مقالات

إلى متى نتجاهل مخاطر تعيين العمالة؟

إن تركيبة القوى العاملة في الكويت غير موجودة في كثير من دول العالم، من حيث أن الدولة توظف أكثر من 80% من القوى العاملة، ومستمرة في التعيين بدون أي هدف لهذه التعيينات، ودون وضعها في تخصصها المناسب الذي قضت معظم حياتها في دراسته. فالدولة ملزمة بتعيين المواطنين حتى بدون الحاجة لهم في العمل، ما يخلق بطالة مقنعة ومستمرة بدون توقف أو تفكير في هذه الحالة المدمرة، والتي انتاجيتها متدنية إلى درجة غير عادية، كما وصفتها الجهات الرقابية العالمية بأنها لا تتعدى نصف ساعة في اليوم. هذا ما عندنا في الكويت من تفشي ظاهرة البطالة المقنعة الفاحشة، ونحن نقع في فخ تلك الظاهرة وليس هناك أي بوادر تشير إلى وضع خطط للخروج منها، وخاصة أن هناك عددا ضخما قادما ومنتظراً من العمالة الجديدة يفوق قدرة الحكومة على استيعابها.
والسؤال الملح: لماذا لا تفكر الحكومة بوضع حلول نهائية للمشكلة؟ ولماذا الانتظار بلا جدوى لحل هذا الإشكال؟ إن حل هذه الظاهرة له أسس، وقد طبقته كثير من الدول الناجحة من أجل استيعاب القوى العاملة وتوجيهها إلى عمل منتج لاقتصادها واستقرار مجتمعاتها عن طريق عدة مفاهيم علمية ومدروسة، لذلك فالحل لدينا ممكن عن طريق إحلال العمالة الوطنية مع التدريب الجيد محل كثير من العمالة الهامشية المستوردة، وتصحيح التركيبة السكانية، وكذلك معالجة مخرجات التعليم لتتوافق مع متطلبات العمل عن طريق وضع الأسس والمعايير لتلك المخرجات. كذلك العمل مع القطاع الخاص على وضع خطط واضحة لاستيعاب مخرجات التعليم مبنية على العدالة في التعامل مع القطاع الخاص المبني على الربحية والاستقلالية. هذا التعاون بين الدولة والقطاع الخاص يكون مبني على أسس علمية وفنية وتحت رقابة ودعم متوازن لإنجاح سياسة مشاركة القطاع الخاص في أخذ المبادرة في استيعاب القوى العاملة، وتخفيف العبء عن الدولة وإخراجها من ورطة البطالة المقنعة. وهذا لا يكون إلا عن طريق خصخصة كثير من خدمات الدولة من تعليم وصحة وكهرباء ومواصلات وكثير من الهيئات غير السيادية، ودعم القطاع الخاص لاستيعاب مرحلة التخصيص المدروس والمعتمد على الأسلوب العلمي والفني الذي اتبعته كثير من الدول ونجحوا في ذلك. وهناك كثير من الأعمال الحكومية التي يمكن خصخصتها في مراحل مختلفة، والتي تتماشى مع خطط الدولة لوضع حد للبطالة المقنعة والارتقاء بمخرجات التعليم المطلوبة. وفي النهاية فإن البطالة المقنعة في الكويت تحمل مخاطر مستقبلية على الدولة في النواحي المالية وخلل الميزانيات المستقبلية، وعمق وضعف الإنتاجية، وتؤدي إلى حالة إحباط للجادين في العمل لتأثير البطالة المقنعة سلبياً فيهم. لذلك ومع العهد الجديد ولمستقبل البلد وأجياله القادمة يجب التسريع في وضع الخطط المطلوبة لإنقاذ البلد من عواقب هذا الخلل ونتائجه السيئة، حتى لا نقع في المحظور في القادم من الأيام. أرجو الإسراع في وضع حلول ومعالجة تلك البطالة المقنعة، لأن عامل الزمن ليس في صالحنا، وبالتالي تحقيق متطلبات التعيين المستقبلية لما فيه صالح هذا البلد الطيب. والله المستعان…
حامد السيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى