قمة أسيان ودول مجلس التعاون الخليجي والصين: أبرز محاور القمة – ماليزيا 2025 الشمولية والاستدامة

رابطة أسيان ASEAN هي تكتل دولي يسعى لتعزيز التعاون الحكومي وتسهيل التكامل الاقتصادي، السياسي، الأمني، التعليمي، الاجتماعي والثقافي بين أعضائه، ودول منطقة آسيا والمحيط الهادئ. أنشأت رابطة أسيان في عام 1967 م، والتي أصبح أعضاؤها عشرة دول وهم، إندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، سنغافورة، تايلاند، بروني، فيتنام، لاو، ميانمار، بالإضافة الى كمبوديا. ومن الأهداف العامة للرابطة:
* تسريع النمو الاقتصادي في المنطقة من خلال المساعي المشتركة بروح المساواة والشراكة من أجل تعزيز أساس مجتمع مزدهر وسلمي.
* تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، من خلال احترام العدالة وسيادة القانون في العلاقات بين البلدان والالتزام بمبادئ الأمم المتحدة.
* تعزيز التعاون النشط والمساعدة المتبادلة في المسائل ذات الاهتمام المشترك في المجالات المختلفة.
* تشجيع النمو في القطاع الزراعي، الصناعي، والتجاري، بالإضافة إلى تحسين مرافق النقل والتخزين وقطاع الاتصالات.
* الحفاظ على تعاون وثيق مع المنظمات الدولية القائمة ذات الأهداف والأغراض المماثلة واستكشاف جميع السبل لتعاون أوثق فيما بينها.
* الاحترام المتبادل لاستقلال جميع الدول وسيادتها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع السعي لتسوية الخلافات بطريقة سلمية.
جدول الأعمال
من المقرر أن تتضمن قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا -أسيان، ودول مجلس التعاون الخليجي مع الصين، والتي تستضيفها ماليزيا في 5/2025 محاور عدة، من أهمها:
* التعريفات الجمركية
من أهم المواضيع على جدول أعمال قادة الدول ووزراءها المشاركون في القمة، سيكون محور أثر التعريفات الجمركية على الدول. إذ تضررت بعض دول الأسيان من القرار بنسب متفاوتة، وذلك كونها دول تعتمد بشكل كبير على التصنيع والصادرات للولايات المتحدة، ما دفع البعض منها مثل ماليزيا، إندونيسيا، تايلاند، وفيتنام إلى الإسراع في بدء مفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة – كل على حدة، وقد تُشكل هذه الخطوة شرخاً في العلاقات والتناغم بين الدول الأعضاء. ولذلك جاء محور التعريفات الجمركية، حيث يتطلب الأمر اتخاذ أفضل القرارات نحو تسريع وتيرة التكامل الاقتصادي وتنويع الأسواق والبقاء كدول أسيان موحدة لمعالجة تداعيات واضطرابات التجارة العالمية. كما يتعين على الدول الأعضاء العمل بشكل مرن وموسع مع بقية دول العالم باعتبارهم شُركاء اقتصادين للرابطة مثل دول مجلس التعاون، الصين، الهند والاتحاد الأوروبي. كما أن استمرار الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ستعطل أنماط الإنتاج والتجارة الإقليمية بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، ومنها دول الأسيان.
* التعاون الثلاثي
كما أنه من المنتظر أن تحمل القمة تعزيزات نحو التعاون الثلاثي بين دول رابطة أسيان، دول مجلس التعاون، والصين، نحو تنمية التجارة والاقتصاد، دعم وتشجيع الاستثمار، تأمين الطاقة، التعليم، الأمن، الربط اللوجستي، والحوار السياسي. إذ تهدف الدول المنظمة إلى تسليط الأنظار حول إمكانياتها ومصادرها المختلفة، وذلك خطوة نحو الاستثمار وتشجيعه، خصوصاً من منظور دول مجلس التعاون الخليجي.
* تشجيع السياحة
تشترك دول أسيان فيما بينها بمناخها الاستوائي ووجود دولها الأعضاء العشرة على مسطحات مائية كبيرة، ما يسهم في تنشيط السياحة واستقطاب الزوار إليها. وقد يكون مشروع إقرار نظام تأشيرات موحد فيما بينها، أحد العوامل المساعدة في تنشيط حركة الاقتصاد السياحي والصحي.
* تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي
كما أنه من المتوقع مناقشة بعض القضايا الإنسانية التي تتعلق ببقاء الفرد ووجوده، خصوصاً وأن رابطة أسيان تتبنى مبدأ عام يدعم السلم والتكامل المشترك. كما قد تدخل مواضيع جانبية أخرى مدخل البحث خصوصاً في قضية الحرب الأهلية في ميانمار، وتقديم المساعدات الممكنة في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. ومع ذلك تدرك دول أسيان أهمية المحافظة على مبادئها التي جاءت لأجلها من عدم التدخل في شؤون بعضها البعض. كما أن ضرورة تكثيف جهود حل الأزمة، يعتبر من الأهمية للحد من تخطي الحدود وتزايد أعداد اللاجئين الذين قد ينزحون إلى الدول المجاورة، وبالتالي ارتفاع عدد الجرائم المحتملة. بالإضافة إلى قضايا أخرى قد تثار، مثل قضية النزاعات في بحر الصين الجنوبي. يتضمن هذا المحور مناقشات أخرى مثل تعزيز الأمن الغذائي والتمكين الزراعي، بالإضافة إلى التعليم ومحو الأمية.
* التنمية المستدامة
تدرك الدول المشاركة أهمية المحافظة على البيئة وتطبيق محاور برنامج الأمم المتحدة المتعلق بالتنمية المستدامة، وذلك نحو خلق بيئة مستقبلية أفضل. يأتي هذا المحور من الأهمية، كون أن الكثير من دول رابطة أسيان تعتمد على الصناعة بطرق تقليدية، ما قد يكون لديها تأثير سلبي على البيئة والمجتمع. لذا قد يكون لهذا المحور من الأهمية في الحوار، والذي يتضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، المحافظة على البيئة، التحول إلى الأخضر، بالإضافة إلى تقليل انبعاث الكربون، والتحول الرقمي والابتكار.
التحديات الإقليمية
على الرغم من وجود الكثير من مساحات الالتقاء المشتركة بين الدول، إلا أنه بطبيعة الحال توجد بعض المحاور التي قد تحتاج إلى حلول مبتكرة لمواجهتها. ومن الأمثلة على التحديات الإقليمية التي قد تناقش خلال هذه القمة:
* صعوبة اتفاق جميع أعضاء دول أسيان فيما بينها حول موضوع التعرفة الجمركية، كونها مرتبط بأبعاد اقتصادية سياسية أخرى، يجعل من أن بعض الدول قد تضطر مرغمة إلى التفكير في مصلحتها الخاصة.
* اختلاف مصالح بعض دول رابطة آسيان مع سياسة الصين، وذلك حول موضوع بحر الصين الجنوبي، والذي تطالب فيه الصين.
* إتمام اتفاقية التجارة الحرة بين رابطة أسيان، وبقية دول العالم.
* النزاع الدائر في ميانمار.
* تشجيع الاستثمار الأجنبي، وتأمين مؤسسات الأعمال.
جمهورية الصين
تعتبر رابطة آسيان أكبر شريك تجاري للصين والتي بلغت 234 مليار دولار في الربع الأول من 2025، كما أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر لدول مجلس التعاون الخليجي. وعليه من المنتظر أن يكون لوجود الصين على قمة المفاوضات، من الأهمية في تعزيز دورها الاقتصادي. ولذلك سيكون الدور المتوقع للصين في هذه القمة:
* تسعى الصين لتسويق نفسها كشريك تجاري موثوق، قريب من دول أسيان وبقية دول مجلس التعاون الخليجي. وفي مقابل ذلك، تدرك حجم التوترات لديها مع بعض دول الآسيان بشأن المطالبات المتنافسة في بحر الصين الجنوبي.
* من المنتظر توجيه دول الآسيان في مواجهة الولايات المتحدة، خصوصا بعد أزمة التعرفة الجمركية.
* تطبيق نظام التسوية عبر الحدود لليوان الرقمي، والذي سيعتبر بديل للدولار الأمريكي.
فرص استثمارية واعدة
كما أنه من المتوقع أن تستمر دولة الكويت في دورها الدبلوماسي الداعم لتحقيق السلام، والذي يبحث عن المصلحة العامة، وتحقيق مبادئ العدالة. وفي سبيل ذلك من المتوقع تبني دولة الكويت مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي محاور من أهمها:
* تعزيز التكامل الإقليمي بين الدول.
* تطوير قنوات التعاون مع رابطة اسيان والصين في المجالات المشتركة، خصوصا في قطاعات مثل الصناعة، التكنولوجيا، والزراعة.
* تشجيع الاستثمار في قطاعات الأعمال الأخرى، مثل الموارد الطبيعية، التعدين، العقار والبناء، السياحة وقطاع الضيافة، الخدمات المالية، النقل واللوجستيك.
* الدفع نحو حل الأزمة الإنسانية في غزة وبقية دول المنطقة.
الجانب السياسي والاقتصادي
تكمن الأهمية الاقتصادية لرابطة أسيان أن نموها السنوي يبلغ 4%، ما يجعل التنبؤ الإيجابي بشأنها واضحاً جداً، مقارنة ببقية دول العالم. كما أن عدد سكان دول الأسيان بلغ 678 مليون نسمة – ما جعلها في المركز الثالث عالمياً بعد الصين والهند – والذي يكمن في كونها مصدراً مهماً من مصادر الموارد البشرية والقوى العاملة حول العالم. إضافة إلى أن الناتج القومي المحلي GDP للدول الأعضاء مجتمعة قد بلغ 3.8 تريليون دولار – وفي المركز الخامس عالمياً. وبذلك فإنه من المتوقع أن يصل النتائج القومي المحلي للأسيان 5.0 تريليون دولار في العام 2030 – يعادل حجم اقتصاد جمهورية ألمانيا الاتحادية. ولذلك أدركت دولة الكويت أهمية المشاركة العليا في تلك القمة والحفاظ على مساحات أكبر مع دول الرابطة، خصوصاً وأن إجمالي واردات دولة الكويت من دول الأسيان كان حوالي 381 مليون دولار، ما يسهم في التنوع في الاستيراد.
وفيما يلي جانب من أهمية القمة لدولة الكويت على المستوى السياسي والاقتصادي:
* ترسيخ نهج الشراكة الدولية والحوار السياسي، وتعزيز التواصل مع مختلف التكتلات الإقليمية، مع التنسيق المتبادل.
* تنويع مصادر الدخل، نحو بلوغ رؤية الكويت 2035.
* الاستثمار بالقطاع الصناعي والحصول على هوامش ربحية أفضل، بالإضافة إلى توافر الأيدي العاملة.
* دعم قطاع الطاقة والاستثمار بقطاع الطاقة البديلة.
* تعزيز الأمن الغذائي، والاستثمار في القطاع الزراعي.
الاتفاقيات ومذكرات التفاهم
تعتبر قمة أسيان مع الصين، المنعقدة في ماليزيا 5/2025 فرصة جيدة لدولة الكويت لتعزيز علاقاتها مع دول جنوب شرق آسيا وجمهورية الصين الشعبية، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات الاستثمار والتجارة والطاقة. ولذلك من المنتظر أن تشهد القمة توقيع العديد من الاتفاقيات ذات الصلة، والتي تتضمن المزيد من القيم المضافة لدولة الكويت في المستقبل.
التجربة الآسيوية
تعتبر التجربة الأسيوية في التجارة من التجارب الرائدة، وذلك كونها تحمل نمو متسارع في ظروف مالية صعبة. ولا تختلف قطاعات الأعمال الأسيوية الأخرى عنها، فقد استطاعت تلك الدول توجيه رؤوس الأموال العالمية إليها، في مجالات متخصصة مثل القطاع الصناعي وقطاع التكنولوجيا. ولذلك تعتبر الميزة النسبية التي تحملها الدول في آسيا، فرصة جدية لزيادة العوائد على الاستثمارات خصوصاً بتوافر الأيدي العاملة الداعمة للقطاع الصناعي. وفيما يلي بعض محاور الاستفادة التي تمكن دول مجلس التعاون الخليجي من تحقيق المصلحة المتبادلة:
* ينبغي في البداية التأكيد بأنه إجمالي تجارة السلع الأولية لدول مجلس التعاون الخليجي مع جمهورية الصين بلغ نحو 298 مليار دولار، وشكلت صادرات دول مجلس التعاون حوالي 36% من إجمالي واردات الصين من النفط الخام.
* وما يؤكد الاستفادة التي تحصل عليها دول مجلس التعاون من التجربة الأسيوية، فقد كانت القمة الأولى في 10/2023 في العاصمة السعودية الرياض، والتي أبدت بها الدول الست تطلعها لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين رابطة الآسيان وفتح آفاق جديدة للتعاون في جميع المجالات.
* تكمن أهمية قمة دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة “الآسيان” في كونها الأولى من نوعها على مستوى قادة الدول، وأنها تعكس انفتاح دول مجلس التعاون، على الشراكات مع التكتلات الفاعلة في المجتمع الدولي، بهدف تعزيز مكانة مجلس التعاون لدول الخليج العربية عالمياً. لذلك فإنه من المتوقع استفادة دول مجلس التعاون الخليجي من التجربة الأسيوية من حيث وجود بدائل ومنتجات أخرى، بأسعار تنافسية. كما أن عدد سكان دول أسيان والذي بلغ حوالي 678 مليون نسمة، جعل الميزة التنافسية لديها عالية خصوصاً في قطاع التصنيع والصناعات التحويلية.
التوقعات المستقبلية
تمثل هذه القمة من الأهمية كونها تساهم في الحوار والتواصل، إضافة إلى كونها منصة جيدة للاستمرار في عمليات دعم الاقتصاد. ولذلك فمن المنتظر أن تحقق القمة المزيد من الإضافات على المستوى العالمي، بين المجموعات المشاركة ومنها:
* تسريع وتيرة التكامل الاقتصادي الإقليمي وتنويع الأسواق والبقاء بشكل متحد نحو معالجة تداعيات اضطرابات التجارة العالمية الناتجة عن الزيادات الشاملة في التعريفات الجمركية. إذ تسعى دول أسيان إلى فتح آفاق تجارية وأسواق جديدة مع الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، في حال استمرار الأزمة الجمركية.
* اغتنام فرصة التغير الاقتصادي العالمي، نحو تعميق التكامل الاقتصادي الإقليمي، ما يسهم في حماية أسيان بشكل أفضل من الصدمات الخارجية.
* تعي الدول الأعضاء بأن مصلحتها تأتي من الاتحاد والاتفاق فيما بينها، حيث أن رأيها سيكون مسموع بشكل أكبر في الأوساط الدولية، والالتزام بنظام التجارة الحرة العالمي.
* تعزيز وتشجيع الحوار والاتصال في القضايا المشتركة، والتي ستسهم بدورها في دعم الاقتصاد والاستقرار.
* رفض أعضاء الآسيان الانحياز إلى أي طرف سواء الصين أو الولايات المتحدة، فكلاهما شريكان تجاريان واستثماريان إقليميين رئيسيان.
* إحياء فكرة صندوق الأسيان النقدي، وذلك نحو تعزيز الأمن والملائة المالية الإقليمية.
* إطلاق رؤية الأسيان 2045، المتضمنة محاور مثل، دعم السلام الإقليمي، تشكيل سوق موحد للمستقبل، تحسين نوعية الحياة، بالإضافة إلى الترابط والاتصال. وبذلك تساهم الرؤية بدعم تطلعات الآسيان في أن تصبح قوة مركزية للسلام والتعاون والتنمية المستدامة.
الخلاصة
* تسعى الصين لتسويق نفسها كشريك تجاري موثوق مع دول أسيان وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، إذ أن هذا الحلف الاقتصادي يعادل 25.2 تريليون دولار – يمثل 83% من حجم اقتصاد الولايات المتحدة.
* تبحث دول الأسيان عن أسواق بديلة لبيع منتجاتها والمحافظة على اقتصادها من الكساد، إذ أنها تعتمد على القطاع الزراعي والقطاع الصناعي بشكل كبير.
* كما أن دول مجلس التعاون الخليجي، تبحث عن تنمية مصادرها المالية وتنويع مصادر الدخل لديها.
* لذلك فإن قمة ماليزيا 2025 تعتبر فرصة جيدة لتحقيق المصالح المشتركة التي تبحث عنها الأقطاب المشاركة فيها، إذ أن إجمالي شعوب الدول المشاركة فيها تمثل حوالي 27% من إجمالي عدد سكان العالم.
EXCPR Consultancy & Business Management Co
Source of Data
EXCPR Public Relation – Copyright
www.excpr.com
ASEAN 361- 5.2025