مقالات

هوية الكويت الاقتصادية … وبصمة سمو الرئيس   

بقلم: هشام الفهد

من حسن حظ الكويت في هذه المرحلة التي تحمل تحديات على الصعيد الاقتصادي أن سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد العبد الله الأحمد الصباح تخصصه الأكاديمي الدراسي الدقيق من جامعة إلينوي في الولايات المتحدة الامريكية دراسة تمويل البنوك والاستثمارات.

 ثم بدأ مسار حياته العملية في الحقل الاقتصادي من بوابة القطاع الخاص عبر شركة المركز المالي الكويتي مرورا بالبنك المركزي ثم رئيسا لبنك برقان وبعدها تنقل في مواقع عديدة في الشأن العام لحقائب اقتصادية من بينها وزارة المالية والنفط والتخطيط.

هذه التجربة الاقتصادية تعني الكثير والكثير في هذه المرحلة، وستسهل كثيرا من الولوج في أعماق ودهاليز الملفات الاقتصادية المتخمة والمثقلة بالعقبات والتحديات في ذات الوقت التي يحتاج بعضها لجراحات عاجلة جذرية وبشكل سريع.

ليس خافيا على أحد حال الوضع الاقتصادي وليس مستحيلا أو بعيد المنال أن نضع الكويت على الطريق الصحيح ونسارع الخطى لنواكب الركب الخليجي.

ليس صعبا أن نصنع هوية اقتصادية للكويت في ضوء ما تشهده المنطقة من تميز لكل دولة في مجال أو عدة مجالات منها على سبيل المثال نجد أن المملكة العربية السعودية وعت مبكرا أهمية التميز والتخصص في ملفات مثل الرياضة والترفيه والتصنيع وجذب الشركات العالمية ونسج الشركات والتحالفات الاقتصادية وأسست صناعات ثقيلة من بينها القطاع العسكري، فيما تميزت الإمارات الشقيقة في مجالات عدة في السياحة والترفيه ودخول عالم الفضاء والرقمنة وخدمات الموانئ وإعادة التصدير وقطاع الطيران وغيرها من المجالات ذات البعد المستقبلي الاستراتيجي لاسيما قطاعات الطاقة النظيفة.

فيما قطر تميزت وصنعت بصمة لها في عالم الرياضة عبر البناء والتنظيم للمحافل الدولية والبطولات العالمية والاستضافة وهي ماضية في تعزيز قطاع السياحة لديها عبر إنشاء منتجعات ساحرة بخدمات ضيافة عالمية.

الشقيقة البحرين منذ عقود تميزت كمركز مالي رائد في صناعة الصيرفة المالية الاسلامية والمصارف الحرة أو بنوك الأفشور (offshore banks) وجذبت كثير من الشركات والاستثمارات وتمضي بخطوات ثابتة على طريق تعزيز مكانتها، حتى أن بعض الشركات الخليجية تمركزت فيها كمقر إقليمي وسبق أن كانت هناك مجموعة زين.

وها هي سلطنة عمان تحتضن مصفاة الدقم أحد أبرز وأحدث المصافي النفطية وتسعى بقوة لتطوير قطاع الصناعة وجذب الاستثمارات الصناعية حسبما دعى الوفد الذي زار غرفة التجارة والصناعة مؤخرا.

أما الكويت فقد تميزت منذ عقود في مجالات عديدة وكثيرة لكن هذه القطاعات هرمت وتراجعت بسبب عدم التطوير وارتفاع جرعة السياسة على ما عداها حتى زحفت على كل الملفات الاقتصادية فجعلتها طريحة الفراش، مفتقدة حتى أهم المقومات الداعمة للنجاح الاقتصادي وهي البنية التحتية، وليس خافي على أحد حال الطرق المتآكلة منذ سنوات دون حل جذري، فمن أبسط الأساسيات أن تجد طريقا تسير فيه المركبة لتنقلك بأمان لمقر عملك أو تنقل بضاعتك لموانئ أو تذهب وتأتي من وإلى المطار عبر طريق غير متآكل.

انطلاقا من واقعنا الحالي نصدقك القول يا سمو الرئيس بأن الملف الاقتصادي هو أهم وأخطر ملف في هذه المرحلة، إن وضعت يدك عليه، وفقك الله، ستكون نجحت في وضع بصمة لن ينساها لك التاريخ وستسجل بل ستحفر اسمك بحروف من نور، فليس من السهل أبدا أن تقود سفينة تغير المسار من الانهيار الاقتصادي الممنهج بفعل التراكمات، إلى استعادة الدولة لعافيتها الاقتصادية وقوتها المعهودة.

كل عوامل وعناصر النجاح متوفرة، فقط ضع يدك على الجرح واضغط بقوة الإرادة ” زر التشغيل ” وأبعد من طريقك كل متكاسل روتيني بيروقراطي لا يملك فكر التطوير والحداثة ولا يجيد الإنجاز بسرعات قياسية واستثنائية توازي سرعة المتغيرات من حولنا. استعن بالمخلصين المبدعين أصحاب الرؤية والقرار لا المرجفين الذين يخافون من انتقادات أو حملات (X  –  تويتر سابقا (.

كلنا أمل في أن تستعيد الكويت عافيتها الاقتصادية والتجارية وأن تعود لها الريادة التي خفتت وتراجعت واهتزت تصنيفاتها وتذبذبت مع تباين أسعار النفط، فلا يجب ننسى وصول مستوى برميل النفط الى 16 دولار خلال جائحة كورونا. نتطلع أن نبني ونؤسس لمصادر دخل مستقبلية تكون رديفا للقطاع النفطي حتى لا نهتز على مؤشر أسعاره أو نكون رهينة لهذا المصدر الوحيد الذي سيخضع لقيود بسبب تغيرات المناخ. نحتاج سريعا إلى وضع أسس التحول نحو الطاقة النظيفة ودخول صناعة المشتقات النفطية لنعظم من عوائدنا، نريد أن نتحول من دائرة الاستخراج والبيع للنفط فقط إلى آفاق أكثر استدامة ولتكن فرحة والدنا حضرة صاحب السمو أمير البلاد أطال الله في عمره عندما دشن مصفاة الزور قبل أيام هي بداية الانطلاق ونقطة التحول ورحلة العطاء فاصنعوا الفرصة تلو الفرصة ليرى إنجازاتكم وليصفق لكم فرحا وابتهاجا للإنجازات وهو يرى بصمات أبنائه الكويتيين.

نريد أن نضع ملف الأمان الاقتصادي بكل تشعباته على طاولة التنفيذ المؤسسي المدروس وفق منهج علمي وتخطيط عميق قوامه الإجابة على ماذا نريد أن نكون.

نريد أن ندرك ونحدد المخاطر في عالم سريع التغير والتقلبات لم يعد يعترف سوى بالقوة الاقتصادية المؤثرة.

نريد أن تستعيد الكويت وزنها وثقلها المعهود والمعروف تاريخيا والذي بناه قادتنا عبر عقود مضت.

ننتظر النفضة الكبرى من نافذة الاقتصاد التي ستكون “شرارة” الانطلاق الحقيقية.

وكما تعرف وأنت صاحب الخبرة والدراية بلغة الأرقام منذ بداياتك الأولى أن كل المشاكل حلها في الاقتصاد، إذا انتعشت الأوضاع الاقتصادية سينعكس هذا الوضع على الجميع وستتراجع كثير من المطالب على ميزانية الدولة سواء زيادات الرواتب أو حتى التوظيف، فالقطاع الخاص عندما ينتعش ويتوسع سيخلق وظائف إجبارية وسيتيح آلاف الفرص للمواطنين لأن التوسع يحتاج أيدى عاملة وكفاءات جديدة.

عندما تؤسس شركات عامة 50% منها للمواطنين و50% للحكومة ستكون مصدر إيرادي آخر للمواطن وستنعش أعمال وأنشطة البنوك مع هذه الدوره الاقتصادية.

بمشرط الجراح الماهر أعد الحياة للاقتصاد الكويتي فهو بوابة الازدهار لكل القطاعات والمجالات وهو طوق النجاة الحقيقي، أعد صياغة كل الملفات الاقتصادية بما يواكب تحديات العصر وضعها على سكة التنفيذ ومسارها الحقيقي.

                         على الخير نلتقي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى