الكويت

المركزي: مستمرون في بناء أسس قوية تجابه التحديات وتعزز الاستقرار المالي

الاقتصادية تنشر تقرير البنك المركزي عن الاستقرار المالي 2023

التطورات الاقتصادية العالمية تؤثر على الاستقرار المحلي  

المتغيرات تفرض ضرورة الفهم العميق والمتابعة المتواصلة

إجمالي الدين العالمي للناتج المحلي الإجمالي تراجع نقطتين ليصل إلى 330%

ارتفاع تكاليف الاقتراض أبرز أسباب الحد من تنامي الديون العالمية

كتب المحرر المصرفي:

أكد تقرير الاستقرار المالي الذي أصدره بنك الكويت المركزي أنه في ضوء ترابط النظام المالي المحلي وانفتاحه على الأسواق العالمية، فإن للتطورات العالمية دورا رئيسيا في الاستقرار المالي المحلي.

وشدد “المركزي” على أنه لا بد من فهم عميق ومتابعة متواصلة لهذه التطورات، لبناء أسس قوية لرصد التحديات التي تواجه النظام المالي المحلي والفرص التي قد تسنح له، سعيا لتعزيز الاستقرار المالي في البلاد.

وبخصوص التطورات العالمية أشار تقرير البنك المركزي إلى أن الاقتصاد العالمي خلال عام 2023 واصل تماسكه عند معدلات النمو المعتادة، وذلك بعد الطفرة التي شهدها ما بعد الجائحة ليصبح أكثر انسجاما مع التوقعات طويلة الأجل. فقد أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي بلغ 3,2% خلال عام 2023 مقابل 3,5% لعام 2022. ويعود هذا التباطؤ في النمو في جزء منه إلى بيئة التشديد النقدي السائدة. وقد استمرت الاقتصادات الناشئة والنامية بتحقيق مستويات نمو تفوق ما تحققه الاقتصادات المتقدمة، مدعومة بالاستهلاك القوي وأسواق العمل المغلقة. ومن ناحية أخرى، استمر الضعف في ثقة المستهلكين واضحا في كل من منطقة اليورو وبعض الاقتصادات المتقدمة الأخرى وذلك على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة.

مع ذلك، وعلى الرغم من محافظة الاقتصاد العالمي على قوته خلال فترة تراجع التضخم في العامين الماضيين، إلا أن النمو الاقتصادي من المتوقع أن يظل ثابتا رغم التوترات الجيوسياسية المتزايدة وما قد ينتج عنها من تفكك في العلاقات التجارية والاقتصادية، فضلا عن الآثار طويلة المدى لفيروس كورونا (كوفيد-19).

وفي حين أن التوقعات الخاصة بالنمو الاقتصادي تشير إلى ثبات نسبي، إلا أن بعض الاقتصادات العالمية الكبرى قد شارفت على تحقيق هبوط سلس في معدلات التضخم (Soft Landing)، حيث تراجع الضغط على سلاسل التوريد لتعود إلى مستوياتها التاريخية، بالإضافة إلى تراجع متوسط تضخم أسعار المستهلك بشكل حاد في جميع أنحاء العالم.

 وعليه، فقد انخفض معدل متوسط التضخم في أسعار المستهلك العالمي ليصل إلى 6,8% خلال عام 2023 مقابل 8,7% في عام 2022. وقد أثبتت الاقتصادات المتقدمة قدرتها على الحد من التضخم بشكل أكبر من الاقتصادات الناشئة، ويتجلى ذلك في فجوة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بين المجموعتين، مع تأثر النمو للاقتصادات المتقدمة بشكل أكبر. وتماشيا مع توقعات صندوق النقد الدولي من العام الماضي، يظهر أن معدلات التضخم العالمية قد بلغت ذروتها في عام 2022 مع انخفاض متوقع في السنوات المقبلة (وقد كان ذلك أكثر وضوحا في الاقتصادات المتقدمة وفقا لما سبق ذكره من أسباب).

ومن جهة أخرى، ارتفعت مستويات الدين العالمي بنسبة 5,1% في عام 2023 بعد الانخفاض الذي شهدته في عام 2022 بنسبة 2,3%. وعلى الرغم من ارتفاع إجمالي الدين، إلا أن معدل إجمالي الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي تراجع بمقدار نقطتين مئويتين ليصل إلى 330%، حيث أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى الحد من نمو إجمالي الدين والذي نما بوتيرة أبطأ من وتيرة نمو الناتج المحلي الاجمالي.

ومن منظور الاستقرار المالي، يعد ذلك مؤشرا إيجابيا حيث يدل على مستويات رفع مالي أقل نسبيا تقترب من مستويات ما قبل الجائحة. ومع ذلك، لا يزال معدل إجمالي الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي مرتفعا نسبيا مقارنة بالمستويات التاريخية، وبالتالي تظل معدلات الدين العام واحدة من نقاط الضعف على المستوى العالمي.

أسواق الأسهم

أظهرت معظم أسواق الأسهم العالمية أداء قويا خلال عام 2023، حيث ارتفع المؤشران الرئيسيان للأسهم الأمريكية والأوروبية، مؤشر ستاندارد آند بورز 500 ومؤشر يورو ستوكس 50، بنسبة 24% و19% على التوالي.

وقد جاء هذا الأداء القوي لسوق الأسهم بعد عام مليء بالتحديات، والذي شهد أكبر دورات ارتفاع في أسعار الفائدة العالمية مما أدى إلى تراجع ذات المؤشرين بنسبة 19% و12%. وجاءت المكاسب خلال عام 2023 نتيجة للنمو الاقتصادي القوي وما ترتب عليه من تحقيق الشركات لأرباح جيدة، فضلا عن ارتفاع ثقة المستثمرين في ضوء التوقعات ببلوغ التضخم وأسعار الفائدة ذروتهما.

أما بالنسبة لمؤشرات أسواق الشرق الأقصى، فقد كان أداء سوق الأسهم أكثر تواضعا، حيث انخفض مؤشر سوق شنغهاي بنسبة 4% خلال العام (يعتبر مؤشرا لجميع الأسهم المتداولة في بورصة شنغهاي أي مؤشرا لأداء الأسهم

الصينية)، وكان ذلك مدفوعا بشكل أساسي بأسهم الشركات الصينية التي تأثرت سلبا بالأداء الاقتصادي الضعيف في البلاد بعد الجائحة، والمخاوف بشأن الهشاشة في السوق العقاري.

 ومن منظور الاستقرار المالي العالمي، فقد أظهرت مستويات التقييم النسبية في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعا، حيث تبين أن القيمة السوقية للأسهم

المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تعادل 31,97 ضعف أرباحها بعد استبعاد أثر التقلبات الاقتصادية الدورية والتضخم، مقارنة بنحو 28,34 في العام السابق ويشير ذلك إلى أن الأسعار قد تشهد تراجعا في المستقبل، حيث بلغ المتوسط التاريخي لمؤشر القيمة إلى الربح حوالي17.

أسواق النفط

استقرت أسواق النفط العالمية في عام 2023 بعد أن أظهرت تقلبات مرتفعة في العام السابق بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. حيث شهدت خامات كل من غرب تكساس الوسيط ومزيج خام برنت وخام الكويت التصديري تداولات خلال العام في نطاق ال 80 دولارا للبرميل. ومن جهة أخرى، بلغت أسعار النفط مستويات متدني ة في منتصف شهر مارس تقريبا، مدفوعة بحادثة فشل بعض البنوك الأمريكية والمخاوف من أن هذا الحدث سيؤدي إلى ركود في الاقتصاد العالمي، حيث وصل خام غرب تكساس الوسيط ومزيج خام برنت وخام الكويت التصديري إلى أدنى مستوى منذ عام 2021 عند حوالي 67 دولارا و73 دولارا و76 دولارا للبرميل على الترتيب. واستجابة للمخاطر المرتفعة وضبابية التوقعات التي صاحبت ذلك، أعلنت بعض دول أوبك عن خفض طوعي للإنتاج في أبريل بإجمالي 1,66 مليون برميل يوميا، على أن يبدأ في مايو ويستمر حتى نهاية عام 2023. وساهم هذا الإعلان في ارتفاع سريع للأسعار وتعويض الخسائر المتراكمة خلال فترة الاضطرابات المصرفية في شهر مارس 2023. هذا، وقد ظلت الأسعار

ثابتة حتى شهر يونيو، عندما أعلن أعضاء أوبك+ عن تمديد فترة تخفيض إنتاج النفط الخام حتى عام 2024، مما أدى إلى ارتفاع مطرد في أسعار النفط حيث وصل مزيج خام برنت إلى 97 دولارا للبرميل بحلول أواخر سبتمبر، وهو أعلى مستوى له خلال العام. كما أُعلن عن تخفيضات طوعية إضافية في الإنتاج في نوفمبر، ولكن لم يكن لها أثر يذكر على الأسعار بسبب تدني ثقة المستثمرين تجاه السوق الناتج عن ارتفاع المخزون. وبنظرة مستقبلية، فمن المتوقع أن تؤدي المخاطر الجيوسياسية المرتفعة والتخفيضات الطوعية المستمرة في الإنتاج إلى تقليص فائض العرض ليتماشى أكثر مع الطلب، وتقديم الدعم لأسعار النفط العالمية خلال عام 2024 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى