مقالات

17 سبتمبر يوم الحسم… الذهب أم الدولار؟

بقلم – ليما راشد الملا

التاريخ 17 سبتمبر موعد لا يبدو يومًا عاديًا في الأجندة الاقتصادية العالمية. ففي هذا اليوم يترقب المستثمرون حول العالم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة، وهو قرار يُعتبر حجر الأساس في تحديد مسار الأسواق المالية خلال الأشهر المقبلة… والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل سيعزز الفيدرالي قوة الدولار على حساب الذهب، أم أن المعدن الأصفر سيستعيد بريقه في حال تم تثبيت أو خفض الفائدة؟

الدولار والفائدة: علاقة مباشرة

من المعروف أن قوة الدولار ترتبط بشكل وثيق بمستوى أسعار الفائدة. فعندما يقوم الفيدرالي برفع الفائدة، ترتفع العوائد على الأصول المقومة بالدولار، ما يجعل العملة الأميركية أكثر جاذبية للمستثمرين العالميين. هذا يؤدي إلى تدفق السيولة نحو الدولار، فيرتفع سعره أمام العملات الأخرى، ويعزز مكانته كعملة احتياطية أولى في العالم.

وفي حال قرر الفيدرالي المضي برفع جديد للفائدة في 17 سبتمبر، فإن النتيجة الطبيعية ستكون مزيدًا من الدعم للدولار، مما قد يضغط على أسعار الذهب ويقلل من جاذبيته.

الذهب والفائدة: علاقة عكسية

على الطرف المقابل، علاقة الذهب بأسعار الفائدة عكسية بطبيعتها. فعندما ترتفع الفائدة، تقل جاذبية الذهب باعتباره أصلاً لا يدر عوائد، مقارنة بالأدوات الاستثمارية الأخرى كالودائع والسندات. أما عند خفض الفائدة، فيستعيد الذهب جاذبيته كملاذ آمن يحتمي به المستثمرون من تقلبات السوق وتراجع قيمة العملة.

ولذلك، إذا قرر الفيدرالي خفض الفائدة أو حتى تثبيتها عند مستوياتها الحالية، فقد نشهد انتعاشًا ملحوظًا في أسعار الذهب، ليعود مرة أخرى إلى دائرة الضوء كخيار مفضل للمستثمرين.

17 سبتمبر: إعادة رسم خاريطة الاستثمار

ببساطة، يمكن القول إن 17 سبتمبر سيكون بمثابة محطة فاصلة لإعادة رسم خريطة الاستثمار العالمية. فإذا رفع الفيدرالي الفائدة، ستكون الكفة راجحة للدولار، وسيبحث المستثمرون عن عوائد سريعة من الأصول المقومة به. أما إذا اتجه القرار نحو خفض الفائدة، فإن الذهب سيكون هو الرابح الأكبر، وسيعود إلى الواجهة باعتباره الأصل الأكثر أمانًا في أوقات الاضطراب.

هل نشتري الذهب الآن؟

السؤال الأكثر تكرارًا في أذهان الأفراد والمستثمرين هو: “هل حان الوقت لشراء الذهب؟”.

توصيات العديد من خبراء الاقتصاد تشير إلى أن شراء الذهب الآن خطوة حكيمة، لكن بشرط مهم: عدم استثمار كل السيولة المتاحة دفعة واحدة. المنطق الاستثماري هنا يعتمد على التنويع وإدارة المخاطر.

إذا قمت بشراء جزء من الذهب قبل القرار، وارتفعت أسعاره لاحقًا، تكون قد استفدت من الصعود. أما إذا تراجع السعر بسبب رفع الفائدة، فسيكون لديك سيولة متبقية تمكنك من الشراء بأسعار أقل، وبالتالي تعويض الخسائر وتحقيق مكاسب مستقبلية.

قراءة أعمق للمشهد الاقتصادي

لا يمكن قراءة قرار الفيدرالي بمعزل عن الصورة الأشمل. فالعالم يعيش اليوم حالة من التباطؤ الاقتصادي في بعض المناطق، مقابل تضخم لم ينخفض بالوتيرة التي كان يُتوقعها. هذه المعطيات تجعل قرار 17 سبتمبر أعقد مما يبدو، لأنه يوازن بين خطر الركود من جهة، والحاجة إلى كبح التضخم من جهة أخرى.

الدولار القوي قد يضر بالصادرات الأميركية لأنه يجعلها أقل تنافسية، لكنه في المقابل يحقق استقرارًا نسبيًا للأسواق. أما الذهب، فسيبقى الأداة التي يلجأ إليها المستثمرون في حالات عدم اليقين، سواء تعلق الأمر بالتوترات الجيوسياسية أو بالاضطرابات الاقتصادية.

خلاصة الموضوع

قرار الفيدرالي في 17 سبتمبر لن يكون مجرد خطوة تقنية في السياسة النقدية، بل محطة فارقة ستحدد وجهة الأسواق خلال الربع الأخير من العام. الدولار مرشح لزيادة قوته في حال رفع الفائدة، بينما الذهب ينتظر فرصة الصعود إذا تم تثبيت أو خفض المعدلات.

النصيحة الأذكى للمستثمر واضحة: تنويع الاستثمارات وعدم وضع كل البيض في سلة واحدة. اشترِ الذهب بجزء من أموالك الآن، وانتظر القرار لتحدد خطوتك التالية. ففي عالم تتغير فيه المعادلات بسرعة، المرونة والذكاء الاستثماري هما السلاح الأقوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى