التوزان بين الأمن القومي وحقوق الإنسان كركن في مكافحة جريمة غسل الأموال

بقلم: المستشار القانوني، د. جلال سعد
نحن على موعد اليوم للحديث عن التوازن بين الأمن القومي وحقوق الإنسان كركن في مكافحة هذه الجريمة وهل قانون غسل الأموال يُشكل مساساً بحرية الأفراد أو سرية حساباتهم المالية؟
وسوف نعالج هذا الموضوع من خلال العناصر الآتية: –
- غسل الأموال والمساس بحرية الأفراد وسرية حساباتهم المالية.
- أطر التعاون الدولي في نطاق غسل الأموال.
- التعاون الدولي في نطاق تنفيذ الأحكام الجنائية.
- التعاون الدولي الجنائي في مجال غسل الأموال.
تفصيل ذلك وتأصيله ….
- التوازن بين الأمن القومي.. وحقوق الانسان كركن في مكافحة جريمة غسل الأموال عند مواجهته:
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا حول هذا القانون بشكل عام هو.. هل يُشكل هذا القانون مساساً بحرية الأفراد أو سرية حساباتهم المالية؟ هل يجسد هذا القانون عبارة (من أين لك هذا؟) – هل يلزم الأفراد دائماً بتبرير مصدر أموالهم؟ أين موضع قرينة البراءة من هذا القانون؟
إن هذا النوع من القوانين يحمل – دائماً – في طياته نوعاً من المساس بحرية الأفراد، ومساساً بحرية حياتهم الخاصة، التي يحرص المشرع – دائماً – على إفراد العديد من القواعد القانونية التي تكرس لحمايتها، ومن ثم كان لابد من أخذ تلك القواعد بعين الاعتبار لدى تطبيق قانون غسل الأموال والنظر إلى الفرد على أنه متمتع دائماً وأبداً بقرينة البراءة لكافة أعماله التي يقوم بها.
ومن هنا أيضاً يجب عند اتخاذ هذه القواعد وتلك التدابير مراعاة التوازن بين قيم الحرية .. وقيم الأمن. فلا يمكن إنكار العلاقة بين جريمة غسل الأموال وحقوق الإنسان، فغسل الأموال يهدد التمتع ببعض حقوق الإنسان ويهدد الأمن القومي والنظام العام.
وقد يكون من شأن محاربة غسل الأموال المساس بقدر من بعض حقوق الإنسان على أن المشكلة لا تقف عند هذا الحد، بل تثور مشكلة أخرى هي وسيلة مواجهة ومكافحة غسل الأموال، لأن هذه الوسيلة يمكن أن تكون لها آثار بعيدة المدى على مدى احترام حقوق الإنسان. وهذه المشكلة ليست بالجديدة لأن التداخل بين الأمن القومي وحقوق الإنسان كان دائماً إحدى الموضوعات الشائكة في القانون الدولي.
ولهذا واجهت النظم القانونية مسئولية مزدوجة تجاه حقوق الإنسان، فمن ناحية أصبحت هذه النظم ملتزمة بمحاربة غسل الأموال حماية لحقوق الإنسان، ومن ناحية أخرى تلتزم هذه النظم بالتأكد من أن التدابير المناهضة لغسل الأموال لا تخرج عن نطاق احترام حقوق الإنسان، ونؤكد أن سلاح غسل الأموال يجب أن يواجه بسلاح العدالة، وأن الفكرة الفاسدة يجب إزالتها بفكرة صالحة، فلا يجوز أن يعالج الضرر بضرر مثله، بل يجب حماية القانون بالقانون وبغير ذلك فإن غسل الأموال بوصفه اعتداء على حقوق الإنسان يحقق أهدافه إذا حورب خارج نطاق احترام حقوق الإنسان، كما أن الديمقراطية لا تعمل بغير كفالة هذه الحقوق باعتبار أن احترامها هو أحد المقومات التي تقوم عليها قاطرة الديمقراطية.
ومن هنا فإن المواجهة الشاملة لجريمة غسل الأموال لا يمكن أن تكون خارج نطاق احترام حقوق الانسان وهو ما يجعل التحديات القانونية في مواجهة غسل الأموال ركناً ركيناً في المواجهة الشاملة له، باعتبار أن القانون وحماية الحقوق وجهان لعملة واحدة.
فالقانون لا يعتبر فقط مجرد مصدر لمسئولية الدولة في مكافحة غسل الاموال، بل إنه أيضاً يرسم الحدود
التي بداخلها تمارس الدولة رد فعلها تجاه هذه الجريمة.
والخلاصة، فإنه إذا كان من حق الدولة ومن واجبها أن تواجه غسل الأموال استخداماً لحقها في الدفاع عن سيادتها وأمنها واستقرارها فإنه من واجبها أساساً الدفاع عن أرواح مواطنيها وسائر حقوقهم الإنسانية، وذلك باعتبار أن مكافحة غسل الأموال تهدف أساساً إلى حماية حقوق الإنسان.
حدود التوازن بين حقوق الإنسان وحماية الأمن القومي.
لقد ساد اتجاهان في مجال التوازن بين حقوق الانسان والأمن القومي.
الأول: يتصف بالمرونة فيرى أن رد فعل الدولة ضد غسل الأموال يجب أن يكون في نطاق احترام حقوق
الإنسان مع وضع بعض القيود عليها من أجل مواجهة غسل الأموال.
والثاني: يرى ابتداء تحديد رد الفعل ضد غسل الأموال خارج نطاق احترام حقوق الانسان ويرى التغلب على ضمانات هذه الحقوق من أجل المصالح الأمنية.
ويتوقف التوازن بين الأمن القانوني وحقوق الإنسان على الدرجة التي يتعرض فيها هذا الأمن للخطر فإن بلغ الخطر حداً من الجسامة يصل إلى حالة الطوارئ emergency فإن قواعد مواجهة هذه الحالة تقتضي تقوية دور الحكومة في رد الفعل ضد هذا الخطر بما تملكه من موارد وقوة ومرونة ويتم التوفيق في هذا الصدد بين تقوية دور الحكومة وبين حقوق الإنسان دون التضحية بها بصفة مطلقة لأهميتها في تكوين شخصية الفرد وفي قدرته على مساعدة الحكومة على أداء دورها.
وقد سادت وجهتان للنظر في العلاقة بين الضمانات الدستورية لحقوق الإنسان وحالة الطوارئ بسبب تهديد الأمن القومي، فذهبت الأولى إلى تعطيل الالتجاء إلى القضاء للطعن في إجراءات الحكومة حتى تستطيع التحرك بسرعة لمواجهة الخطر الذي يهدد الأمن القومي. بينما رأت وجهة النظر الثانية أنه لا يمكن تنحية الضمانات الدستورية جانباً أثناء حالة الطوارئ بل يتوقف مستوى حماية الحقوق والحريات على ما يحقق مصلحة الأمن القومي. وأيا كانت وجهة النظر في تحديد رد الفعل ضد الخطر، فإنه إذا لم يبلغ غسل الأموال حد حالة الطوارئ فإن التوازن بين الأمن القومي وحقوق الإنسان يؤدي إلى تقييد ممارسة هذه الحقوق بقدر أقل مما لو بلغ حد حالة الطوارئ حيث يتصف الخطر في هذه الحالة بحد أكثر من الجسامة مما يولد الجريمة المسماة بغسل الأموال.
- أطر التعاون الدولي في نطاق غسل الأموال ..
تمهيد وتقسيم …
لم تعد جريمة غسل الأموال ترتكب ضمن حدود الدول، بل خرجت لتعبرها وتتخطاها ليشمل ضررها العديد من الدول، فكان لابد من إيجاد آليات للتعاون الدولي لمكافحة الجريمة والمجرمين، وتحقيق العدالة، والثأر الاجتماعي ضد من يخل بأسس الأنظمة واستقرارها، وحتى لا يستفيد المجرمون من هذه الحدود السياسية ويتخذونها ذريعة لجرائمهم.
