مقالات

أضرار غسل الأموال القذرة من الناحية الاجتماعية

توقفنا في المقال السابق عند الحديث عن أضرار غسل الأموال من الناحية الاجتماعية وها نحن أولاء نبين أهمها :

1- ازدياد معدلات الجريمة .

2- وزعزعة الأمن والاستقرار في المجتمعات ولا يخفى ان غسل الأموال يؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية ، حيث إن هناك علاقة بين غسل الأموال وحركات الإرهاب الدولي والعنف الداخلي ، فضلاً عن نشاط المافيا العالمية ودورها في حدوث الانقلابات السياسية في بعض الدول النامية الأمر الذي يزعزع أمن واستقرار المجتمعات .

3- كل هذه الأضرار وغيرها تجعل للبحث قيمة واهمية بالنسبة للدول والمجتمعات بشكل عام .

أهداف الدراسة :

ترمي هذه الدراسة في مجملها إلى تحقيق عدة أهداف متكاملة لعل أهمها ما يلي :

1- تحديد المفهوم القانوني لغسل الأموال من الجريمة المنظمة والاقتصاد الخفي .

2- إلقاء الضوء على التطور التشريعي لجريمة غسل الأموال على الصعيد الدولي والإقليمي وفي النظم المقارنة ( مصر والكويت نموذجاً ) .

3- توضيح مصادر الأموال غير المشروعة ، وتطورها والذي ينعكس بدوره على تطور السياسة التشريعية في تجريم غسل الأموال .

4- تحديد التكييف والطبيعة القانونية لجريمة غسل الأموال والتعرف على مراحلها وأساليبها والطرق والتقنيات التي تستخدم في عملية غسل الأموال ، بهدف مكافحة الجريمة ومصادرة الأموال غير المشروعة .

5- تهيئة المناخ الاستثماري ، وذلك بإضفاء الثقة على المؤسسات المالية في مصر ، لتمهيد الطريق لجذب المزيد من الاستثمارات الشرعية .

6- العمل على رفع اسم مصر والكويت من قائمة الدول غير المتعاونة في مجال مكافحة عمليات غسل الأموال طبقاً لتوصيات FATF ، ولاسيما وأن معظم المنظمات والمؤسسات والهيئات الدولية قد تربط بين المساعدات والمنح المالية وبين تنظيم إدارة عمليات الرقابة على المعاملات المالية التي تجري بداخل المؤسسات المالية المصرفية .

7- استحداث الوسائل العملية والقانونية التي من شانها العمل على تكوين جهاز رقابي ، وتحدد سلطاته واختصاصاته للعمل على مكافحة عمليات غسل الأموال ، فضلاً عن تدريب العاملين بالمؤسسات المالية ، وإيجاد قاعدة بيانات ، وخلق كوادر جديدة تٌعني بأهمية مكافحة عمليات غسل الأموال .

وفي الختام ، المأمول هو ان يكون هذا البحث إضافة للمكتبة القانونية العربية ، وأن يكون عوناً للقائمين على تنفيذ التشريعات ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال ، والتي يمكن وصفها – بحق – أنها جريمة العصر .

 الأسئلة البحثية ( والتي من المفترض أن يجيب عنها البحث )

ليس من ريب / أن الموضوع الذي قمت باختياره وخططت له للبحث فيه أثار أمامي عدة تساؤلات حول هذا القانون بشكل عام منها :

  • هل يٌشكل هذا القانون مساساً بحرية الأفراد ؟ أو سرية حساباتهم المالية ؟
  • هل يجسّد القانون عبارة ” من أين لك هذا ؟
  • هل يٌلزم الأفراد دائماً بتبرير مصدر أموالهم ؟
  • أين موضع قرينة البراءة من هذا القانون ؟

لقد حاولت جاهداً أن أخفف من خشية كل من يتساءل حول هذه المواضيع بأنه يقع على عاتق القضاء عموماً ، وعلى الأخص القضاء الكويتي أن يبين الخطوط والفواصل مستقبلاً والتي تعطي حداً ومساحة للسلطة في التدخل في حياة الأفراد ، نظراً لعمومية نصوص قانون غسل الأموال الكويتي وتوسعها ، والفهم السائد في الأوساط المناط بها تنفيذ تعليمات البنك المركزي الكويتي .

وفي تقديري أن هذا النوع من القوانين يحمل – دائماً – في طياته نوعاً من المساس بحرية الأفراد ، ومساساً بحرية حياتهم الخاصة ، التي يحرص المشرع – دائماً – على إفراد العديد من القواعد القانونية التي تكرس لحمايتها ، ومن ثم كان لا بد من اخذ تلك القواعد بعين الاعتبار لدى تطبيق قانون غسل الأموال ، والنظر إلى الفرد على انه متمتع دائماً وأبداً بقرينة البراءة لكافة أعماله التي يقوم بها .

  • ثمة مشكلة أخرى يتعين بحثها والإجابة عنها وهي متعلقة بـ :   

التوازن بين الأمن القومي وحقوق الإنسان كركن في مكافحة غسل الأموال عند مواجهته قانوناً وحدود هذا التوازن ، وما يستتبع ذلك من حق المتهم في ممارسة حقه في الحياة الخاصة ، وحقه في المحاكمة المنصفة …الخ

  • ثم ماذا عن إثبات القصد الجنائي في جرائم غسل الأموال .. وكيفية إثبات الركن المعنوي وتحققه لدى الفاعل .
  • فمن المتفق عليه أن أهم نتائج قرينة البراءة أنها تلقى بعبء إثبات أركان الجريمة كالركن المادي والمعنوي على عاتق ممثل المجتمع ، وهو هنا في جرائم غسل الأموال النيابة العامة ، إلا أن الأمر فيما يتعلق بالركن المعنوي عامة ، وفي جرائم غسل الأموال خاصة أمر في غاية الصعوبة ، فالطبيعة الخاصة لجريمة غسل الأموال تحتم ضرورة أن يعلم المتهم بارتكابها ، أي أن تلك الأموال قد نتجت أو متحصلة من جريمة سابقة والتي تشكل لجريمة غسل الأموال الشرط المفترض .
  • كذلك طرحنا سؤالاً بشأن بيان الوضع القانوني في ظل سكوت المشرع الكويتي عن هذه الفرضية وهو ماذا لو قام شخص ببيع خمور في الولايات المتحدة والمتاجرة في الحشيش في هولندا أو إحدى الدول التي تتيح هذا النوع من المخدرات ، ثم قام بتحويل المبالغ المتحصلة من هذه السلوكيات المجرّمة وفقاً لقانون الجزاء الكويتي فهل هذه السلوكيات المجرّمة وفقاً لقانون الجزاء الكويتي ، فهل يسأل القانون عن تلك الأموال ، باعتبارها متحصلة عن جرائم ، وباعتبارها تشكل جريمة غسل أموال ، إذا ما قام بإضفاء المشروعية عليها بشراء العقارات او الأسهم والمتاجرة فيها في دولة الكويت .

أم أن هذا العمل غير مجرّم ، ولا يخضع بالتالي لقانون غسل الأموال باعتباره ترتب على سلوكيات غير مجرّمة في البلد الذي تمت فيه تلك الأفعال .

  • وهل المشرع الكويتي عالج هذه الفرضية ؟ ورأينا الخاص في هذه المشكلة كل هذه الإشكاليات وغيرها سنطرحها في ثنايا البحث .

كذلك من الأسئلة التي فرضت نفسها على بساط البحث :

  • هل يمكن مساءلة الأشخاص الاعتبارية جنائياً عن جرائم غسل الأموال ؟ وما نوع هذه المسؤولية ؟
  • مما يتكون الشرط المفترض في جريمة غسل الأموال ، وما فلسفة وخطة تشريعات مكافحة غسل الأموال في تحديده ؟
  • ما صور السلوك الإجرامي في جريمة غسل الأموال ؟ وهل يتصور الشروع فيها ؟ وما هي مساحة الاشتراك ؟
  • ما هي العقوبات لجريمة غسل الأموال في التشريع المصري والمقارن ( الكويت ) وما هي الظروف المشددة للعقاب عليها ؟ وهل يجوز إعفاء الجاني من العقاب ؟

ومن خلال هذه الأسئلة السابقة وغيرها سيتبين لنا أوجه القصور التي تكتنف التشريع المصري والكويتي والأوجه التي يمكن الاستفادة منها في التشريعات المقارنة .

وفي المقال القادم – بإذن الله – سنتحدث عن مختلف التعريفات التي قيلت بشأن غسل الأموال .

                                                                                      الدكتور/ جلال سعد عثمان

                                                                                  مستشار قانوني  

Dr.galalsaleh59@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى