بقلم خالد – محمد المطوع
الملف الإسكاني من الملفات المزمنة المتضخمة التي تراكمت على مدار سنوات طويلة حتى وصلت لطريق شبه مسدود، حيث تعاقبت المجالس والوزرات وبقيت الأزمة تنمو وتنمو.
أمام ملف معقد ومتشابك ومتداخل ومهم اجتماعيا في ذات الوقت، جاءت خطوة القانون 126 لعام 2023 ليمثل نواة عملية نحو وضع أساس جيد لطريق ومسار طويل نحو حل هذه المعضلة.
الخطوة تعكس جدية واهتمام من الحكومة، ورغبة في إنهاء ومعالجة ذلك الملف معالجة جذرية تبدأ من معالجة أحد أبرز أسباب المغالاة والمبالغة في الأسعار، وهي ندرة وشح الأراضي.
دول المنطقة قامت ببصمات مختلفة في حل ومعالجة ذلك الملف. على سبيل المثال، لجأت المملكة العربية السعودية لفرض رسوم، بينما وضعت الإمارات اشتراطات بناء صارمة، ولجأت قطر لتوفير بدائل سكن حكومية جاهزة.
تخطوا الكويت حالياً بثبات، وتقف أمام أفضل فرصة تاريخية لدمج هذه التجارب، وتحويل أراضي الفضاء إلى ثروة منتجة، مساهمة في زيادة إيرادات الدولة وحل مشكلة مزمنة تمثل محور استقرار مجتمعي، وستمتد إلى تحفيز النشاط الاقتصادي المحلي عبر إعادة تدوير عجلة البناء، وهو ما يحرك العديد من القطاعات في آن واحد، ويمكن تلمس ذلك من التحالفات التي بدأت مبكراً استعداداً لورشة العمل المتوقعة، حتى أن بعض الشركات المتعثرة التي كانت تعاني وعلى شفا الإفلاس تحولت إلى فرصة ذهبية.
في كثير من الملفات الاقتصادية تكون بعض الأزمات مصطنعة بهدف خلق سوق احتكاري، واصطناع أسعار غير حقيقية تتحول إلى أزمة، والأزمة الإسكانية أحد أبرز الأزمات المختلقة والمصنعة مخبرياً، وإلا كيف تواجه واحدة من أغنى بلدان العالم أزمة “إسكان”، وتتراكم لديها أكثر من 105 ألف طلب إسكاني في حضرة الأراضي والعقول والسيولة الوفيرة.
إصدار قانون 126 لعام 2023، مروراً بتحصينه من “المحكمة الدستورية”، وصولاً لجاهزية التطبيق مطلع العام المقبل، بلا شك هي خطوة تحتاج أن يتبعها خطوات مكملة، منها أنه يجب مراقبة السوق وتلمس الثغرات التي سيتم النفاذ منها، مثل بناء الأراضي أو تحويلها إلى ما يشبه العقارات الاستثمارية وتأجيرها أو تسجيلها بأسماء وكلاء … إلى آخر الدروب الملتوية التي يتم اتباعها، والتي تقوض الحلول الحكومية.
أي التفاف على القانون يمثل تحدي للدولة وإضرار باقتصادها وتعقيد لمشكلة مزمنة تبحث عن حل، أساسها أزمة مساحات أراضي.
كل أزمة اقتصادية يجب البحث فيها عن ركن الاحتكار أولاً، ولعل النماذج العديدة في كل القطاعات التي تشهد تنافسية تؤكد تلك القاعدة، فكل قطاع تنافسي يشهد تنوعاً لمقدمي الخدمات نجد خدمة بجودة عالية وكلفة معقولة، وفي ذات الوقت ربح جيد لمصدر الخدمة.
الوسط الاقتصادي متفاءل من مسار الحكومة في معالجة الملفات الاقتصادية، حيث تنتهج مبدأ الحل الجذري من العمق بعيداً عن سياسة الترقيع المؤقتة التي تزيد الأزمات تعقيداً.
خلطة النهوض: قانون واضح، تطبيق صارم وعادل، إصلاحات مستمرة، وإغلاق للثغرات وأوجه الفساد من الالتفاف على القوانين = تفوق وتقدم اقتصادي في نهاية النفق.



