مقالات

خرافة الخلود

بقلم المهندس مشعل الملحم

من الغباء أن يظن أيُّ مبادرٍ أو تاجرٍ أن مشروعه التجاري سيُخلَّد، فالأصل في المشاريع التجارية الفناء. والطبيعة الاقتصادية لا تؤمن بالثبات، وكل محاولات الإنسان في إطالة عمر مشروعه هي مقاومة شغوفة لقانون التبدّل، ومصارعة للطبيعة الاقتصادية، ومعارضة للفطرة التجارية.

فالشركات، كالأحياء، تولد وتكبر، وتشيخ وتموت. بعضها يُجهَض في الرحم، وبعضها يموت شابًا، وقليل منها يُعمِّر طويلًا، لكن النهاية واحدة: الزوال. فالاقتصاد ليس ساحة للخلود، بل مسرحٌ تتبدل عليه الوجوه، وتبقى القاعدة الأزلية: من لم يتغيّر، يختفِ. ومن الجهل وسمُ الشركات التي تُصفّى أو تموت بالفشل، فهل كل شخصٍ يموت معتَلًّا؟ إن الشركات تشيخ كما يهرم البشر، وتموت كما يؤول الإنسان، ودورة حياة الاثنين متشابهة.

سقوط الفاكس لم يكن بسبب فشله، بل بسبب نجاح غيره. واختفاء التلكس لم يكن لرداءة المنتج، بل لأن العلم قد أتى بغيره. شركة Kodak، التي كانت رائدة في التصوير، لم تتوقع أن تُفلس يومًا… لكنها ماتت لأنها أنكرت تغيّر الزمن. Nokia، التي أمسكت العالم من عنقه، سقطت فجأة حين تجاهلت التحول الذكي في الهواتف. Blockbuster، إمبراطورية تأجير الأفلام، انتهت بصفعة من شركة كانت تُرسل أقراصًا بالبريد: Netflix. بل حتى إمبراطوريات خلدها التاريخ، مثل East India Company، التي سيطرت على نصف الأرض، انتهت كما تنتهي الشركات الصغيرة: بقرار تصفية.

..

لا تشمت بمن سقط فربما تليه، ووقوفك، منتصباً.. ربما.. يكون كخيال المآتة.. لا شيء يعنيه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى