
يعد القطاع المصرفي من أكثر القطاعات حساسية وتأثرا بالصدمات التي تحدث في القطاع المالي ويمتد أثرها على الاقتصاد المحلي والعالمي، وهو يشكل العمود الفقري للتمويل والاستثمار وحركة رؤوس الأموال.
ولذلك هذا القطاع لا يخلو من المخاطر، بل دائما ما يتعرض لمجموعة معقدة ومتداخلة من التهديدات تؤثر على استقراره وربحيته، وغالبا ما تعمل على حدوث أزمات مالية واسعة النطاق.
لذا فمن الأهمية فهم طبيعة وآلية التصدي لهذه المخاطر.
أولاً: أبرز أنواع المخاطر المصرفية
1- المخاطر الائتمانية (Credit Risk):
هي المخاطر الناتجة عن عدم قدرة المقترضين على الوفاء بالتزاماتهم تجاه المصارف. وتتميز بكونها أبرز وأقدم أنواع المخاطر في القطاع المصرفي.
2- المخاطر السوقية (Market Risk):
تشمل تقلبات أسعار الفائدة وأسعار الصرف والأسهم والسندات، وغالبا ما تؤثر على المحفظة الاستثمارية للمصرف أو مركزه المالي.
3- مخاطر السيولة (Liquidity Risk):
تنشأ عندما يعجز المصرف عن توفير السيولة اللازم للوفاء بالتزاماته تجاه الزبائن في الأجل القصير بالرغم من امتلاكه لأصول كافية لكنها غير سائلة.
4- مخاطر التشغيل (Operational Risk):
تظهر عادة عندما تكون هناك إخفاقات في الأنظمة الداخلية أو الموظفين أو العمليات وتشمل كذلك الاحتيال والاختراقات الإلكترونية.
5- مخاطر الامتثال والسمعة (Compliance & Reputational Risk):
ترتبط بعدم التزام المصارف بالقوانين والأنظمة والتعليمات النافذة، أو بتدهور سمعته الناتجة عن سوء في إدارة رؤوس أموال المصرف والحملات الإعلامية الموجهة ضد هذا المصرف.
6- المخاطر النظامية (Systemic Risk):
عادة ما يكون ظهور هذا النوع نتيجة للأزمات المالية العالمية التي تمتد آثارها للقطاع المصرفي، وتظهر عادة عند وجود علاقات متشابكة مالية بين العديد من المؤسسات المصرفية الكبيرة.
ثانيًا: الآليات الممكنة اتباعها للحد من المخاطر المصرفية:
التحوط وحده لا يكفي لتجنب المخاطر، بل العمل على تحقيق التوازن بالممكن ما بين المخاطرة والعائد، بما يضمن تحقيق الأمان والاستدامة المالية.
ومن ضمن هذه الآليات للتحوط هي ما يأتي:
1- تقييم الجدارة الائتمانية بدقة:
من خلال تحليل البيانات المالية للمقترض ودراسة الوضع المالي له من خلال قدرته على تسديد التزاماته تجاه المصرف ووضع سياسات صارمة للإقراض.
2- تنويع المحفظة الاستثمارية:
بحيث لا يتركز التمويل أو الاستثمار في قطاع أو جهة واحدة، ويضاف إلى ذلك عدم تعرض الأصول التي يمتلكها المصرف للانخفاض بقيمتها، أي من الممكن أن ينخفض أصل لكن الثاني يعمل على تعويض هذا الانخفاض.
3- إدارة رأس المال والسيولة:
عبر الالتزام بمقدار العائد لكفاية رأس المال وضمان توافر سيولة كافية لتغطية الالتزامات.
4- التحوط المالي باستخدام المشتقات:
مثل عقود الخيارات والعقود الآجلة والمقايضات لتقليل الآثار الناتجة عن تقلبات أسعار الفائدة أو سعر الصرف.
5- نظم الرقابة الداخلية وإدارة المخاطر:
تطوير أنظمة ذكية لرصد وتحليل المخاطر والاعتماد بشكل كبير على إطار شامل لحوكمتها عن طريق الاستعانة بكفاءات متخصصة في الجانب الإلكتروني.
6- الالتزام بالحوكمة والشفافية:
إن العمل بشفافية والامتثال للأنظمة والقوانين النافذ يعمل على خفض معدل المخاطر القانونية والمخاطر المرتبطة بسمعة المصرف ويزيد ثقة المستثمرين والعملاء.
خاتمة
المخاطر المصرفية واقع لا يمكن تجنبه، ولكن يمكن إدارته بكفاءة أكبر. فالمصارف التي تنجح في بناء نظام تحوط متكامل تستند فيه إلى أدوات تحليلية متقدمة، وفريق إدارة مخاطر مؤهل، ستكون أكثر قدرة على تحقيق الاستقرار والنمو، إذ أنه في ظل بيئة مالية واقتصادية متقلبة لا شك أن تفعيل دور الجهات الرقابية وتعزيز ثقافة الامتثال والحوكمة سيشكلان معا خط الدفاع الأول نحو قطاع مصرفي يتمتع بدرجة عالية من الأمان والاستدامة المالية.
د. سالم محمد المعطش
مكتب الوطني لتدقيق الحسابات
alwatani334@gmail.com