مقالات

الشاليهات وتنويع مصادر الدخل

إن الرابط المشترك في بقاء دولة الكويت الحديثة هو اكتشاف النفط في أراضيها، والذي أصبح مفترق طرق اقتصادياً واجتماعياً، بل وحتى سياسياً. فالكويت دولة صحراوية ليس فيها مقومات الزراعة، وهي دولة ذات مساحة محدودة نسبياً وعدد مواطنين تجاوز المليون مؤخراً، وهو ما لم يجعلها دولة صناعية. إلا أن المصادر الخام فيها – النفط والغاز – جعلت منها قيمة عظمى، وأعطتها أهمية في وسط دول العالم المتنافسة. كما أن موقع دولة الكويت الجغرافي في وسط العالم، جعلها محوراً مهماً لخطوط النقل والتجارة.

ولطالما أشار المختصون إلى ضرورة تنويع مصادر الدخل، والبحث عن بديل لهذا المصدر الطبيعي – النفط، الذي قد يواجه تحديين اثنين مستقبلاً، وهما نفاد هذه المادة، أو ظهور البديل عنها لتوليد الطاقة. ولنا في أحداث تجارة اللؤلؤ الطبيعي قصة وعبرة. إذ أنه منذ قيام دولة الكويت الأولى في منتصف القرن السادس عشر، كان أساس البقاء قائم على استخراج اللؤلؤ من قاع البحر، وبيعه في أسواق الهند وأوروبا، وتحصيل الجمارك منه لبقاء واستمرار الدولة، ما ساهم في وجود حياة وهجرة للأفراد من الدول المجاورة إليها، فأصبحت الكويت الميناء الأول لمنطقة نجد وما حولها. واستمرت هذه العملية إلى أن ظهر اللؤلؤ الصناعي – البديل- من اليابان، ما جعل قيمة استخراج اللؤلؤ الطبيعي غير مجدية. وقد يعيد التاريخ نفسه، بظهور بديل آخر للنفط، الذي تمتاز به دولة الكويت وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً في ظل عزم شركات النفط العالمية الصرف على قطاع البحث والتطوير R&D بشكل كبير، والذي أصبحت فيه الشركات تبحث عن بديل للنفط. وقد لامسنا التأثير على أسعار النفط، بظهور السيارات الكهربائية، والنفط الصخري، ونحوها، والذي جعل من عدم استقرار سعر برميل النفط سمة بارزة في هذه الأيام. علاوة على أن تكرار الأزمات الجيوسياسية، والتي باتت تحدث في كل عام، لها أثرها الكبير على ميزانية دولة الكويت، التي لا زالت – مع ذلك – تعتمد على النفط الخام بشكل أساسي في حجم اقتصادها الكلي GDP.

ولذلك كله كان ولابد من البحث عن بديل اقتصادي، يساهم ويدعم الدولة في مجاراة العجز الظاهر على الميزانية المالية السنوية، والذي بات مكشوفاً في كل عام.

وكما طالعتنا الصحف المحلية، بخبر زيادة الرسوم السنوية على أراضي أملاك الدولة، والذي يمثل خطوة جيدة – ولو أنها متأخرة- في المساهمة بتنويع مصادر الدخل والحصول على عوائد أفضل. وقد تم توزيع حق الانتفاع بأراضي وأملاك الدولة منذ القدم، لأسباب مختلفة، والتي حققت الانتفاع منها عبر استغلال المواطنين لها بإقامة الشاليهات والمنتزهات البحرية، والتي كانت متنفسا جيداً لها، ومصدراً آخر للحصول على الموارد المالية عبر تأجيرها.

ويقدر طول الشريط الساحلي بدولة الكويت بحوالي 325 كيلومتر – من غير الجزر البحرية. ولو فرضنا استغلال 30% فقط من تلك المساحة الطولية، فإن المحصلة ستكون 98 كيلومتر من الشاليهات وأملاك الدولة. وتشير تقارير الهيئة العامة للمعلومات المدنية بأن إجمالي أعداد الشاليهات بدولة الكويت حتى منتصف عام 2025 كان حوالي 3400 شاليه. ولو كانت تكلفة المتر الطولي 50 دينار سنوياً – كما هو حاصل ما قبل 7/2025، فإن الإيرادات السنوية للدولة من أصحاب تلك الشاليهات ستكون حوالي 4.9 مليون دينار. وفي حال تطبيق الزيادة الجديدة على سعر المتر الطولي الواحد لتصل إلى 250 دينار، فإن إجمالي الإيرادات للدولة ستكون 24.5 مليون دينار في السنة. وبذلك سيرتفع العائد من زيادة الرسوم على الشاليهات – فقط من غير بقية أملاك الدولة الأخرى من مزارع، وجواخير، وقسائم صناعية – إلى أقل من 0.05% من حجم الناتج القومي المحلي لدولة الكويت. قد لا يكون ذلك الهدف جوهرياً، لكنه بلا شك سيعزز من ثقافة تنويع مصادر الدخل، ويجعل من ذلك نقطة انطلاقة لبقية مؤسسات الدولة للعمل في ذلك الاتجاه، وبالتالي البحث عن كل ما هو أفضل لدولة الكويت وشعبها.

كما يمكن تطوير فكرة استغلال الأراضي العامة الدولة، وتضخيم العوائد والحصول على إيرادات أفضل منها، من مجرد الحصول على عوائد ثابتة، بنسبة متدنية، وذلك من خلال إشراك القطاع الخاص، والسعي نحو تحقيق محور مهم من محاور رؤية الكويت 2035 بالشراكة مع القطاع الخاص. وتكمن الفكرة في هذه الحالة، باستغلال الواجهات البحرية والجزر، بإقامة فنادق ومنتجعات ذات مستويات عالية، بالإضافة إلى المطاعم والكوفي شوب التي تمتاز بها دولة الكويت عن غيرها. وبتطبيق ذلك، يمكن الحصول على عوائد أعلى للدولة، تجعلها بعيدة عن تقلبات أسعار برميل النفط، علاوة على انتعاش الاقتصاد المحلي، ودعم السياحة الداخلية والاستثمار بالمرافق العامة.

وختاماً قالت شركة اكسبر للاستشارات وإدارة الأعمال، بأننا لا نرجو زوال نِعم الله علينا، فله الحمد والشكر على ذلك أولاً وآخراً. إنما المقصود من ذلك الاستعداد والتخطيط الجيد لما قد يحدث في المستقبل، بالاستغلال الأمثل والاستثمار الأفضل لتحقيق نتائج أكبر. وأن يتم مجاراة التغيرات السريعة التي تحدث في الاقتصاد والأعمال، بالمبادرة والإتيان بكل ما هو جديد. فلقد كانت دولة الكويت رائدة في المنطقة، من حيث الحصول على الأفضل، وذلك بفضل شغف شعبها نحو العمل والإنتاج.

Nayef A. Bastaki

EXCPR Consultancy Co.

Copyright

Chalets and Diversification 377.7.2025

www.excpr.com

+965 600-EXCPR (600-39277)

https://t.me/excprcon/189

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى