مقالات

استكشافات الغاز ومستقبل الاكتفاء الذاتي

بقلم/ ليما راشد الملا

 

يعيش العراق لحظة فارقة في تاريخه الاقتصادي بعد الإعلان عن خطة شاملة للتحرّر من الاعتماد على الغاز المستورد خلال ثلاث سنوات فقط، مستهدفاً تحقيق الاكتفاء الذاتي وحلّ أزمة الكهرباء المزمنة. ورغم أن هذه الخطوة اقتصادية في ظاهرها، إلا أن جوهرها سياسي-استراتيجي يمسّ توازن القوى في المنطقة ويعيد تعريف موقع العراق في خارطة الطاقة.

الغاز… مستقبل اقتصادي  

لسنوات طويلة كان العراق يحرق ما بين 17 و18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب سنوياً، ليصبح ثالث أكبر دولة تستخدم الغاز بعد روسيا وإيران. هذا الاستهلاك  دفع لتعزيز الاستكشافات ، حتى اهتدت إلى كميات كبيرة لتصبح  واحدةمن أكبر احتياطيات الغاز في المنطقة، تقدر بنحو 131 تريليون قدم مكعب.

اتفاقات كبرى… ورسائل اقتصادية

التحول الحالي لم يأتِ عبر الوعود وحدها، بل عبر توقيع اتفاقات مع “توتال إنيرجيز” وشركات إماراتية وصينية لالتقاط الغاز المصاحب ومعالجته وتوجيهه لمحطات الكهرباء. هذه الشراكات ليست عملاً تقنياً فحسب؛ فهي تؤكد رغبة بغداد في تنويع شركائها وتخفيف أي احتكار إقليمي لموارد الطاقة العراقية. كما تمنح العراق مظلة اقتصادية متعددة الأطراف تضعه في موقع تفاوضي أقوى.

بلغة الأرقام لا الشعارات

إن إنهاء الاعتماد على الغاز المستورد يعني تقلّص إحدى أهم أدوات النفوذ في ملف الطاقة الإقليمي. ورغم أن المصدرين سيبقون لاعبين كباراً  في السوق، فإن العراق كوجهة رئيسية للغاز تمثل أهمية قصوى . هذا التحوّل سيؤدي إلى انتقال العراق من موقع “الزبون المقيّد” إلى موقع “الطرف المنتج والمتحكّم بموارده”، وهو انتقال يساوي سياسياً أكثر مما يساوي اقتصادياً.

  العراق يعيد رسم دوره

إذا نجحت الخطة، سيقترب العراق من استعادة توازنه الاقتصادي القوي ، ما يمنحه فرصة لتحويل موارده إلى مشاريع تنموية وصناعية بدل أن تُستهلك في شراء الطاقة. كما أن التخلص من فاتورة الغاز المستورد سيجعل كهرباء العراق أكثر استقراراً، وهو الشرط الأول لأي بيئة استثمارية حقيقية. وبذلك ينتقل العراق من دولة تعيش تحت ضغط الطاقة إلى دولة تمتلك مفتاحاً من مفاتيح معادلة الغاز في المنطقة عموماً .

التحديات… والخطة المقبلة

مع ذلك، لا يبدو الطريق مفروش بالورود. فهناك تحديات  حيث  أن نجاح الخطة يحتاج إلى سرعة في بناء شبكات المعالجة والنقل، وحماية حكومية قوية تعزز مقومات النجاح.

وفي الختام… سؤال المرحلة:

هل تجتاز الرهان الكبير وتنجح العراق في استثمار موقعها ومواردها لتصبح لاعباً مؤثراً في سوق الغاز الإقليمي مستقبلاً ومركز استقرار وذات ااقتصاد قوي ومتنامي وسوق واعد أمام الشركات في المنطقة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى