
أثر تقلبات أسعار النفط العالمية في ربحية الأسهم للشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية الكويتي
تمهيد:
يعد القطاع النفطي من أهم القطاعات في الاقتصاد الكويتي، كونه من البلدان التي تعتمد اعتماد شبه كلي على تصدير النفط لتلبية احتياجاته وتغطية موازناته السنوية. إذ تمثل الإيرادات النفطية ما نسبته 92% من الإيرادات الحكومية، وحدوث أي تقلبات في الأسعار النفطية فإنها بكل تأكيد سوف تظهر انعكاساتها وبشكل ملحوظ على الاقتصاد المحلي سواء بالسلب أو بالإيجاب، كما أن القطاع المالي يعد ركيزة أساسية من ركائز أي اقتصاد في العالم، سواء متطور أو نامي، باعتبار أن الأسواق المالية هي القلب النابض والممول الأكبر للأموال، سواء للحكومات أو للأفراد، وعليه فإن أي تدهور أو تقلب بالأسعار النفطية لابد أن يكون له انعكاسات على مستوى القطاع المالي، لما يمثله هذا القطاع من حساسية وترابط مع باقي القطاعات. وقد شهدت الأسواق الدولية للنفط الخام منذ مطلع السبعينات من القرن العشرين تغيرات هيكلية، تمثلت في حالة احتكار طرفي السوق من قبل الشركات النفطية الاحتكارية العملاقة، وخضعت السوق العالمية للنفط إلى مجموعة من التطورات المهمة قادت إلى حدوث اختلاف كبير في ميزان أسعارها، لذلك يبقى القطاع النفطي من القطاعات الاقتصادية المهمة التي تمارس دوراً رئيسا ومحورياً في تحقيق التقدم وتطوير الاقتصاد المحلي وتحفيزه على النمو والمنافسة، إذ يعد القطاع النفطي الشريان المغذي للقطاعات الأخرى في الكويت، ويمثل القطاع المالي ركيزة أساسية في الاقتصاد، والذي يشكل بدوره حيزاً مهماً من اقتصاديات الدول العظمى والنامية على السواء، إذ أنه يمتلك مساهمة كبيرة في حجم الناتج المحلي، وله أثر كبير في تشغيل العمالة وتحريك القطاعات الاقتصادية الأخرى. ويتمتع القطاع المالي بملامح يختلف بها عن القطاعات الأخرى، فهو يستثمر رؤوس أموال كبيرة وتتنوع فيه العقود من حيث المواصفات والتوقيت.
أولاً: مفهوم سعر النفط
السعر هو قيمة أي شيء معنوي أو مادي مقاسا بوحدة نقدية محددة في زمان ومكان معلومين. ويعرف كذلك بأنه التعبير النقدي عن قيمة السلعة أو الخدمة أو كمية النقود التي يدفعها المشتري إلى البائع مقابل منتج أو خدمة، أي أن هناك علاقة بين قيمة الشيء وسعره المحدد، وهذه العلاقة ليست ثابتة، بل هي علاقة متغيرة، وهذا التغير خاضع إلى العديد من العوامل المختلفة.
ثانياً: أنواع أسعار النفط
1-السعر المعلن: وهو (السعر الذي كان يتحدد من قبل الشركات النفطية الاحتكارية وذلك وفقا لمصالحها ومصالح الدول التي تنتمي إليها) ويمكن تعريفه بأنه: (السعر الاحتكاري الذي تعلنه الشركات من جانبها سواء في البيع أو الشراء، ومن هنا جاءت تسميته (السعر المعلن) ولا علاقة له بقوى السوق المتمثلة بالعرض والطلب)
2-السعر الفعلي: يعني سعر البرميل النفطي معبراً عنه بالوحدة النقدية، محددة بما ينشأ بفعل التسهيلات التي تقدمها الشركة البائعة للنفط الخام إلى المشتري، ولذلك يمكن القول أن السعر المتحقق هو السعر المعلن مطروحا منه التخفيضات، وتعني تخفيض نسبة معينة من السعر المعلن للبرميل لترغيب المشتري أو لتلافي المشاكل الناتجة عن طبيعة بعض القيود والخصومات.
3-سعر الضريبي: يعني كلفة البرميل النفطي المستخرج مضافة إليها المدفوعات النقدية والضرائب، ويسمى هذا السعر بسعر الكلفة الضريبية، ويعد من الأسعار الداخلية التي يتم بموجبها اتفاق بين الشركة النفطية أو بين فروعها، أي أنه من الترتيب الداخلي بين الشركات الداخلة في تجمع دولي لغرض تحديد السعر الضريبي للبرميل.
4-سعر الإشارة: وتكون هذه الأسعار عادة في المستوى الوسط، تقع ما بين الأسعار المعلنة والأسعار الفعلية، إذ أعُتمد هذا السعر لاحتساب قيمة النفط المتبادل بين بعض الدول النفطية المنتجة والشركات النفطية الأجنبية المستقلة، ويكون ذلك عن طريق عقد اتفاقية المشاركة أو المقاولة، والتي على أساسها يتم احتساب العوائد النفطية بين الأطراف المتعاقدة بموجب هذا السعر.
5-سعر التحويل: وهو أحد أنواع أسعار النفط الخام الذي أوجدته الشركات الاحتكارية وتعاملت به بين فروع الشركة الواحدة، وقد عرف بأنه سعر انتقال النفط الخام من نشاط إلى آخر أو من قسم إلى آخر ضمن الشركة الواحدة.
ثالثا: العوامل المؤثرة على أسعار النفط الخام
هناك العديد من العوامل التي تؤثر في تسعير النفط الخام، ويمكن تلخيص هذه العوامل بالآتي:
1-العوامل الاقتصادية المؤثرة في الطلب العالمي على النفط الخام: يتأثر الطلب العالمي على النفط الخام بمجموعة من العوامل التي تدفع بزيادة الطلب أو انخفاضه بناءً على تحركات هذه العوامل، ومن أهم هذه العوامل الآتي:
أ- معدل النمو الاقتصادي: أي بمعنى أنه كلما زاد النمو الاقتصادي للبلد كلما ازدادت عجلة التنمية الاقتصادية دورانا، بالمقابل كلما ازداد الطلب على مصادر الطاقة لغرض تمشية الاقتصاد والرواج الاقتصادي والإسراع بإنشاء المشاريع الحيوية التي ترفع من مستوى النمو الاقتصادي، وكلما زاد الطلب كلما رافقه ارتفاع في أسعار النفط الخام.
ب- مرونة الطلب السعرية على النفط الخام: إذ تعرف مرونة الطلب السعرية بأنها التغير النسبي الحاصل في كمية السلعة المطلوبة على التغير النسبي في سعرها. وبالتالي فإنه هناك علاقة ما بين كمية السلعة وسعرها، وكلما زادت الكمية المطلوبة من السلعة كلما رافقها ازدياد في السعر، وهذا ما يحدث في الطلب على النفط الخام.
ت- وجود بدائل: يقصد بالبديل إحلال سلعة محل أخرى تقوم بنفس المتطلبات. أي بمعنى كلما توفرت بدائل كمصادر للطاقة تحل محل النفط، كلما انخفضت أسعار النفط الخام وتراجعت عن مستوياتها المعروفة.
2– العوامل الاقتصادية المؤثرة في العرض العالمي على النفط الخام:
يتأثر العرض العالمي على النفط الخام بمجموعة من العوامل التي تدفع بزيادة العرض أو انخفاضه بناءً على تحركات هذه العوامل، ومن أهم هذه العوامل الآتي:
أ- حجم الاحتياطي النفطي: يعرف حجم الاحتياطي النفطي بكمية النفط الخام الموجودة في باطن الأرض والمكتشفة فعليا والمقدرة كميته. أي بمعنى كلما زاد حجم الاحتياطي النفطي كلما ساعد في زيادة العرض على الكميات النفطية وهذا بدوره سوف يدفع إلى انخفاض الأسعار النفطية.
ب- حركة المخزون الاستراتيجي: يقصد بالمخزون الاستراتيجي هو عبارة عن كميات كبيرة من مخزونات النفط تكفي احتياجات البلاد المستهلكة للنفط ومشتقاته لمدة تتراوح ما بين الشهر والـ 3 أشهر، في حالة تعرضت الإمدادات للانقطاع لسبب من الأسباب. وكلما زاد المخزون الاستراتيجي كلما ساعد بزيادة العرض والذي بدوره ساعد بانخفاض أسعار النفط.
ت- التكلفة الحدية لاستخراج النفط الخام: يقصد بالتكلفة الحدية بأنها زيادة التكلفة عن ازدياد الإنتاج النفطي بمقدار برميل واحد، بمعنى كلما ازداد الإنتاج كلما رافقه زيادة بالكلفة، وازدياد الكلفة تعني ارتفاع بأسعار النفط المعروض بالأسواق، وكلما زاد سعر العرض كلما قابله انخفاض بالطلب على النفط الخام.
رابعاً: مفهوم الأسواق المالية: إذ عرّف Büttnera السوق المالي بأنه مؤسسة مالية تتعامل فيها أطراف مختلفة من أفراد ومؤسسات في بيع وشراء الأوراق المالية المتكونة من الأسهم والسندات، إذ أن الأسهم هي شهادات ملكية، بينما تمثل السندات شهادات الإقراض، كما عرفه Hanousek & Novotny بأنه السوق التي يتم فيها بيع وشراء وتبادل الأسهم والأوراق المالية لمختلف الشركات والصناعات اعتمادا على العلاقة بين العرض والطلب.
خامساً: أهم أعضاء السوق المالي:
يقصد بأعضاء السوق المالي أولئك الأشخاص الذين يسمح لهم بالدخول والمشاركة في عمليات التعامل والتداول للأوراق المالية المسجلة في السوق المالي، ويمكن تلخيص أهم أعضاء السوق المالي بالآتي:
1-سماسرة العمولة: وهم الأشخاص الذين يحملون وكالة صادرة من السوق المالي تنص بعضويتهم في السوق، ويشكل السماسرة ما نسبته 50% من أعضاء السوق المالي، ويعمل السمسار كوكيل لإحدى شركات السمسرة التي تقوم بإقراضه رسم العضوية الذي يظل قائما طالما ظل السمسار تابعا لبيت السمسرة، ويقوم السمسار بتنفيذ أوامر المستثمرين في السوق المالي مقابل عمولات يتم الاتفاق عليها معهم.
2-سماسرة الصالة: وهم السماسرة الذين يقومون بتنفيذ الأوامر التي تأتي إلى سماسرة العمولة ولم يتمكنوا من تنفيذها لكثرة عددها أو لقصر الوقت، فيقومون بإرسالها إلى سماسرة الصالة لتنفيذها مقابل عمولات خاصة، ولا يعمل سماسرة الصالات وكلاء لدى شركات سمسرة بل يعملون لحسابهم الخاص.
3-التجار المسجلون: وهم الذين لا يعملون لحساب أي شخص، بل يعملون لحسابهم الخاص من خلال متابعتهم لتحركات السوق والاستفادة من التقلبات التي تحدث في الأسعار سواء بالبيع أو الشراء وتحقيق الأرباح المريحة.
4-تجار الطلبيات أو الأوامر الصغيرة: وهم الأشخاص الذين يقومون بالصفقات التي تقل عن 100 سهم والتي تسمى بالطلبيات الكسرية أو الصغيرة، ويتم تنفيذ هذا النوع من الطلبيات من خلال تجار الطلبيات الصغيرة مقابل عمولات متفق عليها.
5-المتخصصون: وهم الأعضاء الذين يتخصصون بنوع معين من الأوراق المالية للمتاجرة فيه، وهم يعملون لحسابهم الخاص، ويجمعون بين نشاط السماسرة والتجارة من خلال تنفيذ أوامر لسماسرة آخرين مقابل عمولة معينة.
سادساً: عوائد الأسهم
يعد العائد واحد من أهم مقاييس الأداء، ويعتمد معدل العائد على الاستثمار عن طريق نسبة العائد إلى حجم الاستثمار، ولكن في الحقيقة فإن للعائد مفاهيم ومعاني مختلفة، فالمحلل المالي له ما يهمه حول فهمه للعائد، ولإدارة العوائد وما تحويه وتتضمنه من تلاعب وحيل مفهومها للعائد، لا بل ولكل مستفيد ومتعامل مع الشركة له مفهوم للعوائد خاص به، مما يعني أن مفهوم العائد واسع وله مضامين كثيرة، ولكن ما هو متفق عليه أنه مفهوم نسبي ذو مضامين مستقبلية، وتوجد الكثير من الخلافات حول مفهوم العائد على رأس المال المستخدم، والعائد على الاستثمار، والعائد على حق الملكية، لأنها ما تزال مصطلحات قائمة على أساس البيانات المحاسبية.
سابعاَ: مقاييس عوائد الأسهم
يمثل عائد السهم عائد فعلي يتحقق من عملية اقتناء وبيع الأسهم الذي يتكون من جزئيين، الأرباح الرأسمالية التي تمثل الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء للسهم، ومن توزيعات الأرباح الناتجة من عملية تشغيل الأموال وتوظيفها وتكون على شكل نسبة مئوية غير ثابتة، وهناك مقاييس لعوائد السهم وهذه المقاييس هي حسب الآتي:
1-العوائد الفعلية: وهي العوائد التي يحققها المستثمر فعليا عن طريق استثماره لهذه الأداة الاستثمارية، أي أن هذه العوائد إيرادية أو عوائد رأسمالية أو الاثنين معاً، وتقاس هذه العوائد بمقاييس عديدة أهمها:
أ- نصيب السهم من الأرباح المحققة: وهو مقياس مهم لأنه يعطي مؤشرا على عوائد الأسهم عموماً ويرمز له بالرمزEPS، وهو أحد العوامل التي يركز عليها حملة الأسهم عندما يفكرون بشراء الأسهم. وتحسب ربحية السهم عن طريق المعادلة التالية:
ب- نصيب السهم من الأرباح الموزعة: وهو مقياس آخر من مقاييس السوق، وهو يقيس ما سوف يحصل عليه المساهم من أرباح موزعة لكل سهم موجود في محفظته الاستثمارية ويرمز له ( DPS)، وبذلك فإن الربح الموزع يمثل التدفق النقدي الذي يحصل عليه المساهمون، ويعد هذا المقياس أيضاً من أهم العوامل المؤثرة في تحديد سعر السهم، إذ إنه من الضروري أن يتساوى نصيب السهم العادي من الأرباح الموزعة مع نصيب السهم العادي من الأرباح المحققة، والسبب أن معظم الشركات توزع جزءاً من الأرباح التي تحققها وتحتفظ بالباقي على شكل احتياطات أو أرباح مدورة، لذا يكون نصيب السهم العادي من الأرباح الموزعة أقل من المتحقق، ويحسب على النحو التالي:
نصيب السهم من الأرباح الموزعة = القيمة الاسمية للسهم ×نسبة التوزيع.
أو عن طريق الأرباح الموزعة على عدد الأسهم العادية
ج-الريع الجاري للسهم: وهو المال المتحقق الذي يقيس قدره الدينار الواحد الذي سيدفعه المستثمر ثمنا للسهم على توليد الأرباح، أي أن العلاقة بين السهم، وريع السهم الجاري والقيمة السوقية هي علاقة عكسية وهذا يعني أنه إذا زادت القيمة السوقية للسهم نقص ريعه التجاري. ويحتسب وفق المعادلة الاتية.
2-العوائد المتوقعة
وهي القيمة المتوقعة المحتملة الحدوث وتحتسب هذه العوائد عن طريق المعادلة الآتية:
Pi * E(R) = Eri
إذ أن:
E(R): تمثل العوائد المتوقعة للسهم
Eri: تمثل عائد السهم
Pi: احتمالية حدوث مثل هذا العائد
فينبغي العمل على ما يأتي:
- إنشاء مراكز متخصصة نشطة وفعالة داخل سوق الأوراق المالية لغرض تحليل التقلبات التي ترافق أسعار النفط العالمية، وإتاحة نتائج التحليل للمستثمرين والاطلاع على المعلومات حتى يتمكنوا من الاستفادة منها في اتخاذ قرارات البيع والشراء الخاصة بالأوراق المالية (وبالتحديد الأسهم)، هذا من جانب، ومن جانب آخر لابد من قيام السلطات المالية والنقدية بالموازنة بين المنافع والتأثيرات السلبية المحتملة من جراء التقلبات في أسعار النفط العالمية على سوق الأوراق المالية.
- لابد من إيجاد بدائل تنوب عن دور النفط في تحريك عجلة الاقتصاد الكويتي، لأن أي تقلب بأسعار النفط تدفع إلى تدهور في عجلة التنمية الاقتصادية، وبالتالي معاناة الاقتصاد المحلي من النهوض والبناء ومواكبة الاقتصاديات المتقدمة.
الدكتور: سالم محمد المعطش
مدير المكتب الوطني لتدقيق الحسابات
alwatani334@gmail.com