مقالات

من مراقب إلى قائد… كيف يمكن للبنوك الكويتية أن تتحول إلى عاصمة للتمويل المستدام بعد مؤتمر المناخ COP30؟

«الوطني» أول بنك كويتي والسادس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ينضم إلى مبادرة الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون (PCAF).

يوجد تناقض وتحدٍ تشغيلي مصرفي وأزمة هوية حقيقية تتطلب إعادة تعريف جذرية للرسالة ورؤيتها المستقبلية.

دخلنا مرحلة الخيار الحاسم للبنوك الكويتية: إما قيادة التحول أو المراوحة أمام مخاطر خسارة الأسواق والأجيال.

البنوك الكويتية اختارت أن تكون حجر أساس في معركة المناخ الجديدة.

تعتبر البنوك صانعة للأمل واستقرار المستقبل وليست مجرد خزائن أموال في زمن التغير المناخي.

إذا اجتمعت البنوك الخليجية على كلمة سواء، سيصبح الخليج مركز قرارات الاستثمار المستدام في العالم.

المصارف الخليجية اليوم أمام امتحان أكبر من مجرد ربح اقتصادي، بل رهان أخلاقي وتاريخي للدفاع عن مستقبل المنطقة في عصر الكوارث المناخية.

البنوك الكويتية والخليجية مطالبة أن تخرج من دائرة الشعار إلى مضمار المبادرة والمنافسة.

البنوك الكويتية لم تعد مجرد وسيط مالي، بل تتحول اليوم إلى مركز ثقل في هندسة التمويل الأخضر والتحول الاقتصادي المستدام الخليجي.

تستدعي المرحلة القادمة اتحاداً مصرفياً متماسكا لدول مجلس التعاون الخليجي.

يجب ألا يصبح صوت البنك الكويتي أو السعودي أو الإماراتي فردياً، بل يتحول إلى كتلة متحدة تفرض سيرتها في بورصات التمويل والحوكمة والممارسات البيئية.

دول الخليج مطالبة بتوحيد سياساتها في إدارة المخاطر المناخية وإطلاق حزم تمويل مشتركة للمشاريع المستدامة، واقتسام الخبرة والسجلات في بناء اقتصاد منخفض الانبعاثات.

انضمت البنوك الكويتية أيضاً إلى مبادرة “PCAF” الدولية لقياس نسب الكربون بدقة عبر محافظ الإقراض والاستثمار، وشاركت في الميثاق العالمي للأمم المتحدة بشأن استدامة الشركات.

تعتبر البنوك الكويتية ضمن أول ست مصارف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تنتهج الإفصاح الشامل والانضباط بمخاطر المناخ.

الوصول لهدف 1.5°C لن يتحقق بدون تكاتف بنوك دول مجلس التعاون تحت مظلة واحدة، وصياغة سياسات تمويل موحدة.

المطلوب هو توجيه رأس المال نحو استثمارات حقيقية في الطاقة المتجددة، والبنية التحتية الذكية، والتكنولوجيا منخفضة الانبعاثات.

البنوك الكويتية قد وضعت إطاراً يتماشى مع رؤية 2035 ويمهد لتحقيق الحياد الكربوني 2060.

نقلت البنوك الكويتية المعايير من حبر على ورق إلى أداء مصرفي مُقاس ومُعلن، يوفر الثقة للجمهور ويضمن القدرة على الالتزام بأسس “التحول الأخضر” دون استثناء.

ربطت البنوك الكويتية تمويل المشاريع الاستثمارية بمعايير الاستدامة، وقدمت خدمات تمويل “أخضر” للمصانع.

 

على أعتاب ثورة خضراء: البنوك الخليجية تواجه امتحان مؤتمر المناخ الثلاثين

في عام يشهد استضافة البرازيل لمؤتمر المناخ الثلاثين في بيليم، الذي سيُعقد من 10 إلى 21 نوفمبر 2025، تقف البنوك الخليجية على مفترق طرق تاريخي. لم تعد قضايا المناخ والاستدامة مجرد موضوعات جانبية أو التزامات أخلاقية اختيارية، بل أصبحت محركات حقيقية لإعادة تشكيل المشهد المصرفي العالمي وتحديد مصير المؤسسات المالية في العقود القادمة.  حيث تتجه أنظار صناع القرار المالي والمصرفي من الخليج إلى مؤتمر المناخ العالمي COP30 في البرازيل، بعد أن سجّل عام 2024 أول تجاوز مدفوع لعتبة 1.5 درجة مئوية، ودخلنا مرحلة الخيار الحاسم للمصارف والمؤسسات المالية: إما قيادة التحول أو المراوحة أمام مخاطر خسارة الأسواق والأجيال.

البنوك الكويتية، اختارت أن تكون حجر أساس في معركة المناخ الجديدة. أطلقت مجموعة من المبادرات الجريئة: تبني معايير الإفصاح المالي المتعلقة بالمناخ (TCFD)، تطوير استراتيجية متكاملة لإدارة المخاطر البيئية والاجتماعية، وتحويل عشرات الفروع للعمل بالطاقة الشمسية وتقليل حجم الانبعاثات الكربونية. ليس ذلك فحسب، بل ربطت الكويت تمويل المشاريع الاستثمارية بمعايير الاستدامة، وقدمت خدمات تمويل “أخضر” للمصانع والمنازل وقطاع السيارات الكهربائية والهجينة، إلى جانب قروض الإسكان منخفض الانبعاثات.  وباعتباره سباقاً في أخذ زمام المبادرة لتعزيز جهود الاستدامة، كان «الوطني» أول بنك في الكويت وسادس مصرف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ينضم إلى مبادرة الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون (PCAF)، والتي تضم المؤسسات المالية الرائدة حول العالم في قياس والكشف عن انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بمحفظة الإقراض والاستثمار.  كما واصل البنك العمل في إطار الميثاق العالمي للأمم المتحدة (UNGC)، الذي انضم «الوطني» إلى قائمته خلال عام 2023، ويعد أكبر مبادرة استدامة للشركات لممارسات الأعمال المسؤولة، إلى جانب تقديم البنك أول تقرير له حول التقدم المحرز في عام 2024، ما يؤكد حرص البنك على دعم هذه الممارسات التي تساهم في التنمية المستدامة للاقتصاد الكويتي. ويشكل الميثاق، الذي يضم أكثر من 25000 شركة، ونحو 3000 كيان غير تجاري في 167 دولة حول العالم، فرصة هامة للتعاون مع الشركات والمنظمات ذات الرؤية المشتركة، وتبادل أفضل الممارسات والأفكار حول كيفية إحداث تأثير إيجابي على المجتمع والبيئة.   هكذا نقلت البنوك الكويتية المعايير من حبر على ورق إلى أداء مصرفي مُقاس ومُعلن، يوفر الثقة للجمهور ويضمن القدرة على الالتزام بأسس “التحول الأخضر” دون استثناء.

لكن الطريق لا يُقطع منفرداً. إذا كانت ا البنوك الكويتية قد وضعت إطاراً يتماشى مع رؤية 2035 ويمهد لتحقيق الحياد الكربوني 2060، فإن المرحلة القادمة تستدعي اتحاداً مصرفياً خليجياً متماسكاً. دول الخليج مطالبة بتوحيد سياساتها في إدارة المخاطر المناخية، إطلاق حزم تمويل مشتركة للمشاريع المستدامة، واقتسام الخبرة والسجلات في بناء اقتصاد منخفض الانبعاثات. التعاون الإقليمي يسرّع عملية التوافق مع المعايير الدولية ويضاعف التأثير في هيئات المناخ العالمية والأسواق الغربية، فلا يصبح صوت البنك الكويتي أو السعودي أو الإماراتي فردياً، بل يتحول إلى كتلة متحدة تفرض سيرتها في بورصات التمويل والحوكمة والممارسات البيئية.

وتواجه البنوك في دول الخليج معادلة معقدة ومتناقضة ظاهرياً. فمن جهة، تعتمد اقتصاداتها التقليدية على إيرادات النفط والغاز، ومن جهة أخرى، تواجه ضغوطاً متزايدة للانتقال نحو التمويل المستدام ودعم مشاريع الطاقة المتجددة.  يوجد تناقض وتحد تشغيلي مصرفي وأزمة هوية حقيقية تتطلب إعادة تعريف جذرية للرسالة ورؤيتها المستقبلية.  توسيع التمويل المناخي سيكون موضوعاً محورياً في مؤتمر المناخ الثلاثين. في القمة الأخيرة التي عُقدت في باكو، أذربيجان، في نوفمبر 2024، اتفقت الدول على زيادة الدعم للدول النامية إلى 1.3 تريليون دولار سنوياً على الأقل من مصادر عامة وخاصة بحلول عام 2035.  هذا الرقم الفلكي يكشف حجم الفرصة الذهبية المتاحة أمام البنوك الخليجية للعب دور محوري في التمويل المناخي العالمي، شريطة أن تتمكن من تطوير القدرات اللازمة وإعداد كوادرها البشرية للتعامل مع هذه التحديات الجديدة.

دور البنوك في استهداف 1.5°C

بينما تتجه أنظار العالم إلى نقطة التحول الفاصلة لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، تبدو البنوك الكويتية والخليجية أمام امتحان أخلاقي واستثماري لم تشهده المنطقة من قبل. لم يعد السماح باستمرار التمويل التقليدي أو انتظار المبادرات الدولية خياراً، بل غدت المصارف الخليجية القلب النابض لتسريع التحول الأخضر وضمان مستقبل آمن للأجيال.  الوصول لهدف 1.5°C لن يتحقق بدون تكاتف البنوك تحت مظلة واحدة، وصياغة سياسات تمويل موحدة للمنطقة، وتبادل الخبرات في ابتكار أدوات مالية مرنة وقادرة على جذب الرساميل العالمية، والاستفادة من الزخم الذي صنعته قمة COP في الكويت والسعودية والإمارات. إذا اجتمعت البنوك الخليجية على كلمة سواء، سيصبح الخليج مركز قرارات الاستثمار المستدام في العالم، ومرجعية لمعايير جديدة تربط بين النمو الاقتصادي وحماية المناخ.

في ظل تصاعد التحذيرات من التغير المناخي وتخطي سقف 1.5° لأول مرة في عام كامل، أصبحت مسؤولية البنوك تتجاوز تقارير الاستدامة أو شعارات التمويل الأخضر. اليوم، هي مطالبة بتوجيه رأس المال نحو استثمارات حقيقية في الطاقة المتجددة، والبنية التحتية الذكية، والتكنولوجيا منخفضة الانبعاثات، فنحن بحاجة إلى ملايين الدنانير لإحداث نقلة نوعية في أنماط الإنتاج والاستهلاك، ولولا البنوك كقاطرة مالية وديناميكية، ستبقى أحلام الحياد الكربوني بعيدة المنال.

البنوك الكويتية والخليجية أمامها فرصة تاريخية

أن تفرض معايير بيئية وأحكام حوكمة صارمة، سواء عبر دمج اعتبارات المناخ في عملية منح الائتمان ومنع تمويل المشاريع الملوثة، أو من خلال دعم الشركات الناشئة في الاقتصاد الأخضر وتأهيل الأسواق المحلية لاستيعاب التحول الرقمي والبيئي معاً. لقد بات من الضروري الانتقال من الوعود إلى التنفيذ، فكل دينار يوجه للطاقة المستدامة أو الإسكان الأخضر هو استثمار في استقرار أسعار الغذاء والماء والصحة العامة، كما أنه يعزز التنافسية الخليجية في الأسواق العالمية.

باختصار: زمن الحياد ولّى، وزمن المبادرة بالأفعال حل. البنوك ليست مجرد خزائن أموال في زمن التغير المناخي، بل صانعة للأمل واستقرار المستقبل… شرط أن تختار أن تكون جزءًا من الحل، لا عقبة في طريق نجاة الكوكب والإنسان.  بينما يعيش العالم ساعة الحقيقة في سباق الحسم مع أزمة المناخ وتخطي حاجز 1.5 درجة مئوية، لم يعد الحديث عن دور البنوك الخليجية رفاهية ولا ترفاً تنظيرياً.   البنوك لم تعد مجرد وسيط مالي، بل تتحول اليوم إلى مركز ثقل في هندسة التمويل الأخضر والتحول الاقتصادي المستدام الخليجي.  البنوك الخليجية مطالبة أن تخرج من دائرة الشعار إلى مضمار المبادرة والمنافسة. فإقراض قطاع الطاقة التقليدي وحده لم يعد كافياً، والمستقبل سينحاز لمن يوازن بين الأرباح والاعتبارات البيئية الصارمة. على البنوك أن توجه التمويلات نحو مشاريع الطاقة المتجددة، وتدعم التقنيات الرفيقة بالمناخ، من الرياح والشمس إلى حلول الهيدروجين وتحلية المياه الخضراء. كل قرار تمويل لمشروع أخضر هو استثمار في استقرار المنطقة، وحماية للقطاع المالي ذاته من تهديدات الكوارث الطبيعية والاضطرابات المائية والحرارية.

إن ثقة المستثمرين العالميين واقتصادات المستقبل لن تُمنح إلا لبنوك تصمد أمام تدقيق المحاسبة المناخية والمعايير الدولية التي تفرض نفسها بصرامة غير مسبوقة. ولعل التجارب الأولى في البنوك الكويتية والإماراتية والسعودية خير نموذج—من الإفصاح عن المخاطر المناخية إلى إطلاق أدوات تمويل مستدام وأرصدة كربون ومحافظ مبتكرة، كان القطاع البنكي أخيراً جزءاً من الحل وليس عبئًا على الحلم الأخضر العالمي.

كما أن توحيد الجهود الخليجية والعمل المصرفي المشترك على مستوى المبادرات والمعايير سيسمح للمنطقة باستقطاب التمويلات الدولية العملاقة، وتعظيم النفوذ الخليجي في ملفات الاقتصاد الأخضر والحوكمة البيئية. فالمطلوب اليوم ليس فقط تمويل الانتقال، بل صناعة بنية تحتية تمويلية قوية قادرة على حماية المكاسب وتنويع الفرص، وتحقيق نمو اقتصادي أقل هشاشة وأكثر استدامة للجميع.

اليوم، كل بنك خليجي يصادق على التزام 1.5°C يصبح جزءاً أصيلاً من المعادلة العالمية لإنقاذ الكوكب، وركيزة في قصة نجاح عربي جديدة ستكتُبها الأجيال بفخر على عتبات زمن النقاء البيئي والاقتصاد المنضبط والمسؤولية المشتركة. عندما يتجاوز العالم للمرة الأولى عتبة 1.5 درجة مئوية، يُلقى على كاهل البنوك الخليجية مسؤولية تاريخية لا تختزل في التمويل ولا تقتصر على الشعارات الخضراء، بل تتطلب قيادة مسار التحول الاقتصادي والبيئي معًا. ما يحدث في غرف مجلس الإدارة اليوم يحدد مصير اقتصادات الغد: أين ستتدفق رؤوس الأموال، كيف سيُعاد تشكيل أسواق الطاقة والصناعة، ومن سيربح سباق المدن المستدامة والوظائف الجديدة؟

البنوك الخليجية أمام مفترق طريق: إما أن تتصدر القاطرة الخضراء وتستثمر بكثافة في الطاقة المتجددة، النقل النظيف، المباني الذكية، وتقنيات تحلية المياه المستدامة، أو تبقى محاصرة في دوامة الأساليب التقليدية رهينة لتقلب أسعار النفط ومخاطر الكوارث المناخية. تمويل الابتكار الأخضر ليس مجرد التزام أخلاقي، بل استراتيجية للبقاء في السوق وجذب الاستثمارات العالمية التي لن تدخل إلا عبر نوافذ الشفافية والمسؤولية البيئية.

اليوم، يعترف القطاع المصرفي الخليجي بأهمية قياس وتحليل البصمة الكربونية لكل دينار يُقرض، ويشرع في تضمين معايير الاستدامة ضمن كل قرار ائتماني واستثماري. ومع توحيد جهود البنوك الخليجية وتبني سياسات موحدة، يمكن للمنطقة أن تصبح منصة للتمويل الأخضر، وقوة مؤثرة في مفاوضات المناخ، تصوغ بنفسها مستقبلها وتقوده بلا وصاية خارجية.

الالتزام بتثبيت الاحترار عند 1.5 درجة مئوية ليس خيارًا نظريًا، بل عقد اجتماعي واقتصادي جديد. ولذا، على المصارف الخليجية أن تبرهن أنها ليست فقط حصناً للأموال، بل صانعة لرؤية المستقبل وأمل الأجيال. آن أوان الانتقال من مربع الشاهد إلى موقع القائد والإلهام الحقيقي.

في المجمل:  اتحاد بنوك الكويت مع بنوك دول الخليج استعدادا لمؤتمر المناخ العالمي COP30 في البرازيل  

المصارف الخليجية اليوم أمام رهان أخلاقي وتاريخي للدفاع عن مستقبل المنطقة في عصر الكوارث المناخية وامتحان أكبر من مجرد إعلانات الأرباح المليارية السنوية. إذا تَوحّد الشارع المصرفي في الخليج، واستمرت الكويت في قيادة التحول الرقمي والمناخ، ستصبح المنطقة نموذجاً يحتذى عالمياً، وستفتح الأبواب أمام استثمارات أجنبية مستدامة بمليارات الدولارات، وترسّخ مكانة الخليج في مركز صناعة الحلول المناخية وليس فقط في تصدير الطاقة التقليدية ( النفط والغاز).  ففي الوقت الذي يتسارع فيه العد التنازلي أمام العالم في مواجهة تأثر المناخ، يثبت القطاع المصرفي الكويتي والخليجي أنه قادر على التحوّل من مراقب إلى صانع للمستقبل الأخضر للمنطقة والأجيال القادمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى