لماذا نعيد إنتاج أزمة مديونيات

الإيجارات تخطت حدود العقل والمنطق وتسببت في تعثر المشاريع بمختلف نشاطاتها
المشاريع الصغيرة والمتوسطة وحتى الكبرى، الجميع يشكوا من المبالغات في أسعار الإيجارات التي تخطت حدود العقل والمنطق، وباتت سبب رئيسي في تعثر المشاريع، والإغلاقات باتت تطال حتى المشاريع التشغيلية في قطاعات حيوية ومطلوبة.
يضاف إلى ما سبق ضعف القوى الشرائية الذي ترتفع مؤشراته، حيث زاد الأمر تعقدياً وقضى على ما تبقى من آمال وطموحات لدى أصحاب المشاريع بمختلف قطاعاتها.
بوادر أزمة تطل برأسها، وإهمالها سيجعلها تكبر وتنمو وتعيد إنتاج أزمة مديونيات، حجم المشاريع المعطلة والمأزومة والتي أغلقت أرقام تدق ناقوس الخطر، ويجب أن يتم التعامل معها مبكراً.
ملف الإيجارات يحتاج وقفة ومعالجة، خصوصاً وأن أصحاب المشاريع بالورقة والقلم يؤكدون أنها تلتهم نحو 70% من التكلفة الإجمالية، وكأن صاحب المشروع والمستثمر يعمل لصالح المجمع التجاري فقط.
الأمر يحتاج إلى قليل من الحكمة، وخطوات إجرائية نحو المعالجة الجادة والفعالة من باب المصلحة العامة، حتى وإن كانت المجمعات ملكية خاصة، لكن المبالغة تؤثر على شرائح المجتمع كافة نتيجة زيادات الأسعار حتى يستطيع المؤجر توفير نفقاته.
أسعار الإيجارات باتت أغلى من أوروبا وأمريكا، في وقت تحصل هذه المجمعات على أسعار طاقة مدعومة، وبعضها أراضي أملاك دولة بأسعار زهيدة، وغياب للضرائب بمفهومها الواسع والعميق.
ما يجب التوقف أمامه هو أن المشاريع بمختلف شرائحها وقطاعاتها محرك أساسي للاقتصاد، وضلع مهم ومؤثر، و”تكسيرها” سيضر بشرائح واسعة، وسيخلق أزمات مالية وتتبعها نزاعات قضائية وخلافات وهكذا تتسلسل التبعات والتداعيات.
الشركات والمشاريع التي تغلق أو تتعثر هي في الواقع نواة لشركات كبرى ستكون رافد للبورصة مستقبلاً، كيف لا ولدينا نماذج عديدة، فموقع طلبات بدأ بفكرة بسيطة لشباب طموح تحول إلى شركة عالمية قامت شركات عملاقة بشرائها وأدرجت في بورصة إقليمية.
مثلما جاء القانون 126 لكبح جماح أسعار السكن الخاص، وألجم الاحتكار والمبالغات في سعر العقار، مطلوب معالجة حكيمة لملف الإيجارات، فهو محور أزمات القطاع الخاص والشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
تعثر المشاريع الصغيرة يضر بالشركات الكبرى أيضاً، فهي جزء من المكون الاستهلاكي، فضلاً عن أن ترك آلاف الشركات للإغلاق والتعثر يعني ببساطة وقوف أصحاب هذه المشاريع على “باب” الوظيفة العامة، وإغلاقات لآلاف الحسابات التجارية المصرفية في البنوك، ووقف لحركة الاستيراد ونشاط الانفتاح وتأثر قطاع الخدمات اللوجستية والنقل.
أصحاب العقارات والمجمعات، مطلوب مشاركة ومبادرة ومعالجة لأزمة الإيجارات الباهظة، بحكمة اقتصادية، فالجميع في ذات “المركب” فشعار، أما شعار “مشروع يغلق سيأتي غيره” فهو ما لن يحدث في ظل هكذا ظروف وأوضاع.




