الدعم الذكي … معادلة رابحة بين الدولة والمواطن
بقلم – خالد محمد المطوع
تتجه العديد من الدول اليوم إلى تطوير مفهوم الدعم، ليس عبر تقليصه، بل من خلال رفع كفاءته وربطه بالسلوك الإيجابي. فالدعم لم يعد مجرد بند إنفاق ثابت، بل أداة اقتصادية مرنة يمكن توظيفها لتحقيق الاستدامة المالية وتحسين كفاءة استخدام الموارد، مع الحفاظ على البعد الاجتماعي وعمق الاستقرار الذي يحققه وينعكس بدوره على مستوى الإنتاجية.
وتشير تجارب دولية متعددة إلى أن ربط الحوافز بالاستهلاك الرشيد للطاقة أسهم في خفض الاستهلاك المنزلي بنسب تراوحت بين 8% و15% خلال فترات زمنية محدودة، من دون اللجوء إلى رفع الأسعار أو المساس بمستوى معيشة المواطنين، وهو ما يؤكد فاعلية التحفيز الإيجابي مقارنة بالحلول المباشرة.
في الكويت تُقدَّر كلفة دعم الكهرباء والماء بنحو 3 مليارات دينار سنويًا، وفق بيانات حديثة، وهو ما يعكس الفارق الكبير بين التكلفة الفعلية للإنتاج والأسعار الرمزية التي يتحملها المستهلك. ومع كون مستويات الاستهلاك من بين الأعلى عالميًا، فإن تحقيق خفض في الاستهلاك بحدود 8% إلى 10% يمكن أن يحقق وفورات سنوية تقديرية تتراوح بين 200 و300 مليون دينار، من دون أي تعديل على التعرفة أو فرض أعباء إضافية على المواطن.
وفي هذا السياق، يمكن توظيف التموين الغذائي كحافز داعم للترشيد، بحيث يُكافأ المواطن الملتزم بخفض استهلاك الكهرباء والماء بمزايا تموينية إضافية ضمن النظام القائم، من دون المساس بأسعار الطاقة أو إضافة أعباء تنظيمية جديدة. وبهذا، يُعاد توجيه جزء من وفورات الدعم إلى دعم معيشة المواطن بشكل مباشر وملموس، بدل أن تبقى مجرد أرقام محاسبية… والأفكار عديدة وكثيرة تحتاج إلى الاستعانة بكفاءات مبدعة تفكر خارج الصندوق والإطار التقليدي.
اقتصاديًا، فإن هذا التوجه يعزز الطلب على السلع الاستهلاكية الأساسية، وينعكس إيجابًا على نشاط السوق المحلي وحركة البيع لدى التجار، ويساعد في الوقت نفسه على تخفيف الضغط التدريجي على الميزانية العامة، مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
إن التحول نحو الدعم الذكي لا يمثّل تغييرًا في فلسفة الدعم بقدر ما هو تطوير في استخدام أدواته، التي تقوم على تشجيع السلوك الإيجابي وتحقيق كفاءة أعلى في الإنفاق العام. فالدعم الأكثر فاعلية ليس بالضرورة الأكبر حجمًا، بل الأدق توجيهًا والأوضح أثراً.
سياسات التحفيزالإيجابي أثبتت كفاءة ونجاح، وساهمت في تغييرسلوكيات متراكمة، والمعادلة بسيطة تحتاج فقط إلى التحرر من الجمود في استغلال الطاقات، وتوظيف المعطيات وفق آليات ذكية تعتمد على إحداث الأثر وقياسه للتأكد من فعاليته ونجاح المسار.




