“الاقتصادية “تنشر تفاصيل الاستراتيجية الصناعية الوطنية لدولة الكويت 2035 (45)
الكويت تحتاج برنامج ينظم عملية إعادة تدوير المواد المستخدمة من المخرجات الصناعية

لا قوانين ملزمة أو نظام يحفز المصانع على استخدام مواد مدورة في عمليات التصنيع
يجب الحرص على إخراج منتجات قابلة لإعادة التدوير
آليات جمع وفرز وإعادة تدوير النفايات هي الخطوة الأولى نحو الاقتصاد الدائري
اتباع الاستدامة الصناعية من أهم العوامل للنهوض بالقطاع الصناعي الكويتي
تطبيق ممارسات الاستدامة الصناعية تحسن كفاءة العمليات الصناعية وتقليل التكاليف
تعلي الاستدامة من سمعة الشركات الصناعية في المجتمع المحلي والعالمي
ارتفاع مستويات الثقة وجاذبية الاستثمارات للشركات المتبنية لمبادئ الاستدامة.
كتب خالد السهل:
تواصل “الاقتصادية ” نشر الاستراتيجية الوطنية لدولة الكويت التي أنجزتها الهيئة العامة للصناعة والتي تحوي العديد من المفاصل والمرتكزات الاستراتيجية الحديثة التي تغطي قطاعات جديدة، وأخرى تأخذ في الحسبان تحقيق الأمن الغذائي والدوائي وتطرقت لأول مرة إلى أنشطة المشتقات البتروكيماوية والمعرفة وغيرها من القطاعات المستقبلية الطموحة.
المتصفح للاستراتيجية يمكنه أن يتفاءل بمستقبل القطاع الصناعي لكن أهل القطاع الحقيقيين ” وأصحاب المهنة ” غير متفائلين خصوصا وأن لهم تجارب مريرة أبسطها في ملف توزيع القسائم المتعثر منذ سنوات، وخير دليل ملف منطقة الشدادية الصناعية التي زارها أكثر من 5 وزراء ولم يتحلحل هذا الملف.
باختصار، القطاع الصناعي يعد أهم قطاع اقتصادي يمكن البناء عليه ليكون الرديف القوي الآمن للنفط الذي يشكل أكثر من 90% من ميزانية الدولة، فالصناعة قطاع منتج مدر للسيولة ويحقق قوة اقتصادية ومالية في آن واحد.
ومن مميزات السوق الكويتي أن الخبرة الصناعية متوافرة والطموح كبير ورأس المال وفير، لكن كل ما يحتاجه الصناعيين توفير بيئة مرنة سهلة لممارسة أعمالهم وتوفير الأراضي للجادين.
طبيعة المرحلة المقبلة دعت الصناعيين للمطالبة بنفضة شاملة لهذا القطاع بقوة 10 درجات على مقياس ريختر، لتجديد دماء القطاع وتشكيل فريق أو مجلس صناعي مختصر العدد، مسؤول، تتم محاسبته بشكل سنوي على أرض الواقع وفقا للإنجازات الفعلية وليس الشعارات الورقية المكتوبة.
وتعميما للفائدة لرواد القطاع الصناعي، تنشر ” الاقتصادية ” الاستراتيجية الصناعية التي أنجزتها “الهيئة” وذلك على حلقات مغلفة بالأمل أن تجد هذه الاستراتيجية طريقها نحو التنفيذ لدعم رؤية التحول الاستراتيجي للاقتصاد، وفيما يلي التفاصيل:
البرنامج الثالث في الاستراتيجية الصناعية: “الاستدامة الصناعية”
تشكل العواقب البيئية تحديًا كبيرًا لقطاع الصناعة التحويلية في جميع البلدان، لا سيما بالنظر إلى تقدم عمليات الصناعة التحويلية الحالية وتعقيدها، ونظرًا لتأثيراتها الكبيرة على البيئة والتي تشكل عامل أساسي في عملية التغير المناخي المتسارعة، فقد أصبح من الضروري استحداث وتنفيذ حلول جديدة بسرعة، وتندرج هذه الحلول تحت مظلة الاستدامة الصناعية.
تعرف الاستدامة الصناعية على أنها عملية تحسين الأداء البيئي والاجتماعي والاقتصادي للمنشآت الصناعية على المدى الطويل، وذلك من خلال توفير الموارد المستهلكة في عملية التصنيع والاستخدام الحكيم والفعال للطاقة والمياه، وتقليل النفايات والانبعاثات الضارة، وإعادة استخدام المخرجات الصلبة والسائلة كمواد أولوية للصناعات الجديدة خلقت الاستدامة الصناعية طلبًا متزايدًا على الحلول المستدامة التي تدفع العديد من الفرص الصناعية، ونتيجة لذلك، فقد قامت العديد من الشركات المصنعة بتحويل عمليات الصناعة التحويلية الخاصة بهم من خلال تطوير التصميم البيئي، واستخدام المواد المستدامة، وتحسين كفاءة استخدام الموارد على طول سلاسل قيمة الصناعة التحويلية، ومن أمثلة ذلك استخدام مصادر الطاقة الصديقة للبيئة والتكنولوجيا الحديثة لتحقيق أهداف الاقتصاد الدائري.
أهمية تطوير الاستدامة الصناعية
يعتبر اتباع الاستدامة الصناعية من أهم العوامل للنهوض بالقطاع الصناعي الكويتي، حيث يساعد تطبيق ممارسات الاستدامة الصناعية في تحسين كفاءة العمليات الصناعية وتقليل التكاليف، مما يساهم في زيادة الإنتاجية وتحسين
الأرباح. وبجانب ذلك، يساعد على تحسين سمعة الشركات الصناعية في المجتمع المحلي والعالمي على أنها شركات تسهم في تحقيق الاستدامة مما يزيد التفاعل الإيجابي مع العملاء والمستثمرين والجهات الحكومية، ويساعد على زيادة الثقة والاستثمار في الشركات والصناعات المتبنية لهذه الممارسات. علاوة على ذلك، يسهم اتباع الاستدامة في تحسن الظروف البيئية والاجتماعية للمناطق المجاورة بتحسين جودة الهواء والمياه والتربة، ويحد من التلوث الناتج عن العمليات الصناعية، مما يحسن صحة وجودة حياة المواطنين في المناطق المجاورة، بالإضافة إلى تحسين ظروف العمل والعمالة في الصناعة حيث يتم تحسين السلامة والصحة المهنية، وهذا يحسن جودة العمالة ويجعل القطاع الصناعي أكثر جاذبية للمواطنين.
مسارات البرنامج:
- تبني الاقتصاد الدائري والتدوير
- تقليل الانبعاث الكربوني
- ترشيد استهلاك الموارد
- زيادة استخدامات الطاقة البديلة
- الوعي بتأثير الصناعة على البيئة

المسار الأول: تبني الاقتصاد الدائري والتدوير
يعرف الاقتصاد الدائري في الصناعة على أنه نموذج صناعي يهدف إلى تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية من خلال تدوير وإعادة استخدام الموارد والمواد بدلًا من إنتاجها واستهلاكها ورميها. وذلك استبدالا للنموذج الصناعي التقليدي الذي يعتمد على الاستهلاك الزائد للموارد الطبيعية والمواد الخام ويؤدي إلى التلوث البيئي واستنزاف الموارد الطبيعية. يعتمد الاقتصاد الدائري على تصميم منتجات وعمليات إنتاجية تسمح بإعادة استخدام وإعادة تدوير المواد والموارد بشكل مستمر، حيث تكون المخرجات الصلبة والسائلة من تلك الصناعات أو المنتج نفسه هي مواد أولية لصناعات جديدة.
تدوير النفايات الصناعية هو استخدام الموارد الصناعية القابلة لإعادة التدوير وإعادة استخدامها بدلًا من التخلص منها في المكبات الصناعية أو الأراضي الزراعية. يتضمن هذا المبدأ عمليات متعددة مثل فرز النفايات الصناعية وتحويلها إلى مواد أخرى قابلة لإعادة التصنيع والاستخدام في الإنتاج الصناعي مرة أخرى، وتقليل النفايات الصناعية من خلال إعادة استخدام المواد الأولية والمنتجات، وكذلك تطوير تقنيات الإنتاج النظيف وتحسين عمليات الإنتاج لتقليل كمية النفايات المنتجة.
يتمتع مبدأ تدوير النفايات الصناعية بالعديد من الفوائد الاقتصادية والبيئية، حيث يمكن توفير الموارد الطبيعية وتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف المرتبطة بالتخلص من النفايات الصناعية، كما يحد من التلوث البيئي وتأثير الصناعة على البيئة والصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد تطبيق مبدأ تدوير النفايات الصناعية في تحقيق التنمية المستدامة وتقليل تأثير الصناعة على تغير المناخ والبيئة في المستقبل.
تحليل الاقتصاد الدائري والتدوير
مبادرات وتجارب عالمية
على الصعيد العالمي والإقليمي، فقد أبدت معظم الدول الصناعية الكبرى والخليجية اهتماما واضحا لمبادئ الاقتصاد الدائري والتدوير، وذلك بسبب انعكاساته القيمة على القطاع الصناعي والبيئي معا.
فقد طورت واستحدثت العديد من الدول سياسات تساعد في تحقيق الاستدامة في الصناعة التحويلية، وتوفير الوصول إلى اقتصاد أكثر دائرية. على سبيل المثال، الصفقة الخضراء الأوروبية هي مجموعة من المشاريع التي تهدف إلى جعل الاتحاد الأوروبي محايدًا مناخيًّا قبل نهاية عام 2050، وهي تتضمن استراتيجية صناعية تخفف الآثار البيئية من خلال تعزيز السياسات الصديقة للبيئة.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف خطة العمل الوطنية للنفايات إلى تحسين جمع بيانات النفايات وتبادل المعلومات حيث أن الفهم الواضح لكيفية نقل النفايات، وكيفية معالجة إعادة التدوير وإعادة استخدامها، وكيفية تداول السلع المعاد تدويرها عالية القيمة، وكلها عوامل أساسية لقياس النجاح، ومن المنتظر أن يتم تعزيز الاستثمار والنمو في قطاع إدارة النفايات مع السرعة في تقديم التقارير وسهولتها بسبب الإنترنت.
مبادرات وتجارب خليجية
وعلى الصعيد الخليجي، فمن المتوقع أن يقدم نموذج الاقتصادي الدائري الذي تعتمده قطر العديد من المنافع المالية والاجتماعية والبيئية قبل نهاية عام 2030، ومن المتوقع أن تبلغ قيمتها حوالي 17 مليار دولار. ويندرج ضمن
استراتيجية التنمية الوطنية الثانية في قطر، برنامج متكامل لفرز وإعادة تدوير النفايات وتشجيع تبني تقنيات إعادة التدوير، حيث يتم استخدام نحو 20% من المواد المعاد تدويرها في مشاريع الإنشاءات. ومن خلال توليد أكثر من 30 ميغاوات من الكهرباء في مركز معالجة النفايات الصلبة المحلية، يتم تعزيز العامل الثاني في البرنامج وهو استخدام النفايات كوقود.
ويتمثل العامل الثالث في “استرجاع المواد”، حيث تشتمل النفايات المنتجة في قطر على نسبة 5% من المعادن، بما في ذلك الحديد بنسبة 70% والألومنيوم بنسبة 30%. وتشير الدراسات إلى أن المخلفات الصناعية ستشكل أكبر مصدر للإيرادات في سوق النفايات العالمية بنسبة 50%، إلى جانب الآثار الإيجابية طويلة الأمد لحماية البيئة، حيث يتم اعتماد جزء كبير من الناتج الاقتصادي للعالم على التنوع البيئي.
الوضع الحالي في دولة الكويت
في الكويت، يشهد الاقتصاد الدائري اهتماما متزايداً، إذ بدأ الحديث مؤخرا عن خطط وبرامج متعددة لتحقيق التنمية المستدامة والانتقال إلى نظام اقتصادي مستدام بعيد عن الخطط التقليدية في الإنتاج.
على الرغم من كونه توجه عالمي في القطاع الصناعي، وأنه قد تم بالفعل اعتماده وتطبيقه في القطاع الصناعي في العديد من الدول، إلا أن دولة الكويت ما زالت في مرحلة الحديث العام عن الاقتصاد الدائري دون وجود أي خطة أو برنامج واضح المعالم ينظم عملية إعادة تدوير المواد المستخدمة من المخرجات الصناعية او حث المصانع على استخدام مواد هي بالأساس مدورة.
إن عدم وجود آليات وأدوات فعلية لتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري في الكويت يعود للعديد من الأسباب، منها وبالمرتبة الأولى عدم وجود قوانين وتشريعات ملزمة أو نظام حوافز لحث المصانع على استخدام مواد مدورة في عمليات التصنيع والحرص على إخراج منتجات قابلة لإعادة التدوير. بالمرتبة الثانية، يعود الأمر إلى ضعف آليات جمع وفرز وإعادة تدوير النفايات والتي تشكل الخطوة الأولى نحو الاقتصاد الدائري.
تعنى الهيئة العامة للصناعة في دولة الكويت بإدارة النفايات الصناعية الصلبة والسائلة ومخلفات الاعمال الصناعية حيث أنه بناء على قرارات وقوانين دولة الكويت، تعنى الهيئة بمراقبة التخلص الصحي من النفايات الصناعية. في حين تعمل الهيئة العامة للبيئة على طرح مشروع استراتيجية وطنية متكاملة لإدارة النفايات. وعلى الرغم من ذلك ما زال قطاع تدوير النفايات في دولة الكويت ضعيف لافتقاره الآليات والقوانين التي تنظم عملية الفرز من المصدر وتمنع تصدير النفايات الصناعية ليتم استخدامها محليا في أنشطة إعادة التدوير، فعلى الرغم من وجود الإمكانيات التمويلية والاستثمارية والبنى التحتية اللازمة لإعادة التدوير من مختبرات والاعتمادات فلا يزال القطاع يحتاج إلى الكثير من التطوير ليكون ركيزة للاقتصاد الدائري في البلاد.
أظهرت نتائج المسح الصناعي الأخير أن ما يزيد عن 50 ٪ من مخلفات المصانع الصلبة غير الخطرة هي مخلفات قابلة لإعادة التدوير وهذا مؤشر جيد على أن المخرجات من الممكن أن يعاد تدويرها واستخدامها، ولكنها الآن تصدر لعدم وجود إمكانيات التدوير اللازمة. هذا وقد أظهرت نتائج المسح أن ربع المخرجات السائلة غير الخطرة قابلة لإعادة التدوير وهذا رقم متواضع نسبيا، ولكن من المتوقع ارتفاعه بشكل كبير مع تطبيق قوانين وآليات الاقتصاد الدائري والتدوير.
هذه النسب تعتبر غير ملائمة للوصول إلى مستوى عالي من الاستدامة في الصناعة، حيث أن الخطوة الأولى في عملية التحول نحو قطاع صناعي متبني لمبادئ الاقتصاد الدائري ومحافظ على أسس الاستدامة الصناعية هو العمل على أن تكون المخرجات الصناعية قابلة للتدوير. ذلك لأنه لا يمكن تحقيق مفهوم الاقتصاد الدائري، حتى لو لجأت المصانع لاستخدام مواد أولية معاد تدويرها فهذه المواد سوف تتقلص تدريجيا إذا لم يتم العمل على أن تكون مخرجات المصانع قابلة للتدوير الذي يعتبر المصدر الوحيد للمواد المعاد تدويرها.
لذلك لا بد من رفع نسبة المخرجات الصناعية القابلة للتدوير بشكل كبير وذلك ضمن نطاق كامل من الأنظمة والتشريعات والحوافز والعقوبات بهدف الوصول إلى أعلى نسبة من المخرجات المعاد تدويرها من هذا القطاع.