مقالات

الدعم الحكومي بين الضريبة والنفط

 

في معظم دول العالم هناك خلاف بين فريقين، فريق يريد زيادة الضرائب وفريق يريد خفضها، وكل فريق له مبرراته وكل ذلك لدعم الميزانية العامة عن طريق الطبقة الغنية، أو عن طريق تخفيف الدعم للخدمات الاجتماعية للطبقات القادرة . هذا السجال يصل دائما إلى حلول وسط حسب الاتفاق وتسيير عمل الدولة، وهذا كله تحت نظام ضريبي واضح ومعروف مسبقا، من دخل وصرف كل فرد ومؤسسة، والذي يحدد كل شريحة في المجتمع من الطبقات الدنيا والمتوسطة والعليا الغنية، ومن هنا يدخل الدعم للطبقة الدنيا لتعديل ظروفها الاجتماعية وتأهيلها في حياتها الصعبة وتقديم تأمين صحي والعناية بها في الشيخوخة، وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية المجتمع من عدم التوازن فيه، وكل ذلك يدار عن طريق السياسة الضريبية للدول.
هذا من منظار دولي يتبعه معظم دول العالم. أما نحن في الكويت، فكيف نتعامل مع ذلك وليس عندنا نظام ضريبي متكامل؟ بل أغلب اعتمادنا على النفط في موارد الدولة، فكيف نتعامل مع الدعم؟ وهل يمن إتباع السياسة التي تتبعها الدول الاخرى؟
هذه إشكالية كويتية ربما فريدة في العالم ، حيث أن الدعم لا يذهب إلى الطبقة الدنيا المحتاجة فقط، بل الدعم يذهب لكل الطبقات الدنيا والمتوسطة والعليا الغنية، بالتساوي، وهذا خلل غير طبيعي في توزيع الدعم، لأن الطبقة المتوسطة والطبقة الغنية لا تحتاجان إلى الدعم، وهما في النظام الضريبي للدول الأخرى من تمولان الطبقة الدنيا الفقيرة ولا تتلقيان الدعم كما هي الطبقة الفقيرة.
فما هي أسباب الخلط بأن كل الشرائح في المجتمع الكويتي تتلقى الدعم؟ وهل فيه عدالة أم هدر للمال العام؟ ولماذا الكل يقبل بذلك؟
هذه أسئلة مشروعة ، والحقيقة التي تعمل على تنظيم ذلك هي النظام الضريبي الذي يعتمد على تقسيم المجتمع إلى شرائح واضحة المعالم من طبقة فقيرة ومتوسطة وغنية، وهذا النظام يحدد الطبقة المحتاجة للدعم عن طريق التقارير السنوية الملزمة من هيئة الضريبة المقترحة، وهذا يوفر أموالا كثيرة يمكن أن تزيد من الدعم للطبقة المحتاجة، لذلك فالدعم الشامل لكل شرائح المجتمع شيء غريب وغير طبيعي بسبب عدم وجود نظام تقارير ضريبية للدولة لتطبيق النظام العادل في المجتمع ووقف الهدر في الأموال العامة للطبقات غير المحتاجة. لذلك يجب أن نبدأ بجد من الآن لتطبيق قانون الضريبة بدون جباية، بل فقط وفق آلية ضريبية تحدد شرائح المجتمع وتوجه الدعم إلى الطريق الصحيح، وتوفر كثير من الأموال العامة للدولة.. والله الموفق…
حامد السيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى