الذكاء الاصطناعي يطرق أبوابنا… فلنفتحه بمهارات جديدة

بقلم – ليما راشد الملا
في كل مرة تسمع فيها عن الذكاء الاصطناعي، قد يخطر ببالك شيء بعيد… ربما روبوت يتحدث، أو تطبيق ينجز مهامًا معقّدة بسرعة مذهلة. لكن ماذا لو أخبرتك أن الذكاء الاصطناعي أصبح أقرب إليك من أي وقت مضى؟ أقرب من وظيفتك، ومستقبلك، وأحلام أولادك؟
في عالمنا العربي، حيث لا يزال كثير من الشباب ينتظر فرصة عمل، وأغلب الوظائف تميل إلى التكرار والإدارة الورقية، جاء الذكاء الاصطناعي لا كزائر، بل كواقع جديد… يفرض نفسه وبقوة، ويطرح سؤالًا مهماً لنا جميعًا:
هل الذكاء الاصطناعي سيأخذ مكاننا؟ أم سيفتح لنا أبوابًا جديدة؟
هل الوظائف الإدارية في مهب التغيير؟
لنفكر معًا: كم شخصًا تعرفه يعمل في وظيفة تعتمد على إدخال البيانات؟ أو يرد على مكالمات العملاء؟ أو يكتب تقارير مكررة يوميًا؟
هذه بالضبط الوظائف التي بدأ الذكاء الاصطناعي في استبدالها، ليس لأن الناس لا يقومون بها جيدًا، بل لأن الآلة تؤدي هذه المهام بطريقة أسرع… وبتكلفة أقل.
في بلدان مثل السعودية والإمارات، بدأت المؤسسات الحكومية نفسها في التحول الرقمي، فتقلصت الحاجة إلى مئات الموظفين في بعض الإدارات. وفي دول أخرى، حيث الفرص محدودة أصلًا، يشعر الناس بالقلق:
هل ستأخذنا التكنولوجيا إلى الأمام… أم تتركنا خلفها؟ ولماذا لم تعد المهارات التقليدية كافية في العصر الجديد؟
الحقيقة المؤلمة أننا، كعرب، دخلنا هذا العصر الجديد دون أن نكون جاهزين تمامًا له.
أنظمة التعليم لا تزال تركز على الحفظ، لا التحليل. المدارس والجامعات تخرّج آلاف الشباب كل عام، لكن سوق العمل يريد مهارات جديدة: التفكير النقدي، البرمجة، تحليل البيانات، الإبداع، والتأقلم مع التكنولوجيا.
فإن التحدي الحقيقي… ليس في وجود الذكاء الاصطناعي، بل في غياب الإنسان المؤهّل للتعامل معه.
ولكن… هل هناك أمل؟
دعونا لا نغرق في القلق فقط، فالتاريخ أثبت أن كل ثورة صناعية أو تقنية خلقت فرصًا جديدة، حتى لو أغلقت أبوابًا أخرى.
الذكاء الاصطناعي لا يطلب منّا أن ننافسه، بل أن نكون شركاء معه. أن نستفيد منه لحل مشاكلنا، لا أن نخاف منه.
تساعدنا التكنولوجيا في تطوير التعليم، في تحسين الرعاية الصحية، في بناء تطبيقات ذكية باللغة العربية تخدم مجتمعاتنا، وفي تمكين الشباب للعمل الحرّ من أي مكان.
وبإمكان حتى شاب من الريف أن يعمل اليوم كمطور برمجيات لشركة في دبي أو كندا، طالما لديه المهارة، واتصال جيد بالإنترنت، ودافع للتعلّم.
هل نعطي الأولوية للإنسان أم للآلة؟
الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا… لكن تجاهله سيكون خطأً قاتلًا.
نحتاج إلى تغيير حقيقي يبدأ من المدارس والجامعات، ويمرّ بالحكومات التي عليها أن تدعم التدريب المستمر، وتخاطب الشباب في واقعهم، لا في الصورة المثالية التي نرسمها لهم.
نحتاج إلى أن نعيد رسم علاقة الإنسان بالتكنولوجيا، بحيث لا يكون خاضعًا خائفًا… بل شريكًا واثقًا.
في النهاية، ليست المسألة إن كان الذكاء الاصطناعي تهديدًا أو فرصة…
بل المسألة: هل نحن مستعدون؟