مقالات

       الفائدة الأمريكية… وعلاقاتها مع الاقتصاد الخليجي

بقلم – ليما راشد الملا

 

تعتبر قرارات البنك الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة من أقوى المحركات للاقتصاد العالمي، وتمثل أهمية معيارية مهمة وخاصة بالنسبة لدول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط المسعّر بالدولار الأمريكي، فضلاً عن ربط بعض دول الخليج عملاتها بالدولار، وأخرى ترتبط بسلة عملات للحفاظ على هامش مرن من التحرك الإطاري للتعديل ارتفاعاً أو انخفاضاً مع قرارات الفيدرالي.

في السنوات الأخيرة، ومع تشدد البنك الفيدرالي في استمرار رفع معدلات الفائدة لمكافحة التضخم من أجل الوصول للمستهدفات التي حققها عند 2% تقريباً، ومعه ارتفع الدولار أمام معظم العملات العالمية، وهذا ما جعل النفط أغلى للمشترين من خارج الولايات المتحدة، وأدى إلى زيادة الضغط على الطلب وإيرادات الدول المنتجة.

وبالنسبة للكويت وبقية دول الخليج، فإن ارتباط عملاتها بالدولار متفاوت ومتباين ما بين ربط يفرض مجاراة تحركات البنك الفيدرالي في معظم الأحيان، حفاظاً على استقرار سعر الصرف، وربط نسبي من خلال سلة عملات يضمن المرونة وفق مصلحة السوق المحلي وخصوصية الأوضاع والطبيعة الاقتصادية، والمحافظة على هامش جاذبية للعملة الوطنية.

وبالرغم مما يترتب على معدلات الفوائد المرتفعة من تحديات محلية مثل ارتفاع تكلفة الاقتراض وتباطؤ النشاط العقاري وتراجع التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

تترقب الأسواق تحولاً في السياسة النقدية الأمريكية في سبتمبر المقبل، بعد أن زادت رهانات المستثمرين على خفض الفائدة ثلاث مرات قبل نهاية 2025، بإجمالي 75 نقطة أساس، وسط توقعات قوية بخفض أولي يصل إلى 50 نقطة أساس في سبتمبر. هذه التوقعات تعززت بفعل بيانات اقتصادية ضعيفة، أهمها تراجع التوظيف وتباطؤ قطاع الخدمات، وهذا الأمر دفع شخصيات مهمة في البنك الفيدرالي – مثل رئيسة فرع سان فرانسيسكو، ماري دالي – للتصريح بأن الوقت قد حان للتيسير النقدي، مع احتمال أن يتجاوز الخفض مرتين.

وفي حين تتوقع “غولدمان ساكس” ثلاث تخفيضات متتالية بدءاً من سبتمبر، يحذر خبراء من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً على عشرات الدول قد تزيد من الضبابية الاقتصادية، وتضغط على النمو العالمي، وهو ما قد يوثر بشكل مباشر على أسواق الطاقة وإيرادات الخليج.

ورغم التحديات، فإن خفض الفائدة الأمريكية سيحمل فرصاً لاقتصاد المنطقة، عبر دعم أسعار النفط، وتشجيع الاستثمار، وتنشيط القطاعات غير النفطية، وهو ما يجعل متابعة سياسة البنك الفيدرالي أولوية استراتيجية لصناع القرار في الخليج.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى