الطبقة الوسطى محرّك القوة الشرائية في الاقتصادات القوية

بقلم/ د. محمد غازي المهنا
دكتوراة في الرقابة القانونية على هيئة سوق المال m7md_almuhanna@hotmail.com
تألفت الطبقة المتوسطة في القرن الثامن عشر من التجار والصناعيين والمهنيين الذين برزوا نتيجةً للتغيرات الاقتصادية كالثورة الصناعية. وقدّروا العمل الجاد والتعليم والإنجاز الفردي، ونادوا بالإصلاحات السياسية والحرية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي.
والطبقة الوسطى فئة تقع بين الطبقتين العليا والدنيا، وتتكون من المهنيين وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة والموظفين ذوي الدخل المتوسط. يُنظر إليها على أنها عمود فقري للمجتمع، حيث تُساهم بشكل كبير في الاقتصاد من خلال الاستهلاك والإنتاج والابتكار. يمكن تحديدها بناءً على معايير مثل التعليم، الدخل، والمهنة.
تؤدي مخاطر تآكل الطبقة الوسطى إلى تهديد التماسك الاجتماعي وتراجع النمو الاقتصادي، وزيادة الاستقطاب السياسي، وضعف الثقة في المؤسسات. كما قد تؤدي إلى انتشار الفقر، وهجرة العقول، وتفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وضعف قدرة هذه الطبقة على المشاركة في الحراك السياسي والتنمية.
المخاطر الاجتماعية والاقتصادية:
انتشار الفقر: يتجه أفراد الطبقة الوسطى المتضررة نحو دائرة الفقر، مما يزيد العبء على الاقتصاد والمجتمع.
هجرة العقول: تؤدي الظروف الاقتصادية الصعبة إلى هجرة الكفاءات من الشباب ذوي التعليم العالي بحثًا عن فرص أفضل في الخارج.
تراجع المشاركة السياسية: تضعف الطبقة الوسطى المستقرة، التي تتمتع بقدرة على تنظيم مطالبها وقيادة الحركات الاجتماعية، مما يعيق قدرتها على التأثير في صنع القرار.
زيادة التفاوت الطبقي: يزيد تآكل الطبقة الوسطى من الفجوة بين الطبقة الغنية والفقيرة.
مخاطر على مستوى الدولة:
انتشار الفقر: يتجه أفراد الطبقة الوسطى المتضررة نحو دائرة الفقر، مما يزيد العبء على الاقتصاد والمجتمع.
هجرة العقول: تؤدي الظروف الاقتصادية الصعبة إلى هجرة الكفاءات من الشباب ذوي التعليم العالي بحثًا عن فرص أفضل في الخارج.
تراجع المشاركة السياسية: تضعف الطبقة الوسطى المستقرة، التي تتمتع بقدرة على تنظيم مطالبها وقيادة الحركات الاجتماعية، مما يعيق قدرتها على التأثير في صنع القرار.
زيادة التفاوت الطبقي: يزيد تآكل الطبقة الوسطى من الفجوة بين الطبقة الغنية والفقيرة.
مخاطر على مستوى الدولة والمجتمع:
تهديد الاستقرار الاجتماعي: تصبح المجتمعات أكثر عرضة للاستقطاب السياسي والاجتماعي.
ضعف الثقة في المؤسسات: يتزعزع الإيمان بالمؤسسات الحكومية وقدرتها على توفير الاستقرار والفرص للجميع.
تأثير سلبي على النمو الاقتصادي: يعيق تآكل الطبقة الوسطى عملية التحول الاقتصادي والسياسي في الدول.
ضغوط على الموارد: قد تلجأ الدولة إلى تقليل دعمها السلعي لتقليص نفقاتها، مما يزيد العبء على الطبقات الدنيا والوسطى.
ترتبط الطبقة الوسطى بشكل مباشر بالقوة الشرائية، حيث إن نمو الطبقة الوسطى يعني زيادة قدرتها الشرائية، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على السلع والخدمات وتحفيز النمو الاقتصادي. وعلى العكس، فإن ضعف الطبقة الوسطى وتضاؤل قدرتها الشرائية بسبب انخفاض الدخل أو ارتفاع الأسعار، يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي وزيادة عدم الاستقرار الاجتماعي.
علاقة بين الطبقة الوسطى والقوة الشرائية:
القوة الشرائية للطبقة الوسطى: تعرف الطبقة الوسطى بأنها مجموعة من الأفراد الذين يكسبون عيشهم من العمل المكتبي والمهن الحرة، ولديهم مستوى تعليمي وثقافي معين، ويكونون غالبًا بمثابة حلقة وصل بين الطبقات العليا والدنيا. قوتهم الشرائية تعتمد على دخلهم وقدرتهم على شراء السلع والخدمات الضرورية وبعض الرفاهيات.
التأثير الاقتصادي:
نمو الطبقة الوسطى: يساهم في النمو الاقتصادي من خلال زيادة إنفاق المستهلكين، مما يعزز الطلب ويشجع الشركات على التوسع. كما أن هذه الطبقة تساهم في الإنتاج والإبداع وتشكل قوة ادخارية واستثمارية مهمة.
تآكل الطبقة الوسطى: يؤدي إلى تراجع الطلب وتباطؤ النمو الاقتصادي. كما يؤدي إلى تزايد عدم الاستقرار الاجتماعي، حيث يشعر أفرادها بالإحباط ويسعون للهجرة أو البحث عن بدائل.
تأثير القوة الشرائية على الأفراد:
ارتباط مباشر: ترتفع القوة الشرائية وتنخفض مع تغير الدخل والأسعار. فارتفاع دخل الفرد يؤدي إلى زيادة قدرته الشرائية، بينما يؤدي غلاء الأسعار إلى انخفاضها.
جودة الحياة: تؤثر القوة الشرائية بشكل مباشر على جودة حياة الأفراد، حيث تحدد قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الطعام والسكن والتعليم. كلما ارتفعت القوة الشرائية، تحسن مستوى معيشتهم ورفاهيتهم.
وإن الطبقة الوسطى تعد الرافعة للاقتصاد الوطني، فمن خلالها يتحقق الاستقرار والازدهار الاقتصادي، وتحقيق التوازن المجتمعي الذي يمثل ضمانة للاستقرار السياسي.
كما أن دعم وتقوية الطبقة الوسطى يسرع من عملية الإصلاح السياسي، مشيرين إلى أن أي تآكل أو تلاشي لهذه الطبقة سيلقي بظلاله على معدلات النمو والطلب والاستهلاك في الاقتصاد، ما سينعكس سلبًا على إيرادات الخزينة.
وأن تبني مجموعة من السياسات يعيد الاقتصاد الوطني إلى مساره الصحيح، ويسهم في توسيع شريحة الطبقة الوسطى بحيث تشكل هذه السياسات استراتيجية تنموية ورؤية متكاملة وفق إطار زمني ومؤشرات واضحة قابلة للقياس، إضافة إلى تحسين مداخيل المواطنين وتحسين مستوى الخدمات الأساسية المقدمة لهم.
والطبقة الوسطى هي القلب النابض للاقتصاد، وهي القوة العاملة التي لا غنى عنها في البلاد، فارتفاع إنتاج اقتصاد الطبقة الوسطى يؤدي إلى تحسن الاقتصاد وتحوله إلى اقتصاد الابتكار.
وينظر علم الاجتماع إلى الطبقة الوسطى بأنها الطبقة التي تتمتع بقسط مناسب من الدخل والتعليم وتتضمن الموظفين والعمال المهرة ورؤساء العمل ورجال الأعمال، وغيرها. وللطبقة الوسطى دور أساسي وحاسم في تنمية المجتمع وتعزيز تماسكه وقدرته على مواجهة الصعوبات والتحديات، كما تسهم في تحقيق التوازن المجتمعي، فهي ضمانة للاستقرار السياسي والاجتماعي، إضافة إلى دورها المهم في الحفاظ على مؤسسات الدولة ومراقبة أدائها.
وأضاف أن الطبقة الوسطى تعد محفزًا أساسيًا للنمو ومصدرًا للازدهار الاقتصادي عبر توفير قاعدة واسعة من المنتجين والمستهلكين، ومصدرًا خصبًا للمبادرات الريادية التي تشجع الابتكار عبر السعي الحثيث الذي تحرص عليه لتحسين أوضاعها المعيشية.
مخاطر متعددة للتقشف:
تطرح السياسات التقشفية العربية مخاطر عديدة، خاصة على الطبقة المتوسطة، وكذلك على قطاعات وقضايا مرتبطة بهذه الطبقة، ومن أبرزها ما يلي:
أولًا – الإفقار المتزايد للطبقة المتوسطة:
تُعد النسبة الأكبر من الطبقة المتوسطة من ذوي الأجور الثابتة، ومن ثم فإن قدراتهم محدودة على التعامل مع زيادات الأسعار وتراجع الدعم الحكومي نتيجة السياسات التقشفية المتبناة من جانب الحكومات. ويبرز التخوف الأكبر من أن تؤدي تلك السياسات التقشفية إلى دفع الطبقة المتوسطة (خاصةً في الشريحة المتوسطة والأدنى منها) إلى المستويات الأدنى.
فمثلًا، أشارت دراسة أجرتها جامعة تونس خلال العام 2015 إلى تراجع الطبقة المتوسطة ضمن تركيبة المجتمع التونسي من 80% إلى 67% خلال السنوات الأربع الماضية، ما يعني أن 17.5% من الطبقة المتوسطة في تونس انحدروا فعليًا إلى تعداد الفقراء منذ 2012.
وفي مصر، من الملاحظ أن نسبة الفقر زادت من 16.7% في 1999/2000 إلى 25.3% في 2010/2011 إلى 27.8% وفقًا لتقارير جهاز الإحصاء والتعبئة لعام 2015، بما يشير فعلاً إلى تعرض عدد أكبر من الأسر المنتمية إلى الطبقة المتوسطة للوقوع في دائرة الفقر، ومن المتوقع أن ترتفع تلك النسبة بشكل أكبر في ضوء السياسات الاقتصادية الأخيرة التي تبنتها الحكومة، خاصةً إذا لم تصاحبها برامج حماية اجتماعية ملائمة لمساندة الطبقة المتوسطة.




