مقالات

حان الآن موعد “تقييم الأداء”

 

بقلم: تـامــــــر عبدالعزيز

أمين سر – مدير إدارة الموارد البشرية.

في عالم تتحول فيه الأعمال بوتيرة متسارعة، لم يعد تقييم الأداء مجرد نشاط إداري دوري، بل أصبح دعامة استراتيجية تُمكّن المؤسسات من تحقيق أهدافها، وتحسين إنتاجيتها، وتطوير قدرات موظفيها. تقييم الأداء يشكل جسرًا بين التوقعات والأداء الفعلي، وبين خطة المؤسسة الاستراتيجية والنتائج المتحققة على أرض الواقع.

أهمية تقييم الأداء وتأثيره على المؤسسة والموظف

تقييم الأداء بمنظوره الحديث هو أداة قياس وقيادة في الوقت نفسه. فهو يسمح للمؤسسات بتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف في القوى البشرية، ويعطي مؤشرات واضحة حول ما إذا كانت الاستراتيجيات تُنفذ بنجاح أم لا. علاوة على ذلك، يقدم تغذية راجعة بناءة تُحفز الموظف نحو تطوير ذاته، وتحديد المسارات التدريبية اللازمة له، مما يعزز من أداء المؤسسة ككل.

بحسب تقرير CIPD Middle East HR Outlook، فإن 68% من مسؤولي الموارد البشرية في منطقة الخليج يركزون على ضبط أهداف الأداء وربطها باستراتيجيات الأعمال، ما يعكس إدراكًا واسعًا لأهمية تقييم الأداء كأداة أساسية للنجاح التنظيمي.

أما على مستوى الموظف، فإن التقييم الجيد يوفر إطارًا واضحًا للمعايير المتوقعة، ويساهم في رفع مستوى المشاركة والالتزام تجاه أهداف العمل، ويقلل من معدل الدوران الوظيفي الذي يُعد من أبرز التحديات في أسواق العمل الخليجية.

طرق التقييم المفضلة والأكثر استخدامًا

هناك عدة طرق معتمدة لتقييم الأداء، كل منها يناسب بيئات عمل وأنماط أهداف مختلفة، ومن أبرزها:

* التقييم القائم على الأهداف (Management by Objectives – MBO): يربط أداء الموظف بتحقيق أهداف محددة وواضحة.

* مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs): تنقل التقييم من التقدير الشخصي إلى قياس موضوعي بالأرقام، مما يزيد من العدالة والشفافية.

* التقييم بزاوية 360 درجة: يشمل آراء المديرين، والزملاء، والعملاء، ويُستخدم كثيرًا لتقييم القيادات والكفاءات العليا.

* التقييم السلوكي والكفاءات: يركز على السلوكيات المهنية، مثل التعاون والالتزام والابتكار.

هذه الأساليب، عند دمجها مع التكنولوجيا الحديثة، مثل أنظمة إدارة الأداء الرقمية، تُحدث نقلة نوعية في كيفية قياس تطوير الموظفين وتحقيق أهداف المنظمة.

أمثلة عملية عن دور التقييم في المؤسسات

في الواقع العملي، أثبتت المؤسسات التي تربط بين تقييم الأداء ومكافآت الإنجاز أو خطط التطوير ارتفاعًا ملحوظًا في مستوى الأداء العام. على سبيل المثال:

* في دراسات على مستوى الشرق الأوسط، وجد أن اعتماد نظم تقييم الأداء المرتبطة بالأهداف التنظيمية يقلل من الأخطاء التشغيلية ويُحسّن الإنتاجية عبر وضوح المعايير وتكرار المراجعة.

* كما أن تقييم الأداء يسهم في تحديد الاحتياجات التدريبية بشكل دقيق، ما يُمكّن المؤسسات من الاستثمار في الموارد البشرية بشكل أكثر فاعلية.

أكثر الدول تطورًا في هذا العلم

من حيث النُظم والبُنى المؤسسية المتقدمة في تطوير تقييم الأداء، تتصدر المنطقة الخليجية اهتمامًا واضحًا بهذا المجال، لا سيما في:

* الإمارات العربية المتحدة، التي تمتلك أنظمة تقييم أدائها الحكومي مؤطرًا بقوانين وإرشادات واضحة، ويشمل ذلك جلسات تخطيط ومراجعة سنوية واضحة للموظفين.

* المملكة العربية السعودية وقطر، حيث تشهد المؤسسات اهتمامًا متزايدًا بربط تقييم الأداء بتحقيق أهداف رؤية وطنية طويلة الأمد، خاصة في مجالات التحول الرقمي وتطوير الكفاءات.

* الكويت والبحرين، التي تعطي أطرًا قانونية واضحة لملفات تقييم الأداء وتحديد مخرجاته وإجراءاتها في العمل الخاص والعام.

وهذا التطور لا يأتي من فراغ، بل نتيجة وعي متزايد بأهمية التنمية البشرية كعامل محرك للنمو الاقتصادي والاجتماعي في دول مجلس التعاون الخليجي.

الخلاصة

تقييم الأداء ليس مجرد عملية سنوية أو روتينية، بل هو استثمار حقيقي في رأس المال البشري. عبر قياس الأداء بموضوعية وربطه بالأهداف المؤسسية، يمكن للمؤسسات:

* تحسين كفاءتها التشغيلية.

* زيادة إنتاجية الموظفين.

* تعزيز ثقافة الأداء العالي والشفافية داخل بيئة العمل.

* توجيه جهود التطوير والتدريب بشكل أكثر دقة.

وفي زمن تتسارع فيه التحديات الاقتصادية والتكنولوجية، يصبح تقييم الأداء أداة استراتيجية لا غنى عنها لضمان استدامة التميز المؤسسي والنمو المستدام في المنطقة الخليجية.

إذا أردت إضافة بيانات أرقام دقيقة (مثلاً مؤشرات نسب معينة في دول محددة) أو تحويل المقال لأسلوب صحفي مختصر للنشر في صحيفة محددة، قول لي وسأعده لك فورًا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى