مقالات

أزمة مجموعة بريكس والتعريفات الجمركية

يبدو بأن الصراع التجاري المتسارع الذي تشهده دول العالم قد بلغ أشده، الأمر الذي يستوجب التحوط الجيد والاستعداد الأمثل للمحافظة على المقدرات والمكتسبات. فها نحن اليوم أمام مفترق طرق وفصل جديد من فصول الأزمات الجيوسياسية التي تعيشها دول العالم، نحو فرض الهيمنة والنفوذ. فبعد قرار الرئيس الأمريكي الأخير بزيادة الرسوم الجمركية على الدول، قامت في المقابل بعض الدول الكبرى بقيادة تحركات موازية، وإنشاء لوبيات للحد من التفرد والرغبة بالسيطرة على الاقتصاد العالمي.

 

مجموعة بريكس BRICS

تأسس مجموعة بريكس في عام 2001، والتي تضم في عضويتها البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، السعودية، مصر، الإمارات، إثيوبيا، إندونيسيا وإيران. ومن مصادر قوة هذا التحالف الدولي أنه يغطي نصف سكان الأرض، ويتحكم بأكثر من ربع مقدرات الاقتصاد العالمي. وتعمل مجموعة بريكس كمنتدى دولي نحو التنسيق والترتيب فيما بينها لتعزيز النمو الاقتصادي في الدول الناشئة والبلدان الأقل نمواً. كما تقوم المجموعة بتحقيق شكل من أشكال التكامل الإنتاجي عبر التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص، في سبيل تحقيق منافع مشتركة مثل الأمن الغذائي، الصحة العالمية، انتقال الطاقة، تغير المناخ، الاقتصاد الرقمي، الذكاء الاصطناعي، التجارة الدولية، ودعم الاقتصاد. علاوة على ذلك، تهدف إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة وتشجيع الإدماج الاجتماعي. كما تسعى المجموعة إلى تحسين شرعية المؤسسات العالمية والإنصاف في المشاركة وكفاءتها مثل الأمم المتحدة UN، صندوق النقد الدولي IMF، البنك الدولي World Bank، ومنظمة التجارة العالمية WTO. وتؤكد مجموعة بريكس في منتدياتها السابقة، على مبدأ أهمية العمل كمحرك للتغيير الإيجابي. وقد كان محور القمة الحالية المنعقدة في البرازيل 7/2025 يدور حوّل تلك التوجهات – التي جاءت لأجلها، بالإضافة إلى محور أساسي يحاكي تأثير قرار الرسوم الجمركية على الدول الأعضاء، وآلية التعامل معها.

 

الأزمة مع الولايات المتحدة

في بداية العام الحالي 2025، قامت الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول بريكس. ولذلك كان من نتائج قمة بريكس الحالية، انتقاد الرسوم الجمركية الأحادية، التي رأتها المجموعة تهديدًا لمبدأ الاقتصاد العالمي، ومخاوف الدول الأعضاء بشأن رفع الرسوم الجمركية من جانب واحد، والذي يعيق التجارة، ويتعارض مع أسس وقواعد منظمة التجارة العالمية. ولذلك تعكف مجموعة بريكس إلى التصعيد بتقليل الاعتماد على الدولار في التجارة العالمية – المعروف بإزالة الدولار أو de-dollarization، والذي يشكل تهديداً مباشراً لهيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي. وقد تسارعت الاحداث، باستباق الولايات المتحدة، بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الدول التي تدعم سياسات بريكس.

 

ردة فعل بريكس

كانت القرارات المتخذة، لغاية الآن من ناحية الولايات المتحدة، بيد أن ردة فعل تحالف بريكس اقتصادياً، قد يجاري تلك القرارات الغربية، ما قد يعود بالأطراف إلى طاولة المفاوضات والتنازلات في سبيل تحقيق المصلحة العامة. وفيما يلي أبرز الاحداث التي من الممكن بلوغها:

* تعزيز التجارة باستخدام العملات المحلية لتقليل الاعتماد على الدولار، خاصة بعد العقوبات الغربية على روسيا وإيران – من الدول الأعضاء، ما دفع هذه الدول للبحث اضطراراً عن بدائل للتحويلات المالية خارج نظام سويفت.

* تحويل ديون الدول الأعضاء من الدولار إلى العملات المحلية.

* إطلاق عملة رقمية مشتركة، بهدف خفض الاعتماد على الدولار.

* إنشاء بنك التنمية الجديد، والذي سيحل بديلاً عن البنك الدولي وصندوق النقد، والذي سيقوم بتسهيل منح القروض بالعملات المحلية، بفوائد أقل.

 

السيناريوهات المحتملة

أما بخصوص المستقبل القريب، فإن الدبلوماسية وتحكيم العقل، قد يعود مرة أخرى، في سبيل فك مثل تلك المنازعات. وفيما يلي أبرز العلامات التي قد تظهر على الساحة الدولية:

* من المتوقع تباطؤ النمو في حجم الاقتصاد العالمي وارتفاع التضخم.

* مع استمرار التهديدات المتصاعدة بين أقطاب دول العالم بين الولايات المتحدة من جانب، وروسيا والصين، من جانب آخر، قد يعزز من مبادرات إزالة الدولار، وهو ما تراه الولايات المتحدة، خط أحمر لا يجوز تعديه!

* كما قد تلتزم مجموعة بريكس نحو التعددية وإصلاح الحوكمة العالمية، مع خطط لتطوير مبادرة الضمانات متعددة الأطراف، في بنك التنمية الجديد لخفض تكاليف التمويل وزيادة الاستثمار.

* إنشاء عملة مشتركة بين مجموعة بريكس أو نظام دفع بديل، قد يواجه عقبات بسبب الاختلاف الحالي في أنظمة الدول الاعضاء اقتصادياً.

* كثفت بريكس بالفعل، من جهودها للحد من الاعتماد على الدولار، وذلك من خلال تعزيز التجارة بالعملات المحلية بين الأعضاء.

 

وختاماً قالت شركة اكسبر للاستشارات وإدارة الأعمال، بأن المسار المحتمل يتجه نحو قبول التحدي، والرغبة بالتصعيد، نحو إيجاد نظام دولي يحتمل الأقطاب المتعددة. كما أن الخلافات الداخلية في بريكس قد تحد من سرعة المواجهة الغربية، على الرغم من النمو والتوسع الذي تضمه مجموعة بريكس. وقد سرعت العقوبات على الدول، في المساعي نحو الاستقلال المالي التجارة الحرة. فقد عززت العقوبات والتوترات الجيوسياسية الأخيرة، من شكل ونمو حجم التبادل التجاري بين الصين وروسيا – على سبيل المثال- والذي بلغ 245 مليار دولار أمريكي في 2024، حيث تجرى جميع التسويات الآن بالروبل واليوان.

 

 

Nayef A. Bastaki

EXCPR founder and MD

Consultancy and Business Management Co.

Copyright

BRICS and tariffs 380.7.2025

www.excpr.com

+965 600-EXCPR (600-39377)

https://t.me/excprcon/176

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى