مقالات

دور تطبيق الحوكمة في اختيار الرئيس التنفيذي للشركة (1)

112 مليار دولار خسائر المستثمرين الأمريكيين بسبب قرارات مجالس الإدارة الخاطئة.

 قرارات مجلس الإدارة الخاطئة تشمل سوء الاختيار وإجبار الرئيس التنفيذي بالتنحي إما فصل تأديبي، استقالة، أو إقالة من المنصب.

يتميز الرؤساء التنفيذيون الناجحون بعدة سلوكيات وصفات ومهارات تجعلهم فعّالين في قيادتهم وتحقيق أهداف المؤسسة.

تقر الأبحاث بأن الافكار المنتشرة لدي الناس حول نجاح الرؤساء التنفيذيين بسبب الصفات مثل الكاريزما والثقة ليس لها تأثير كبير على الكفاءة.

يجب على مكاتب الاستشارات القيادية تجميع قاعدة بيانات تحتوي على تقييمات مفصلة للرؤساء التنفيذيين وأسباب مغادرتهم المنصب.

يعتبر دور الرئيس التنفيذي (CEO) دورًا مليئًا بالتحديات وعالي المخاطر، مما يتطلب اهتمامًا كبيرا وتحديا لمجالس الإدارة والتي غالبًا ما تتخذ قرارات خاطئة في التوظيف مما يؤدى إلى خسائر مالية كبيرة للمستثمرين (في أمريكا تقدر بحوالي 112 مليار دولار سنويًا بسبب التغيير الغير المخطط له والقسري إما فصل، استقالة، أو إقالة).  فمن الضروري إعادة تعريف المجالس لفهمها حول ما يجعل الرئيس التنفيذي فعالًا، بالابتعاد عن النماذج والطرق النمطية (واسطة) والتركيز على السلوكيات الرئيسية التي تسهم حقًا في الأداء العالي. فيجب على المجالس تطبيق معايير للاختيار تضمن انتقاء قادة فاعلين من ذوي الكفاءة عالية المستوى ترقى إلى حجم مسؤولية المنصب والمكان وأثر هذه المسؤولية على صحة وجودة حياة الموظفين وتحقيق التوازن بين مصالح جميع الأطراف المعنية. ففي وقت خلو مناصب القيادة العليا نستدعي النظر إلى ما هو أبعد من مسالة المعرفة السابقة (ديوانية) فيجب أن نركز على الأداء السابق والكفاءة والخبرة والدراية بالمجال المطلوب. فإذا كان هناك جدية في اختيار الأكثر كفاءة للمنصب القيادي الحيوي (CEO)، من الممكن نظرياً وعملياً الاستعانة بمنهجيات اختيار فعّالة ومطبقة على مستوى العالم للمناصب القيادية، تعتمد على تقييم معمق وموضوعي للكفاءات القيادية. فهذه المنهجيات مصممة ومجرّبة للكشف عن قدرة المرشحين على التعامل مع الضغوط والتحديات الفعلية للمنصب، وتحدد بوضوح الأشخاص الذين يمتلكون القدرات والكفاءة اللازمة لقيادة التغيير وتحقيق النتائج المطلوبة والمأمولة وبكفاءة.  فمن خلال القيام بذلك، يمكنهم تحسين عمليات الاختيار الخاصة بهم وتعزيز نتائج المؤسسات في النهاية.  تطبيق الحوكمة لاختيار الرئيس التنفيذي للشركة يعد عنصرًا حيويًا في ضمان تحقيق أهداف الشركة وتعزيز استقرارها ونموها المستدام. فكيف بالإمكان تطبيق مبادئ وقواعد الحوكمة في عملية اختيار الشخص المناسب للمنصب. أولا، يحب أن نتعرف على أهم مميزات الرئيس التنفيذي.

الجزء الأول: ما الذي يميز الرئيس التنفيذي وما هي معايير الاختيار: يتميز الرؤساء التنفيذيون الناجحون بعدة جدارات، قدرات، سلوكيات وصفات ومهارات، والتي تساعدهم ليس فقط في الحصول على المناصب، ولكن أيضًا تجعلهم فعّالين في قيادتهم وتحقيق أهداف المؤسسة. فهم يجمعون ويجسدون بين مجموعة من السلوكيات والمهارات والصفات التي تساهم في نجاحهم في قيادة المؤسسات وتحقيق أهدافه بأداءً مستدامًا وميزة تنافسية في بيئة أعمال تتطور باستمرار.  إليك بعض هذه الميزات التي يجب أن يمتلكها (ليس بالتصنع، التوهم، الادعاء) المرشح للمنصب (CEO) أو القادة الطامحين في المنصب مستقبلا بتطوير هذه الجدارات، القدرات، وصفات ومهارات حول هذه السلوكيات للفوز بالمنصب وتحقيق أداء عالي جدا.

  • حسن اتخاذ القرارالحاسم (Decision Making Skills): يتميز الرؤساء التنفيذيون الناجحون بقدرتهم على اتخاذ قرارات سريعة وبقناعة عالية ومستنيرة. فهم يتفوقون في جمع البيانات (أبحاث سوقية لفهم الاتجاهات والاحتياجات)، وتحليل المعلومات، وتقييم المخاطر والمكافآت المحتملة المرتبطة بخياراتهم. تعتبر هذه الحسمية ضرورية في بيئات الأعمال الديناميكية حتى في وسط الغموض والأزمات (كورونا/حرب)، حيث تعزز الثقة والاحترام بين أصحاب المصلحة، بما في ذلك الموظفين، والمجالس، والمستثمرين ويضعون احتياجات العملاء في مقدمة الأولويات، مما يعزز من رضائهم وولائهم.  فقدرتهم على اتخاذ القرارات بسرعة تمثل مؤشرًا قويًا على النجاح؛ حيث إن الذين يتم تعريفهم بأنهم “حاسموين” هم أكثر احتمالًا بـ 12 مرة ليكونوا رؤساء تنفيذيين ذوي أداء عالٍ على عكس الآخرين الذين يتخذون القرار ببطء وضئيل الأثر وذلك بعد فوات الأوان.  فعدم اتخاذ القرار يعرضك للطرد أكثر من اتخاذ قرار حاسم قد يبدو لاحقا خطأ غير مقصود وتعتبره فرصة للتعلم والنمو.  فيجب تأطير الآلية باتخاذ القرار بسؤال نفسك: هل هناك سوء فهم؟ والسؤال الآخر: إلى أي حد بعدم حسمي وتحركي السريع يؤخر قرارات وأمور أخرى؟
  • الاندماج والانخراط Engaging Person : يتفاعل الرؤساء التنفيذيون الناجحون بنشاط مع موظفيهم ومع أصحاب المصلحة الخارجيين ويعملون على توجيههم نحو هدف مشترك بجميع مراحل التخطيط والتركيز على خلق القيمة. حيث يضعون أولويات ويدركون أثر الاتصال المفتوح ويحرصون بالعلاقات على مزاجهم ولغة جسدهم (أثر وضرر الكلمة أو إيماءة غير مقصودة) ومستوي الشفافية، ويقدرون المساهمات ووجهات نظر أعضاء فريقهم. من خلال خلق بيئة شمولية، والقدرة والقدوة والحسم والإشراك وتحمل المسؤولية يمكّنون الموظفين من المساهمة في تحقيق أهداف المؤسسة، مما يعزز الروح المعنوية والتعاون (إدارة اختلاف وجهات النظر) والإنتاجية العامة.
  • القدرة على المرونة والتكيف: تعتبر القدرة على التكيف وتعديل الاستراتيجيات بما يتلاءم مع الظروف المتغيرة والفهم لديناميكيات السوق سمة بارزة من سمات الرؤساء التنفيذيين الفعالين. يظهرون مرونة في استراتيجياتهم ويكونون مستعدين للتغيير ويدعمون ثقافة الابتكار والتجديد داخل الشركة استجابةً للتحديات أو الفرص الجديدة. يسمح لهم هذا التكيف بالتنقل في تقلبات السوق، والابتكار حسب الحاجة، والحفاظ على مرونة المؤسسة.  كما يتمتعون بقدرة على العمل تحت الضغط والتكيف مع الظروف المتغيرة بفعالية.
  • الثقة بالنفس(Self Confidence)تلعب الثقة بالنفس دورًا حيويًا في القيادة الناجحة. يبرز الرؤساء التنفيذيون الفعالون ثقة أكيدة في رؤيتهم للمؤسسة، مما يلهم من حولهم للتماشي مع تلك الرؤية. تساعد ثقتهم على اتخاذ القرارات الصعبة وقيادة مؤسساتهم خلال الأزمات، مما يعزز شعور الاستقرار والثبات.
  • التكيف الاستباقي(Proactive): يحافظ الرؤساء الناجحون على رؤية طويلة الأمد، حيث يعتبرون الأخطاء فرصًا للتعلم بدلاً من عقبات.
  • نتائج وإنجازات سابقة موثقة(يوفون بالعهد): يتعهد الرؤساء التنفيذيون الناجحون بتنفيذ التزاماتهم باستمرار، مما يضمن توافق أفعالهم مع وعودهم ويكتسبون ثقة الموظفين والمستثمرين، مما يسهل عليهم تنفيذ استراتيجياتهم وتحقيق الأهداف. فهم يركزون على النجاح والكفاءة ويعملون على تحقيق النتائج المرجوة من خلال تنظيم الجهود والموارد.  كما يقومون بتحديد مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)لمراقبة التقدم وتحقيق الأهداف
  • مهارات القيادة (Leadership Skills): يتمتعون بقدرة على إلهام وتحفيز موظفيهم، مما يعزز من روح الفريق ويزيد من التزامهم.  ويجب أن يكونوا نموذج يحتذى به (Role Model) فيكرسون أنفسهم كقدوة سواء من حيث العمل الدؤوب أو القيم الأخلاقية والسلوكيات الإيجابية.
  • التواصل الفعّال: تجدهم يتواصلون بوضوح وشفافية مع جميع مستويات الشركة، مما يعزز من الثقة ويفسح المجال للتعاون. ويمتلكون ميزة الاستماع الفعّال لملاحظات وآراء الآخرين، بما في ذلك الموظفين والعملاء والمستثمرين.
  • الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence): يتمتعون بقدرة عالية على فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها بشكل مناسب، مما يعزز إدارة العلاقات وبناء شبكة دعم قوية بما يدعم بيئة العمل.
  • تطوير المواهب (Talent Management): يهتمون بتطوير مهارات موظفيهم ويشجعون على التعليم المستمر والنمو الشخصي ويقدرون الإنجازات  والجهود للأفراد ويسعون للاعتراف بإنجازاتهم لجعلهم يشعرون بالتقدير.
  •  الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية(Sustainability and CSR):  يدركون أهمية المسؤولية الاجتماعية وتأثير الشركات على المجتمع والبيئة، ويعملون على دمجها في استراتيجيات العمل.

الخاتمة :

تظهر الأبحاث أن نجاح القيادة ليس نتيجة لصفات ثابتة أو شهادات تعليمية، بل يعتمد على التركيز على سلوكيات أساسية مثل الصفات التي ذكرت هنا. البحث عن هذي القدرات والسمات والخصال الشخصية سيحسن من فرص المؤسسات في اختيار القادة المناسبين ويزيد من فرص القادة في تحقيق النجاح أثناء توليهم مهامهم.  فالتركيز على هذه السلوكيات الأساسية يعد الطريقة الأفضل لتحسين أداء قيادة الشركات وضمان نجاحها في بيئة أعمال ديناميكية.

إذا كانت لديك أي أسئلة أو تحتاج إلى مزيد من التفاصيل حول جوانب معينة، فلا تتردد في التواصل.

عدنان البدر.

باحث ومستشار استراتيجي في سياسة الموارد بشرية وبيئة العمل ورئيس ومؤسس الجمعية الكندية الكويتية للصداقة والأعمال. 

ckbafa@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى