قصة الأحدمنوعات

بصمة القطاع الخاص المجتمعية … الدور الغائب والنقد حاضر!

القطاع الخاص نوعين، نوع يحقق أرباح محلية وفيرة وكبيرة، ومدين لهذا السوق بالكثير من الوفاء بالجميل، خصوصاً وأن أغلبية الأرباح تتحقق من هذا السوق ذو الخير الوفير، بينما التوسعات في معظم الأسواق لا تكون إلا وبالاً أو للشهرة ولزوم ما لا يلزم… بدليل حجم الأرباح والأرقام التي تعكسها الميزانيات عن إيرادات وعوائد تلك الأسواق، والجميع يعترف أن 70% من الأرباح تأتي من السوق المحلي، والـ 30% من أسواق خارجية، ما يعني أن السوق المحلي يعادل أسواق عدة مجتمعة ولا يمكن أن يقارن بسوقٍ واحدة.

هذا النوع الأول من القطاع الخاص له بصمة إيجابية وبناءة، وله دور مجتمعي مزدهر وذو قيمة مضافة، على سبيل المثال شركات وبنوك قدمت مستشفيات كبرى للمنظومة الصحية، ولا تزال تواصل رعايتها والعمل على تنفيذ توسعات مستمرة لها، مروراً بأعمال تطوير أخرى ذات بصمات مجتمعية وترفيهية كجزء من رسالتها البناءة ورد الجميل.

في المقابل هناك نوع ثاني من القطاع الخاص، من النوع الناكر للجميل الذي يحقق المليارات ويحصد العقود وينتشر في كل بقاع الأرض ولا يحقق أي أرباح سوى من الكويت وعقودها.

وبالرغم من ذلك، فهذا النوع لا بصمة له، لا استيعاب أو توفير للوظائف للمواطنين، لا مشاركة في أي دور مجتمعي بناء، ونكرر بناء، فمثلاً على سبيل المثال لا الحصر تجد ضغوط وطلب كبير على مراكز أشعة الرنين المغناطيسي أو الفحوصات الطبية المتقدمة والمواعيد قد تتأخر بالشهور، فأين بصمة هذه الشركات مثلاً في تقديم 5 أجهزة تتوزع على مناطق مختلفة.

أين دور هذه الشركات والكيانات العالمية في بناء مركز متخصص لتلك العمليات التصويرية الطبية، علماً أن مثل هذه المبادرات هي لمرة واحدة وليست كل عام وتبقى واضحة أبد الدهر.

كم من المليارات حصدتها مجاميع وشركات دون أن يرتد جزء منها في قنوات ذات قيمة مضافة وليس في بصمات هشة.

 

لماذا لا تتشارك هذه الشركات في صندوق ويتم إنشاء جامعة تعليمية عالية المستوى بالشراكة والتعاون مع جامعة هارفارد مثلاً أو مع جامعات عالمية متقدمة، لتخريج أجيال مسلحة بالتعليم الحديث والنوعي، وإدخال التخصصات المطلوبة ودمج الذكاء الاصطناعي مبكراً بالتعليم، لمواكبة الطفرة بدلاً أن يتم الاعتماد على استيراد الكفاءات معلبة وجاهزة.

لماذا لا تتبنى مثل هذه الشركات التي حصدت المليارات من خيرات أرض الكويت وعقودها ومناقصاتها تعليم 20 طالباً متميزاً سنوياً في تخصصات علمية نادرة في الفضاء والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والهندسة الذرية والتقنيات الحديثة في مختلف قنوات التكنولوجيا الرقمية، خصوصاً وأن الصراع المقبل صراع تقني تكنولوجي علمي معرفي.

عندما يتم التباهي ببناء مؤسسة مرموقة أو كيان تجاري واقتصادي كبير، فمردوده يقتصر على كبار الملاك والمسيطرين وأصحاب المصلحة، هم من يجنون أرباح وتوزيعات ويرهنون الحصص مقابل ملايين من التمويل، ويحصلون على مميزات بعشرات الملايين من أراضٍ وطاقة بأسعار رمزية ولا ضرائب تذكر، كل ذلك مقابل مساهمات رمزية في دعم العمالة، أو نسبة مؤسسة التقدم العلمي التي لا تكاد تذكر.

هل توازي البصمة المجتمعية لهذه الكيانات حجم النقد والتذمر الذي يوجه عند تطبيق القانون وتصحيح الأوضاع؟ هذه الكيانات صاحبة الصفر بصمة مجتمعية من البصمات ذات القيمة المضافة، وليست البصمات من نوعية إنشاء مطب أو توزيع بالونات على أطفال حضانة.

هناك أقلية من الشركات لها بصمة مجتمعية عميقة ومؤثرة، وشركات أخرى بصمتها من نوع “البوب كورن” مع بروباغاندا إعلامية، إنفاق في قنوات لا تسمن ولا تغني من جوع لاستغلال المواقف أو الجهة أو المبادرة، وهو أشبه بإنفاق للدعاية لا أكثر.

فيما أسوأ النماذج هو النوع الذي يحصد ولا يعطي، يحصد وينتقد فقط، دون أن يعيد جزء ولو طفيف للاستثمار لأجيال هذه الأرض الطيبة، على الأقل يهدها غرساً من طيب غرسها الكريم الذي سبق وقدمته.

هل يعيد القطاع الخاص النظر في توجيه الإنفاق المجتمعي لقنوات ذات فائدة مجتمعية عميقة في مجالات العلم والمعرفة والتكنولوجيا والصحة، للارتقاء والتميز والتقدم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى