نصاب و”بجح”

قصص وروايات من عوالم خفية خيالية لأهداف توعوية تحذيرية
يكتبها عادل العادل:
هل هي نحاسة أم جشع أم قلة عقل أم سوء تقدير أم انحدار أخلاقي وسط زحمة متغيرات العالم من حولنا، عندما ينتمي لأحد العائلات التجارية العريقة ويتفرغ لنسج فخ محكم كي يستبيح أموال الناس بالباطل وبغير وجه حق.
هل “قاصرك” شي حتى تمارس عمليات السطو والنصب عبر تقديم فرص استثمارية وهمية وتستجلب أموال من وثقوا في اسمك واسم عائلتك ثم تصدمهم بأن العرض “فخ”.
بعض قرارات الاستثمار يأتي القرار فيها من جانب المخاطبين بها من منطلق المجاملة، وهي لغة تفرضها احترام العائلات التجارية فيما بينهم كنوع من التعاون والتقارب ودعم المشاريع الصغيرة التي ينسجها الأبناء والأحفاد.
شرذمة ونبتة شيطانية من أجيال غير منضبطة تحمل جينات متحورة شيطانية باتت تستغل الأعراف والأخلاقيات شر استغلال، تترجم المجاملات خطأ، وترى في سمو الأخلاق ضعفاً ، وفي السلم خوفاً، فتتمادى في غيها وسلوكها المشين وتصدر مشهد غير مألوف أو معروف في تراث الأجداد.
الوضع لم يعد أمان، لم يعد كما كان، أمام انحدار الأخلاق وبحث الجميع عن الأموال بأي طريق كان، بات النصب سهلاً والسطو أسهل والقرصنة أقل جهداً والبجاحة والتنصل من سداد الحقوق هو “الوجه” الحقيقي الخفي غير المعلن إلا في الغرف المغلقة وأثناء التفاوض.
في العلن وفي المناسبات وجيه ولد وجيه، أمام الكاميرات وعبر رسائل السوشيال ميديا، حكيم وأديب وناصح ونموذج وفاضل وتقي ورع ، في ركن المعاملات المباشرة الضيقة البينية تظهر وتطفوا كل أنواع العقد والنواقص الدفينة.
بعض الحكم والأحكام المستمدة من ثوابتنا الدينية وعقيدتنا الإسلامية تمر مرور الكرام دون التمعن في أعماقها، نقرأ ولا نتدبر، نسمع ولا نفهم أمام غشاوة جاسمة على العقل والبصر والبصيرة، طفت وطغت الماديات فأذهبت العقول أمام مغريات المال السحت كما تذهبها المسكرات.
القناعة كنز لا يفنى، والأمانة ثقيلة وأبت السماوات والأرض والجبال أن تحملها، فأي ثقل هذا وأي مسؤولية وأي جهاد هذا الذي أبت السماوات والأرض والجبال أن تحمل عناءه وتجابه وتكافح وساوس الشيطان ومغرياته بالنص القرآني الصريح والواضح قال تعالى ” إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ” (الأحزاب 72 ) .
كيف إذا كانت جريمة خيانة مع سبق الإصرار والترصد وعبر تخطيط مسبق محكم حتى يتمكن “الخائن” والنصاب البجح من الإيقاع بضحاياه.
قبل عقود قليلة مضت كان الحياء والخجل من أقل القليل هو السائد، كان الحرص والحفاظ على السلوك القويم هو الأًصل في الخفاء كما في العلن، في العلاقات الشخصية المباشرة الضيقة كما في العلاقات الأوسع، السلوك ثابت لا يتجزأ ولا يتلون، الأخلاق أيضا من الثوابت ولا يمكن أن تكون في الخفاء شيئاً وفي العلن شيئاً أخر، هذا هو الوضع السليم والقويم وأخلاق الرعيل والكبار.
النصاب الجديد سيلفظ أنفاسه قريباً وستتكشف أوراقه وسيكون حديث القاصي والداني، يهذي يمينا ويسارا، يحاول أن يتنصل، يقاوم كي لا يسدد الحقوق المسلوبة، يظهر بصورة القوي معتقداً أن جفاء التعامل ولغة التكبر قد تنجيه من الملاحقة، غافلاً عمداً أو جهلاً أو لقلة الخبرة أنه لا يموت حق وراءه مطالب، ودروب الحق أقوى من دروب الباطل، فها هي نصيحة الإمام علي كرم الله وجهه “لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه”.
صاحب الحق دائماً أقوى و”الحرامي” أضعف موقفاً وصوتاً، قد يساندك “أراجوز” باحثاً عن عمولة أو أجر لكن طوفان الحق سيجرف سفينة الباطل مهما علا شراعها، فدائماً صوت الباطل مهزوز ضعيف، وحتى إن ارتفع فدائماً ما يكون غير مقنع.
مهما تلحفت باسم عائلتك أو بارتفاع مكتبك الشاهق، أو منصبك في الكيان الإسلامي الذي أنت لست أهلاً له سترمى برماح الحق التي ستنطلق من منصة القانون وستسدد ما “سرقته ” صاغراً، هذه حقيقة يجب أن يعيها كل محتال معتد أثيم.
عندما تنكشف حقيقتك ستنتهي مسيرتك وستوصم بختم العار ولن تقوم لك قائمة ولن ينجح لك مشروعاً وستعيش أبد الدهر تتخفى وراء الآخرين في شراكات ملتوية حتى لا يظهر اسمك في مقدمة الركب بعدما كنت الدليل والعلم وراية النجاح وصمام الأمان والثقة.