وفي عصرنا الآن لا تستطيع أية دولة أن تكافح الجريمة وحدها، حتى وإن كانت أعتى الدول وأقواها (الولايات المتحدة نموذجاً) – وما أحداث الحادي عشر من سبتمبر منا ببعيد، ومن هنا تم التفكير في إيجاد نوع من الترابط بين هذه الدول، وفق ما يسمى بالاتفاقيات القانونية لتبادل المعلومات الأمنية، أو معاهدات تتعلق بتنفيذ الأحكام بكافة أنواعها أو تسليم المجرمين.
اتفاقيات حررت لهذا الغرض.
ومن الاتفاقيات التي حررت لهذا الغرض نذكر منها الآتي:-
- الاتفاقية الثنائية بين الدول العربية والتي كانت متعلقة بـ
ا – تنفيذ الأحكام.
ب – واتفاقية الإعلانات والإنابة القضائية عام 1952 والتي صادقت عليها دولة الكويت عام 1963
- الاتفاقية الثنائية عام 1963 بين دولة الكويت ولبنان المنعقدة في يونيو 1963
- الاتفاقية الثنائية بين الكويت وبلغاريا الشعبية الصادرة بالمرسوم القانون رقم 19 لسنة 1989 بشأن التعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والجزائية.
- اتفاقية نقل وتسليم المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين الكويت وجمهورية مصر العربية الصادرة
بالمرسوم رقم 25 لسنة 1990 … إلخ هذه الاتفاقيات.
وفيما يتعلق بجرائم غسل الأموال.
فقد تطرق المشرع الكويتي للتعاون الدولي بين الكويت ودول العالم في كيفية مكافحة هذه الجرائم.
وقد بين المشرع الكويتي من خلال المواد 23 – 25 كيفية تنفيذ ذلك التعاون ووسائله فقد نصت المادة 23 من قانون غسل الأموال على أنه:
تتبادل النيابة العامة طلبات التعاون الدولي مع الجهات الأجنبية المختصة في الأمور الجزائية في مجال جرائم غسل الأموال أو الجرائم الأصلية أو جرائم تمويل الإرهاب، وذلك بالنسبة إلى المساعدات والإنابات القضائية وتسليم المتهمين والمحكوم عليهم، والطلبات المتعلقة بتحديد الأموال أو تتبعها أو تجميدها أو الحجز عليها أو مصادرتها، وذلك كله وفق القواعد التي تقررها الاتفاقات الثنائية أو المتعددة الأطراف التي صدقت عليها دولة الكويت أو وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل”
فعلى سبيل المثال إذا تلقت النيابة العامة طلباً من السلطة القضائية بدولة أخرى، أن تأمر بتعقب وحجز الممتلكات أو العائدات أو الوسائط المرتبطة بجرائم منصوص عليها في هذا القانون إذ ارتكبت تلك الجرائم في الدول الأخرى وبالمخالفة لقوانينها، وذلك إذا وجدت اتفاقية ثنائية مصدق عليها مع تلك الدولة في هذا الشأن، أو طبقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.
ويستفاد من ذلك:
أن نطاق التصرف إنما هو محصور في تعقب وحجز الممتلكات أو العائدات المتحصلة من الجريمة، إلا أنه لا يجب أن يغيب عن الذهن الأخذ بما هو مقرر في بعض الاتفاقيات الدولية التي تربط الكويت بغيرها من الدول.
إلا أنه من الأهمية بمكان أن نشير إلى اتفاقيتين هامتين في نطاق التعاون من أجل مكافحة الجريمة
وتستطيع سلطة التحقيق أن تعمل من خلالهما بالإضافة إلى ما هو مقرر في قانون غسل الأموال وهما:
اتفاقية الرياض العربية و اتفاقية تنفيذ الأحكام والإنابات
القضائية بدول مجلس التعاون الخليجي
أولاً: دور سلطة التحقيق في ظل اتفاقية الرياض العربية لسنة 1983 :
وقد بينت هذه الاتفاقية العديد من الإجراءات القانونية التي قد تتخذها سلطة التحقيق في أي من البلدان المطلوب منها التعاون بخصوص التحقيق في قضية جنائية وذلك عن طريق ما يسمى ( بالإنابة القضائية) التي تعني قيام إحدى السلطات القضائية بدولة ما محل سلطة قضائية بدولة أخرى ونيابة عنها بإجراءات قانونية بمناسبة التحقيق بدعوى قائمة والتي تجيز للسلطة القضائية في الدولة المطلوب منها الإنابة أن تقوم بجميع السلطات المقررة لها – قانوناً – من سماع شهود وانتقال المسرح الجريمة ومعاينة وتلقي تقارير الخبراء ومناقشتهم في تقاريرهم والقيام بكافة الإجراءات القانونية المقررة في أية دعوى جنائية.
وقد بينت المادة (15) كيفية طلب تلك النيابة القضائية في القضايا الجزائية، حيث نصت في الفقرة (ب) على أن ترسل طلبات الإنابة القضائية في القضايا الجزائية المطلوب تنفيذها لدى أي من الأطراف المتعاقدة مباشرة عن طريق وزارة العدل لدى كل منها، وفي دولة الكويت يقوم قسم خاص في مكتب التنفيذ الجنائي باستلام طلب الإنابة القضائية، ومن ثم يقوم بإحالتها إلى الجهات المختصة.
كما أن المادة (16) حددت الشكل المتطلب في طلب الإنابة القضائية، وقررت أنه يجب أن يكون محرراً وفقاً القانون الطرف المتعاقد الطالب، ويجب أن يكون مؤرخاً وموقعاً عليه ومختوماً بخاتم الجهة الطالبة هو وسائر الأوراق المرفقة به، وذلك دون حاجة للتصديق عليه أو على هذه الأوراق. ويتضمن طلب الإنابة القضائية نوع القضية والجهة الصادر عنها الطلب، والجهة المطلوب إليها التنفيذ، وجميع البيانات التفصيلية المتعلقة بوقائع القضية وبالمهمة المطلوب تنفيذها وخاصة أسماء الشهود، ومحال إقامتهم، والأسئلة المطلوب طرحها عليهم ويتم تنفيذ الإنابة القضائية وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها في قوانين الطرف المتعاقد المطلوب من الإنابة، وفي حالة رغبة الطرف المتعاقد الطالب للإنابة القضائية وبناء على طلب صريح في تنفيذ الإنابة القضائية وفق شكل خاص، فإن المادة (18) من اتفاقية الرياض أجازت ذلك بشرط أن لا يتعارض مع قانون وأنظمة الدولة المتعاقدة المطلوب منها تنفيذ الإنابة القضائية.
وبينت المادة (20) من الاتفاقية الأثر القانوني للإنابة القضائية حيث نصت على أنه ” يكون للإجراء الذي يتم بطريق الإنابة القضائية وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية الأثر القانوني ذاته كما لو تم أمام الجهة المختصة لدى الطرف المتعاقد الطالب”.
حالات رفض الإنابة القضائية
وأخيراً لا يفوتنا في هذ الصدد أن نبين أن المادة (17) من الاتفاقية بينت الحالات الجائز فيها رفض الإنابة حيث نصت على أنه ” تلتزم الجهة المطلوب إليها بتنفيذ طلبات الإنابة القضائية التي ترد إليها وفقاً لأحكام
هذه الاتفاقية، ولا يجوز لها رفض تنفيذها، إلا في الحالات الآتية:
ا- إذا كان هذا التنفيذ لا يدخل في اختصاص الهيئة القضائية لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التنفيذ.
ب إذا كان من شأن هذا التنفيذ المساس بسيادة الطرف المتعاقد المطلوب إليه ذلك أو بالنظام العام فيه.
ج – إذا كان الطلب متعلقاً بجريمة يعتبرها الطرف المتعاقد المطلوب إليه التنفيذ جريمة ذات صبغة
سياسية.
ثانياً: دور سلطة التحقيق في ظل القانون رقم (44) لسنة 1998 المتعلق بتنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية بدول مجلس التعاون الخليجي.
جاء القانون رقم (44) لسنة 1998 والمتعلق بتنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي بما سبق وأن تبنته دولة الكويت في اتفاقية الرياض العربية، حيث بين في الباب الثاني القواعد المتعلقة بالإنابة القضائية، وذلك من خلال المواد 13، 14، 15، 16.
فقرر من خلال المادة (13) أن لكل دولة عضواً، فلها أن تطلب من أي الدول الأعضاء القيام في إقليمها نيابة عنها بأي إجراء قضائي متعلق بدعوى قائمة، وبصفة خاصة سماع شهادة الشهود، وتلقي تقارير الخبراء ومناقشتهم، وإجراء المعاينة وطلب تحليف اليمين، وذلك في سائر القضايا المدنية والتجارية والإدارية والجزائية، وقضايا الأحوال الشخصية. وبينت المادة (14) من هذا القانون ومن خلال الفقرة (ب) أنه ترسل طلبات الإنابة القضائية في القضايا الجزائية مباشرة عن طريق وزارة العدل لدى الدولتين. ونصت المادة (15) على أن تلتزم الجهة المطلوب إليها التنفيذ طلبات الإنابة القضائية التي ترد إليها وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية، ولا يجوز لها أن ترفض تنفيذها إلا في حالات محددة، كان يكون هذا التنفيذ لا يدخل في اختصاص الهيئة القضائية لدى الدولة المطلوب إليها التنفيذ، أو إذا كان الطلب متعلقاً بجريمة تعتبرها الدولة المطلوب إليها التنفيذ جريمة ذات صبغة سياسية، أو إذا كان من شأن التنفيذ المساس بسيادة الدولة المطلوب إليها ذلك أو بالنظام العام فيها، وفي حالة الرفض أو تعذر التنفيذ تقوم الجهة المطلوب إليها تنفيذ الطلب بإخطار الجهة الطالبة بذلك فوراً مع إعادة الأوراق، وبيان الأسباب التي دعت إلى رفض أو تعذر تنفيذ الطلب. وكما هو الحال في اتفاقية الرياض العربية، فإن القانون رقم (44) لسنة 1998 جاء ليقرر من خلال المادة (16) منه أن تنفيذ الإنابة القضائية يكون وفقاً للإجراءات المعمول بها في الدولة المطلوب إليها ذلك، وفي حالة رغبة الدولة الطالبة في تنفيذ الإنابة وفق شكل خاص يتعين على الدولة المطلوب إليها إجابة تلك الرغبة ما لم يتعارض ذلك مع أنظمتها، ويكون للإجراء الذي تم بطريق الإنابة القضائية الأثر القانوني ذاته كما لو تم أمام الجهة المختصة لدى الدولة الطالبة.
ونصل إلى القول، بأن نص المادة (23) من قانون غسل الأموال لا يجب أن يؤدي إلى تفسير ضيق للسلطات المتاحة للنيابة العامة، من خلال أطر التعاون الدولي مع السلطات القضائية خارج دولة الكويت، إذ إن النص وإن جاء متواضعاً بالصياغة والمتن، إلا أننا كنا نفضل أن يشير إلى ضرورة الأخذ بما هو مقرر في بعض القوانين التي جاءت متضمنة لما سبق بيانه من خلال بعض الاتفاقيات الدولية، وخاصة التي تربط دولة الكويت بالدول العربية، لا أن يشار إلى الاتفاقيات الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل، وكأنه شرط لقيام التعاون، كما هو وارد من خلال نص المادة (23) من قانون غسل الأموال.
وإلى هنا سنتوقف قليلاً عن المقالات الخاصة بجريمة غسل الأموال مخافة السأم والإملال لدى القارئ وسنتعرض إلى نوع آخر من المواجهات القانونية الخاصة بقانون هيئة أسواق المال…
وسيكون المقال الأول عن: المواجهة القانونية لجريمة إساءة استعمال أو استغلال المطلع للمعلومات