهم سلاح فيها كان هو “المال”، وكانت كلمة السر شراء “الأرقام” والمواقف وصناعة الصورة الجميلة المنظر والمظهر السيئة في المضمون والجوهر…!
بعد أن “شربت مروقها” في تنفيذ المهمة وطويت صفحات الفصل الأول من المخطط بخلط “الغث مع السمين” وحصد الملايين بلا حق على حساب الأخرين، بدأت رحلة الفصل الثاني، في محاولة محو وطمث وإخفاء معالم الجريمة المالية، ونفي كل الأسلحة التي استخدمت وكأنها أشبه بعملية ولادة من جديد لبرعم حديث العهد للتو، ولادة في عصر الذكاء الاصطناعي وعصر الحداثة والنور، عصر التقنيات المالية والبلوك تشين، عصر الديجتال والرقمنة. لكن على من تتحايلون إنه مجتمع النور، مجتمع أصحاب العلم والخبرات، مجتمع مالي لا تنطلي عليه ألاعيب تغطيها شعارات رنانة طنانة خاوية فارغة المحتوى والموضع.
فلا تنسى عامداً أو متجاهلاً قول المطلع على الحقائق علام الغيوب، من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، عندما قال وقوله الحق… ” فأما الزبد فيذهب جفاءً”، فسوف تذهب جفاءً، وستنجرف أنت وكيانك الذي اصطنعته على أكتاف الآخرين، وخلطت “العسل مع الحنظل” و”البصل بالتفاح”، و “المسك بالجير” و”اللبن بالماء“، وصورته في أجمل صورة، لكن الأرقام تفضحك، وستنكشف حاضراً ومستقبلاً أكثر وأكثر، وهذا وعد الحق في قوله “إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ * إن اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ”.